تتساوى مشاعر الفرح مع مشاعر القلق والحزن لبعض الناس لقدوم شهر رمضان المبارك، فرغم انتظار الناس -خاصة البحرينيين- لشهر العبادة والطاعة؛ إلا أنهم يخفون في نفوسهم هموم المصاريف التي ستتوالى عليهم بدءاً من شهر رمضان المبارك والعيد، فالاستعداد لمشتريات المدارس، ومن ثم الاستعداد من جديد لعيد الأضحى المبارك. فأي دراما سوف يعيشها المواطن البحريني البسيط والمواطن «اللي يادوب شايل روحه»، جراء هذه المصاريف التي تكهل وتمرض الشاب و«الصاحي»؟.
راتب البحريني مع الغلاء المعيشي في سباق دائم، فراتب المواطن البسيط لا يكاد ينزل في الحساب حتى يتسابق الغلاء المعيشي في التهامه، ولا يبقى منه غير ورقة رصيد سحبه من البنوك. ولا حياة لمن تنادي، فلا جدوى من النواب، ولا جدوى من الكلام بأن البحريني يعيش حياة الفقراء بالرغم من الموارد والانتعاش الاقتصادي التي تتمتع بها البحرين.
شهر رمضان تكثر فيه الأعمال الخيرية مثل الصدقات والزكوات، ولا بأس أن يساعد الأخ أخاه ويبسط له يديه لما تجود به نفسه للآخرين، لكن لماذا يعيش البحريني على صدقات المحسنين من الداخل والخارج؟ ولماذا تذل نفس البحريني في انتظار من يعينه على الغلاء المعيشي ويساعده في حل أزمته واحتياجاته اليومية؟ لماذا لا يكون البحريني أسوة بأشقائه من دول الخليج يعيش كما يعيشون عيشة كريمة تليق بمواطن يعمر ويحب وطنه ويقدم ولاء الطاعة لترابه؟.
قد تكون صدمتنا لا توصف من اختيارنا الخاطئ واليائس لنوابنا الأفاضل، لكننا نرتجي من الدولة والحكومة أن تصحح أوضاع البحريني، وأن تذلل الصعاب لكل من يناشدها في تحسين دخله، وتحسين أوضاعه المعيشية، وذلك بمنح مساكن تليق بالمواطن وعملاً شريفاً، وصرف رواتب محترمة. فأي مجتمع بعد ذلك ستصبح البحرين عليه، حياة معيشية راقية وديمقراطية ليس لها نظير. هذا هو المجتمع المتكامل الذي يحلم به البحريني. لا يريد البحريني حرية رأي وتعبير بلا حياة كريمة، ولا عيشة الأغنياء بلا التمتع بالحريات المتعددة.
في زمن الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز، كانت خزائن بيت مال المسلمين تفيض من الأموال، فلم يعد في عهده فقير أو محتاج، فالجميع في ولايته يهنأ بعيشه وينام مرتاح البال. زمن الخليفة عمر بن عبدالعزيز جدير أن تتوالى الأبحاث والدراسات حول الانتعاش الاقتصادي الذي تمتع به فترة حكمه، نستفيد من تجارب الآخرين المجدية، خصوصاً من أنبيائنا وخلفائنا الراشدين، فعمر رضي الله عنه لم يدرس علم الاقتصاد، لكنه برع في أن يسد حاجة رعاياه حتى الطيور والوحوش.
فقد تعب المواطن البحريني من وضعه الاقتصادي وعيشته المتدنية، تعب من كثرة القروض التي تزداد كل يوم، فمشوار حياته منذ بدئه في الانخراط في العمل وهو يعيش في قروض لا نهاية لها. قرض لشراء سيارة لتقله إلى مكان عمله سواء أكانت هذه السيارة مستخدمة أو جديدة، قرض لمصاريف الزواج، وقرض لبناء أو شراء بيت وأثاث، وقرض إذا فكر أن يسافر للخارج، وقرض للدراسة في الجامعة سواء أكان هذا القرض له أم لأحد أبنائه.
الحياة الكريمة للمواطن ليست بنداً خطياً يوضع في بعض الدساتير أو من أجل أن نتباهى بها في المحافل الدولية لديمقراطيتنا، الحياة الكريمة للمواطن البحريني يجب أن تفعل قبل كل شيء، فالمواطن البحريني ليس بأجنبي عن وطنه، هو مواطن أباً عن جد، فهو الأصل وهو الأقدر أن تكون حياته وعيشته عيشة كريمة تليق بدولة عريقة مثل البحرين.