أما سمعة الحزب فقد أصبحت في خبر كان! وبين عامي 2006 و2013 كان في القمة يلمع مثل الشعرى اليمانية فهوت سمعته إلى الحضيض. المغاربة من حولي يكررون كنا مخدوعين فيه، ظنناه يحارب بني صهيون، ونراه على حقيقته اليوم يقاتل بجانب النظام الأسدي.
قد ينجح حزب الله في نصر نظام انتهت صلاحيته، ولكنها مقامرة خاسرة، ونتيجة هذا الصراع ستعود بالوبال على الحزب؛ فهو يخوض حرباً ليست في وجه إسرائيل؛ بل حرباً مذهبية ضد إخوانه السوريين. كذلك فهو بهذه الورطة عمق الصراع المذهبي درجات، مذكراً بمعركة صفين التي انتهت إلى تشقق العالم الإسلامي بين شيعة وخوارج وأمويين، وكان بإمكانه أن يبقى على الحياد فيكسب مزيداً من السمعة أنه في وجه الظالمين، وليس بجانب الطغاة المستبدين.
والسؤال لماذا اتخذ هذا الموقف؟ بل ودخل الصراع بجانب الطاغية؟
حسب روبرت غرين صاحب كتاب القوة وقوانينها فهو يخصص القانون الخامس للسمعة؛ فينصح بالقتال عنها حتى النفس الأخير لأن السمعة هي حجر السلطة. وحالياً يخسر حزب الله سمعته بأشد من ذوبان «الآيس كريم» في صيف قائظ لاهب.
أذكر جيدا من كتاب «صعود وسقوط القوى العظمى» لمؤلفه الأمريكي وهو يبحث عن السر في سقوط القوى العظمى على امتداد القرون الخمسة الفارطة ليصل إلى تقرير مبدأ مهم في الصعود والسقوط هو فرط التمدد.
في قناعتي أن حزب الله قد أصيب بداء القوى العظمى من فرط التمدد، فقد بدأ من حدود لبنان فاصطنع نصراً أو هكذا خيل إليه. ثم التهم لبنان بأفضل من «سندويشة» فلافل. والآن جاء الدور الأعظم والأخطر في التهام سوريا.
هل نحن أمام أحلام تمدد فارسي مدعوم بفكرة التشيع التي أكل عليها الدهر وشرب عن صراع انتهى قبل أكثر من ألف عام لا علاقة لنا به؟
يقول روبرت غرين أيضا تحت القانون 47؛ لا تتجاوز العلامة التي استهدفتها وفي النصر اعرف متى تتوقف؟ كثيراً ما تكون لحظة الانتصار هي لحظة الخطر الأكبر؛ ففي قلب الانتصار قد تدفعك الغطرسة والثقة المفرطة إلى ما وراء الهدف الذي وضعته نصب عينيك، وبالذهاب إلى أبعد مما ينبغي فإنك تخلق أعداء أكثر من الذين تدحرهم، فلا تدع النجاح يدير رأسك. ويبدو أن حزب الله وقع في هذه الرمال المتحركة التي ستترك اسمه في التاريخ أنه من الأذلين.
عن «الشرق» السعودية