كوني مخرجاً مسرحياً فإنني أتعاطف وأنحاز بتعصب للفيلم المسرحي السينمائي المذهل (آنا كارينينا) للمبدع المخرج جو رايت، فكم ترتفع أذواقنا عندما نصادف تحفة فنية غير نمطية تعبث بمشاعرنا وتحرك اللاتقليدي في منطقة الإبداع من عقولنا، فهذا العمل وبكل جدارة استطاع أن يثير في عقلي الزوابع والبراكين التي أشعلتني وهيجتني واستفزتني لأن أفكر عكس التيار تماماً، فالواحد منا يحتاج هكذا خبطات ومفاجآت بين حين وآخر ليجدد أفكاره ويخرج بعيداً عن حيز نفسه الاعتيادي الممل، وهذه قاعدة تندرج في جميع أمور حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والإدارية، فالإبداع هو السمة التي تحرك وتحفز نحو الأمام.
في هذا الفيلم استطاع المخرج أن يستل شعرات ذهبية من عجينة تولستوي المحبوكة بإتقان في روايته الرائعة (آنا كارينينا) وأن ينقل جميع الأحداث داخل خشبة المسرح، فإذا بالناس الغارقين في أوهامهم وكذبهم وعلاقاتهم المزيفة وخياناتهم يحبسهم المخرج ولا يخرجهم من صالة العرض، فتصبح حياتهم وشوارعهم وحتى سكة قطارهم، في صور خيالية فنتازية غير اعتيادية، أما ذلك المزارع الصادق في حبه والمخلص لعمله وأرضه فقد أمتعنا المخرج بمشهد خروجه من حائط المسرح ليخرج إلى عالم واسع رحب يعمل الأيام التوالي وهو ينتظر حبيبته بصبر ونقاء بلا خيانة ولا تملق، حتى يحوز عليها نهاية الفيلم ويخرجها إلى عالمه الحقيقي، أما بطلة الفيلم كيرا نايتلي التي تمثل دور انا كارنينا فيكون مصيرها الانتحار في نفس المكان الواهم الذي نمى فيها حبها الطارئ مع عشيق مزيف المشاعر.
الأجواء الفنتازية المليئة في هذا الفيلم جعلت النقاد يعتبرونه مفرطاً في الإبداع، وتم ترشيحه لأوسكار أفضل اقتباس عن رواية، بل لعله يقتنص العديد من الجوائز الأخرى (على الأقل بانطباعي الشخصي) إنها روعة الإبداع التي تقدم لنا دروساً في الجرأة والخروج عن المألوف، فالمميز لا يخلق في أجواء هادئة باردة راكدة، بل يحتاج إلى عواصف من الأفكار وشجاعة ربما تجعلك -أحيانا- في خط المواجهة والاتهام وربما تقع في الأخطاء الفادحة، لكنها حتماً ستدفعك لرؤية الجديد والمغاير من العالم.
إن صناعة الفن في عالمنا الخليجي والعربي تحتاج لمثل هذه القفزات والخروج من أشواك الطرح الواقعي الذي لا يستفز فكراً ولا يحرك عاطفة، بل يكبتها ويؤصل فيها روح اليأس والإحباط ويكرس السلبية والبكائية في كل مناحي الحياة، وبالرغم من حاجتنا للواقعية إلا أن الواقعية تحتاج بدورها إلى تغليف من الجماليات والزي القشيب الذي يتلاءم مع أسلوب عرضها الشيق.. فالفن هو استفزاز وتحريض للتغيير وتحقيق الذات.
في هذا الفيلم استطاع المخرج أن يستل شعرات ذهبية من عجينة تولستوي المحبوكة بإتقان في روايته الرائعة (آنا كارينينا) وأن ينقل جميع الأحداث داخل خشبة المسرح، فإذا بالناس الغارقين في أوهامهم وكذبهم وعلاقاتهم المزيفة وخياناتهم يحبسهم المخرج ولا يخرجهم من صالة العرض، فتصبح حياتهم وشوارعهم وحتى سكة قطارهم، في صور خيالية فنتازية غير اعتيادية، أما ذلك المزارع الصادق في حبه والمخلص لعمله وأرضه فقد أمتعنا المخرج بمشهد خروجه من حائط المسرح ليخرج إلى عالم واسع رحب يعمل الأيام التوالي وهو ينتظر حبيبته بصبر ونقاء بلا خيانة ولا تملق، حتى يحوز عليها نهاية الفيلم ويخرجها إلى عالمه الحقيقي، أما بطلة الفيلم كيرا نايتلي التي تمثل دور انا كارنينا فيكون مصيرها الانتحار في نفس المكان الواهم الذي نمى فيها حبها الطارئ مع عشيق مزيف المشاعر.
الأجواء الفنتازية المليئة في هذا الفيلم جعلت النقاد يعتبرونه مفرطاً في الإبداع، وتم ترشيحه لأوسكار أفضل اقتباس عن رواية، بل لعله يقتنص العديد من الجوائز الأخرى (على الأقل بانطباعي الشخصي) إنها روعة الإبداع التي تقدم لنا دروساً في الجرأة والخروج عن المألوف، فالمميز لا يخلق في أجواء هادئة باردة راكدة، بل يحتاج إلى عواصف من الأفكار وشجاعة ربما تجعلك -أحيانا- في خط المواجهة والاتهام وربما تقع في الأخطاء الفادحة، لكنها حتماً ستدفعك لرؤية الجديد والمغاير من العالم.
إن صناعة الفن في عالمنا الخليجي والعربي تحتاج لمثل هذه القفزات والخروج من أشواك الطرح الواقعي الذي لا يستفز فكراً ولا يحرك عاطفة، بل يكبتها ويؤصل فيها روح اليأس والإحباط ويكرس السلبية والبكائية في كل مناحي الحياة، وبالرغم من حاجتنا للواقعية إلا أن الواقعية تحتاج بدورها إلى تغليف من الجماليات والزي القشيب الذي يتلاءم مع أسلوب عرضها الشيق.. فالفن هو استفزاز وتحريض للتغيير وتحقيق الذات.