من الواضح أن هناك تعافياً للاقتصاد الوطني خلال الفترة الماضية، حتى وإن كان جزئياً، وحتى وإن كان غير مرضي، إلا أنه بشارة خير ونأمل أن يتحقق المزيد، غير أن ذلك لن يحدث دون إنهاء الإرهاب وتقليم أظافره، فهو أكبر مقوض للنمو الاقتصادي والاستثماري والتجاري.
في العام 2007 نشر البنك الدولي تقارير طيبة عن البحرين، وصنفها من أفضل الاقتصاديات الناشئة، بل إن معدل النمو وصل في حينها إلى 8.1 وكان ذلك مبشراً بالخير للاقتصاد البحريني.
في حديث مع أحد الإخوة المطلعين على الاقتصاد الوطني قال «إن البنك الدولي قال للبحرين قبل 20 عاماً إن اقتصاد البحرين صغير ويجب الاعتماد على اقتصاد الخدمات، ذلك أن البحرين لن تستطيع أن تنافس الصناعة في دول خليجية كبيرة». انتهى حديثه.
من هنا يتضح أن اقتصاد البحرين يجب أن يتجه نحو الخدمات، التعليم، الاتصالات، الصحة، تجارة إعادة التصدير، البنية التحتية للمطارات وللطرق، السياحة، وكل ما يتعلق بالخدمات التي تستقطب الشركات ورؤوس الأموال والأفراد.
هذا ما ألمح إليه البنك الدولي قبل 20 عاماً، وكنا نتمنى لو تم الأخذ به بشكل أكبر لكان وضعنا الاقتصادي اليوم أفضل، ولفتحت مداخيل كثيرة على ميزانية الدولة، وانتعش السوق، كل ذلك مع فرضية أن الأمن متوفر؛ فلا اقتصاد من غير أمن.
وهذا لا يعني أن نلغي الصناعة تماماً، نحن نملك صناعات ناجحة وهذا أمر طيب، لكن القصد هو هوية اقتصاد البحرين، وإن كنا سنقدم صناعات نوعية غير متوفرة بالمنطقة فهذا أيضاً جيد.
ليس فقط اقتصاد الخدمات ما يحتاج إلى تطوير كبير وفتح لمجالات جديدة، إنما هناك معوقات كثيرة وكبيرة تجعل الاقتصاد يعود للوراء ولا يتقدم، وهي البيروقراطية، والفساد، ووضع أشخاص في أماكن لها علاقة بالانفتاح الاقتصادي بينما هو ليس مكانهم.
إذا ما سيطرت المجاملات على التعيينات التي تتعلق بخدمات المواطنين أو الاقتصاد، فإن ذلك سيكلف على مستوى سمعة البلد، وذهاب رؤوس الأموال إلى أماكن أخرى.
حتى الساعة ورغم علاقتنا المميزة مع الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية لم نستغل جانب استقطاب رؤوس الأموال السعودية التي تريد الاستثمار، في اعتقادي، أنه بإمكاننا أن نستقطب أضعاف ما استقطبنا لو كانت هناك خطة، وزيارات، وبنية تحتية قوية للاستثمار، وتسهيل للإجراءات، وبناء للعلاقات مع رجال الأعمال ودعوتهم للبحرين، ومشروعات محددة تطرح للاستثمار، أعتقد أننا حتى الساعة لم نعرف كيف نستقطب رجال الأعمال من السعودية ومن الخليج بشكل عام.
الفساد والبيرقراطية يدمران أي اقتصاد، مهمتنا اليوم القضاء على ذلك، وأعرف أن القضاء على الفساد يشبه المستحيل، لكن بالإمكان أن نقلل منه وأن نطبق القانون على المفسدين وأن نحيلهم للجهات القانونية.
قبل فترة تحدثت مع أحد الإخوة حول المراكب السياحية التي تقدم جولات في البحر وبها مطاعم، وكنت وقتها أقرأ عن أحد المستثمرين الذي يريد خوض هذا المجال ويعاني من الإجراءات.
الأخ قال لي إنه بعد حادثة «سفينة الدانة» أوقفت كل الرحلات والتراخيص، وهذا يحدث ولكن لفترة محدودة بعد الحادثة، بل كان علينا أن نستفيد من الحادثة في تطوير الإجراءات والتشريعات والضوابط لهذه الخدمة السياحية، لكن كانت النتيجة أن الدولة أوقفت كل التراخيص من يوم الحادث إلى اليوم.
الدولة تحتاج إلى مراجعات كبيرة في كل الإجراءات والضوابط التي تعيق العمل التجاري أو الاستثماري أو الاقتصادي، نسمع عن المحطة الواحدة، ولكن هل هي محطة واحدة فعلاً؟
هناك أمور تقع بين عدة وزارات، كل وزارة تقول الأمر ليس عندي، إنه لدى الوزارة الفلانية، وهكذا، بالله عليكم هل هذا يجوز اليوم في 2013؟
أليست هناك جهة حكومية تحدد مسؤوليات وواجبات كل وزارة، وتقطع المنطقة التي في المنتصف بين الوزارات والتي تصبح عائمة ولا ندري من صاحب القرار فيها، أو تصبح شماعة للوزراء حتى يخلوا مسؤوليتهم؟
حين نطرح كل ذلك، نطرحه من أجل البحرين، وليس من أجل أن نقول إن فلان هو المسؤول، إطلاقاً هذا ليس في حساباتنا، إنما نريد لبلدنا أن تكون أفضل، وكنا الأفضل، لكن ذلك كان منذ زمن، ونحتاج إلى دفعات قوية من أجل أن نقضي على مواطن القصور، ومحاسبة المسؤولين عنها.