أنت أخطأت.. وأنا أخطأت.. والآخرون يخطئون؛ الأخطاء كما أراها دائماً هي المدرسة الحقيقية التي تعلم الإنسان كيفية الوصول إلى الصواب، لا وجود لإنسان لا يخطئ.
أنت لو تأملت الأخطاء التي وقعت فيها إلى لحظة قراءتك هذا العمود لشاب رأسك، وبدأت تشك في قواك العقلية.
فمنذ الخطوات الأولى التي بدأت فيها تمشي على قدميك وأنت تخطئ في الوقوف والجلوس، وربما سقطت وفشلت وأخطأت آلاف المرات إلى أن استطعت السير بخطوات ثابتة، لكن كان سقوطك وأنت تتعلم المشي تتبعه ابتسامة، لكأنك تقول لمن حولك سوف أسقط وأقوم وقد فعلتها وقمت.
وأنت تتكلم تخطئ في قول بعض الكلمات، وربما تقلب الكلمة بشكل لا يستطيع أن ينطقها من علمك إياها، ولكن بعد ذلك تتعرف على نطقها فتقولها بثقة كبيرة.
هل تعرف عدد الأواني التي كسرتها في طفولتك؟ بعد فترة تعلمت أن كسرك للصحون أو الكراسي أو الصور عملية غير صحيحة، ومن أجل أن تتعلم الكتابة وترى نتائج كتابتك فأنت تكتب على الجدران، وكم تضايق منك أبواك؛ من عملية الصبغ والدهان وإعادة الألوان على ما هي عليه.
أنت لو فكرت بما قمت به من أفعال شائنة وأنت تتقدم في العمر لشاب رأسك، أنت آذيت أمك وآذيت أباك وآذيت إخوتك وأخواتك وأبناء الجيران، إلى درجة بعض الأحيان، قامت أخطاؤك بخلق نوع من أنواع الزعل والشقاق بين الأهل أو الجيران أو الأصحاب، لكن الحياة لم تقطع يدك لأنك أخطأت، الجميل أنك تتعلم منها.
فأنت ستواصل وضع يدك في النار لو لم تحرق يدك، لذلك دائماً ما تحاول الابتعاد عما يسبب لك الألم، ومن الطبيعي أنك عرفت الفرق بين الماء الحار والبارد، لذلك بدأت تفهم كيفية تشغيل الصنبور الحار وتعادله بالماء البارد حتى يستطيع جسمك أن يتحمل الماء الذي به تستحم.
ما تتعلمه من وعي الضرورات اليومية والحياتية، تتعلمه أيضاً من العلاقات الاجتماعية، فأنت تعرف الآن أنك لا تستطيع أن تمر بين اثنين؛ لأن هذا يعتبر من قلة الذوق، ولا يمكنك أن تفتح أذنك على حديث يدور بين اثنين؛ لأنه يعبر عن عدم تربية. وعبر العديد من المواقف تتعلم كيفية التعامل مع الآخرين، تتعلم كيف تبتسم في وجوه الناس، تتعلم كيف تساعد من يحتاج إلى مساعدة.
في كل يوم من أيام حياتك تتعلم من أخطائك، فما قمت به اليوم من إزعاج لغيرك ربما حصلت على توبيخ، وإذا لم يحدث عرفت أنك قمت بما لا يليق بك أن تقوم به، لهذا لا تقم به مستقبلاً لأنك تعلمت الدرس وأخذت العبرة.
إن الأخطاء علمتنا الكثير، في العمل السياسي والاجتماعي والثقافي، في العلاقات مع أنفسنا ومع الآخرين، أوصلتنا إلى ما نحن عليه ومازلنا نتعلم في هذه المدرسة المفتوحة الأبواب/ ليلاً ونهاراً إلى آخر يوم من أيام حياتنا.
نعرف جميعاً أن كل ابن آدم خطاء، والأخطاء التي نرتكبها هي التي تعلمنا الصواب، ما عليك إلا أن تنظر إلى الكهول وتراهم أكثر حكمة من الشباب، إنهم خريجو مدرسة الأخطاء، وما أروعها من مدرسة، تجعلنا نحترم الذين تعلموا من أخطائهم.
كل خطأ هو رائع في وقت حدوثه، لكن علينا ألا نقع فيه مرة أخرى وإلا أصبحنا حمقى.