«العمليات» التي يتم تنفيذها في بعض الشوارع بواسطة شباب صغير السن، لا يدرك ما يدور من حوله ولا يدري أنه إنما يتم استغلاله كأداة ليحقق لأولئك المتوارين في الظل مآربهم، هذه العمليات المتمثلة في إشعال النار في إطارات السيارات، إنما هي حيلة العاجز الذي لم يعد يمتلك من المنطق والرأي ما يدافع به عن أفكاره وقناعاته ومبادئه، وإلا ما الذي يمكن أن يجنيه هؤلاء من تعطيل حياة المواطنين والمقيمين والتسبب في ابتلائهم بالأمراض نتيجة الأدخنة التي تتصاعد من تلك الإطارات؟
ما يقوم به أولئك في بعض شوارعنا ما هو إلا تعبير عن الضعف والإحساس بالهزيمة، لأن من يمتلك المنطق والحجة ويشعر في داخله بأنه قوي و»صمود» لا يمكن أن يلجأ إلى هذه الأعمال وإن تم تصنيفها عنوة في خانة السلمية. هذا الفعل يشبه فعل ذاك الذي يدخل في مناقشة مع الآخر ثم فجأة تجده قد لجأ إلى السب والشتم، ما يعني أنه لم يعد قادراً على الدفاع عن رأيه وقناعاته. وكما إن السب والشتم حيلة الضعيف كذلك فإن اختطاف الشوارع وتعطيل حياة الناس بإشعال النار في إطارات السيارات وغيرها من المخلفات تعبير عن الإحساس بالهزيمة والضعف.. و»حيلة» لا يلجأ إليها إلا من صار في هذه الحال.
القوة تكون في المنطق والحجة، هناك حيث طاولة الحوار، والقوة تكون في إحداث التغييرات في القوانين وفي الدستور من خلال المؤسسات التشريعية وأولها البرلمان، والقوة تكون في منع أي نشاط لا يتماشى مع القانون ولا يتناسب مع عادات وتقاليد وأعراف وأخلاق البحرين وأهلها، لكنها أبداً لا تكون في ذلك الفعل المتخلف الذي، وإن أزعج الحكومة، فإنه لا يضرها حيث الضرر يقع على الناس الذين بينهم من هم من أهل مرتكبي تلك الحماقة ومن شركائهم الآخرين في الوطن.. وكلهم من عباد الله جل شأنه.
ما يقوم به ذلك البعض ولم يجدوا حتى الآن كلمة من المعنيين في الجمعيات السياسية الذين يطرحون أنفسهم كقياديين «تشجعهم» على الامتناع عن هذا السلوك لا يدخل في باب القوة ولا السيطرة، والتربيت على أكتافهم وتوجيه كلمات الشكر لهم في المناسبات المختلفة يعتبر مشاركة لهم في الجريمة، حيث السكوت عنهم والدعوة لهم بأن «تسلم يدهم» لا يمكن إلا اعتباره جريمة في حق الوطن وفي حق الأبرياء الذين يجدون أنفسهم في لحظة قاب قوسين أو أدنى من الموت بسبب تلك الحماقة «الثورية»!
القوة تتمثل في المنطق وفي الدفاع عن الرأي والمبادئ ولا يعبر عنها بمثل ذلك السلوك الذي لا يتسبب إلا في أذى الأبرياء وإرباك حياتهم. القوة تتمثل في خروج أحد «القياديين» ليقول بوضوح إن هذا الفعل مرفوض وإنه لا يعبر إلا عن حماقة وإن من يتورط فيه «فليس منا»! القوة تكمن في إحداث التغيير المطلوب من دون الإساءة للمواطنين والمقيمين ومن دون الإساءة إلى الوطن والتسبب في أذاهم وأذاه. القوة تتمثل في منع الآخرين من التطاول على الوطن ورموزه وليس في الاستعانة بالآخرين ليتجرؤوا على الوطن ورموزه. القوة تكون في الذراع المعينة للناس على الحياة وليس العاملة على تعطيلها وإرباكها والتسبب في أذاها وربما قتلها.
ما يقوم به أولئك «الأطفال» من عمليات تلبية لرغبات «الكبار» وتنفيذاً لتعليماتهم التي لا يعرفون مراميها لا يدخل في باب القوة لأنه باختصار تعبير عن العجز والضعف ولا يمكن أبداً اعتباره «رجولة» ولا «ثورية».
ما يقوم به ذلك «البعضان» «الآمرون والمأمورون» لا يدخل في باب القوة ولا يصنف في باب الرجولة وإنما في باب «حيلة العاجز».. فللرجولة أبواب أخرى!