هكذا كتب أحد الذين اختاروا الإقامة في الخارج وتفرغوا لممارسة التحريض والفرجة من بعيد على البسطاء الذين يشحنونهم ويطلقونهم إلى الشوارع ليحققوا لهم ما يريدون. فقد كتب أحد أولئك الذين قرروا اعتبار الشباب والأطفال أدوات لتحقيق مآربهم محرضاً ومنذراً ما يلي: «في العطلة الصيفية ستصبح فيها الثورة فاعلة، بلا (برطمان) ولا (خوارعجل) ولا سجون (تعليم).. والنزال وجهاً لوجه في الميادين». رسالة واضحة تتضمن برنامج العمل الصيفي لهذا العام!
طبعاً المقصود بـ «برطمان» هو البرلمان أي مجلس النواب، و»خوار العجل» هو حوار التوافق الوطني، أما سجون التعليم فهي المدارس، وكل هذه المفردات تعبر عن مستوى لا يستحق الرد عليه؛ لذا فإن تجاوزها أفضل.
لكن جملة «النزال وجهاً لوجه في الميادين» في هذا الصيف لا يمكن تجاوزها ولا بد من التصدي لها ومحاكمة قائلها، لأنها دعوة للبسطاء ليلقوا بأنفسهم وأبنائهم في الجحيم، ودعوة إلى استمرار الفوضى وأخذ البلاد إلى المجهول.
زبدة كلام المغرد المحرض أن في الصيف لا يعقد مجلس النواب جلساته، ولن تعقد جلسات حوار التوافق الوطني التي قرر المعنيون به التوقف لمدة شهرين لأسباب بعضها مقنع وبعضها دون ذلك، وبما أن المدارس التي اعتبرها سجوناً تغلق أبوابها صيفاً؛ لذا فإن المطلوب من البسطاء أن يدفعوا بأبنائهم إلى الشوارع، فلم يعد هناك عذر يمنعهم من ذلك، وليس مهماً ما قد يحدث لهم.
تحريض من الدرجة الأولى وإعلان صريح بإشعال الساحة صيفاً عبر ممارسة السلوكيات المرفوضة شرعاً ومجتمعاً، وغير المعبرة عن أخلاق وفكر الإنسان البحريني، خصوصاً وأن شهراً من صيف هذا العام سيكون فيه الناس صياماً.
ولكن، هل الذي وجه الرسالة المحرضة هذه يعبر عن نفسه فقط أم أنه يعلن عن قرار اتخذه ما يسمى «ائتلاف فبراير»؟ وهل توافق الجمعيات السياسية المرخصة قانوناً على هذه الدعوة وهذا القرار؟
الواضح، بل الأكيد، أن موصل الرسالة لا يعبر عن نفسه؛ فهو يعتبر أحد الناطقين باسم هذا الائتلاف، وبتحليل تغريداته يمكن التوصل إلى أنه أحد أعمدته وأساساته وأحد الرافضين لمواقف وقرارات الجمعيات السياسية التي يعتبر قادتها وأعضاءها منافقين وممالئين للسلطة. هذا يعني أن قرار «النزال وجهاً لوجه في الميادين» صيفاً ليس قرار الجمعيات السياسية، وبالتالي فإن عليها أن تعلن موقفها منه، فإن لم تكن مؤيدة له وغير موافقة عليه، فإن عليها أن تعلن عن ذلك وأن تمنع أعضاءها والتابعين لها وتابعي التابعين من المشاركة في هذا الجنون الذي لن يوصل «الحراك» إلا إلى حيث لا يمكن أن يربح فيه.
إعلان الجمعيات السياسية موقفها من هذه الدعوة الظالمة ورفضها لها مسؤولية وطنية ونقطة تسجل لصالحها، لأن السكوت عنها يعني الموافقة عليها ودعمها، والموافقة عليها يعني أن دخولها في حوار التوافق الوطني لا قيمة له وأنه لذر الرماد في العيون، كما يعني أنها لا تزال غير قادرة على الإفلات من قيد هذا الائتلاف الذي يعتمد على أفراد لا يمتلكون الحكمة ولا التجربة ولا دراية لهم بعلوم السياسة وفنونها.
ما يدعو إليه «ائتلاف فبراير» لتحويل صيف البحرين إلى جحيم فيه ظلم كبير للبسطاء، الذين للأسف لن يفيقوا منه إلا متأخرين وحيث لا ينفع الندم، وسكوت الجمعيات السياسية عن مثل هذه الدعوات والشحن والتحريض ظلم أكبر لمنتسبيها وللبحرين وللمواطنين جميعاً.
بإمكان الجمعيات السياسية أن تحقق العديد من المكاسب بإعلانها رفض مثل هذه الدعوات وهذا التحريض، وبدعوة أعضائها والمتعاطفين معها ومناصريها إلى التوقف عن كل الممارسات خلال شهر رمضان المبارك الذي عليها أن تستغله فيما يعود نفعه على الوطن.