في ظل انكشاف أقنعة حزب الله الإرهابي، والتوجه نحو محاصرته إقليمياً وعربياً بعد أدواره المشبوهة داخل الأراضي السورية، ودول مجلس التعاون الخليجي، فإنه ليس متوقعاً أن ينتهي الحزب هكذا بهدوء وإن استغرق ذلك أمداً.
منظومة ولاية الفقيه في الشرق الأوسط بقيادة إيران لن تتوقف عن إيجاد بدائل لحزبها المحاصر أو المحتضر لاحقاً، بل من المتوقع للغاية أن تلجأ إلى تأسيس تنظيم بديل أو شبكة من عدة تنظيمات تقوم بنفس الدور الذي يقوم به حزب الله الإرهابي حالياً. فهذه المنظومة من الناحية الأيديولوجية تتطلب دائماً وجود تنظيمات تكون لديها القدرة على الحفاظ على تبعية الجمهور للمؤسسة الدينية. وبالتالي فإن الفرص متاحة لتأسيس تنظيمات جديدة لمرحلة ما بعد حزب الله الإرهابي حتى لو كانت اللحظة المرتقبة بعد أكثر من عقد زمنياً.
ليس مطلوباً من الدول العربية، وتحديـــداً دول مجلـــس التعـــــاون الخليجي التي تضررت كثيراً من حزب الله الإرهابي أن تقوم بتأسيس تنظيمات بديلة عن هذا الحزب، أو حتى تنظيمات بديلة لمقاومة الحزب نفسه. وإنما المطلوب استحداث آليات لاحتواء الشيعة العرب الذين استغلتهم إيران وكذلك حزب الله الإرهابـي علــى مــدى أكثر من ثلاثة عقود لصالح أجندة سياسية باسم الدين.
سياسة الاحتواء لم تبرع فيها كثيراً دول مجلس التعاون رغم التحديات التي واجهتها طوال العقود الماضية، ومع ذلك فإن الحاجة ملحة لاستيعاب الشيعة العرب على المدى الطويل باعتبارهم مكوّناً أصيلاً من مكوّنات هذه المجتمعات، بدلاً من تركهم عرضة لاحتواء الجماعات الراديكالية المدعومة إيرانياً.
من التحديات التي يمكن أن تظهر خلال الفترة المقبلة بالشرق الأوسط فراغ سياسي كبير نتيجة محاصرة حـــزب الله الإرهابــي إقليميــاً ودوليــاً، فأي معالجة عسكرية أو عنيفة للصراع الدائر في سوريا ستجعل الحزب يشعل صراعات أخرى إقليمية في دول مجلس التعاون ولبنان، وبمرور الوقت فإن أدواره ستتضاءل، خاصة إذا ما تمت تسوية مؤقتة أو دائمة في الأراضي السورية لن يكون لنظام الأسد دور فيها.
الآن فقد الحزب مصداقيته أكثر من أي وقت مضى، حتى لو استهدف الكيان الإسرائيلي، بل وبدأت تظهر مقاومة للحزب نفسه من الشيعة العرب الذين انتفضوا على هيمنة إيران عليهم دينياً وسياسياً.
ولكن جميع هذه الخطوات لن تكون ذات معنى إذا لم توضع في سياق تاريخي مطلوب تشكيله باحتواء الشيعة العرب من براثن الحزب وإيران، وأن يكون هناك بديل استراتيجي لمرحلة ما بعد حزب الله الإرهابي.