ضمـــن برنامجهـــا اليومـــي المخصــص للتطاول على البحرين قيادة وشعباً، استضافت السوسة الإيرانية «فضائية العالم» الأسبوع الماضي عدداً من المنتمين إلى «المعارضة» من الداخل والخارج، وطرحت عليهم سؤالاً عن الخطوة التالية باعتبار أنهم لم يتمكنوا من تحقيق مأربهم حتى الآن، رغم مرور عامين على الاحتجاجات. الجديد في كلام المشاركين هو أن أحدهم دعا وبشكل مباشر إلى وقف «مرحلة الاستنزاف» والإقدام على انتفاضة عارمة، أياً كان الثمن، معللاً دعوته بأنه لا بد من تقديم مزيد من الدم، وطالما أنه سيتم دفع الثمن دماً فليكن مرة واحدة وإن كان كبيراً!
وعندما نبهته المذيعة إلى أنه بهذا يدعو إلى العنف عبر هذا البرنامج وهذه الفضائية، قال إنه «لا يدعو إلى ذلك وإنما يدعو إلى انتفاضة عارمة من دون تجاوز السلمية!»، ولم أفهم كيف يمكن أن تكون هناك انتفاضة عارمة تكلف ما تكلف من دم ولكن باستخدام الوسائل السلمية.
للأسف، فإن ما صرنا فيه سيوصلنا إن استمر الحال على ما هو عليه إلى ما دعا إليه صاحب الدعوة، لأن البديل عنه هو التراجع، وتراجع أي طرف الآن يعني هزيمته، ويعني أن خسائره إلى الضياع، ويعني العودة إلى نقطة الصفر والدخول من جديد في صراع سيزداد تعقيداً ولن ينتهي. مثل هذا الوضع لن تقبل به لا «القوى الثورية» ولا «قوى المعارضة»، ولن تقبل به السلطة أيضاً. نحن إذن أمام طريقين لا ثالث لهما طالما ظللنا راكبين رؤوسنا، التراجع والإقرار بالهزيمة أو المواجهة للحسم. من هنا جاءت الدعوة للإقدام على انتفاضة عارمة، ووافق عليها المشاركون الآخرون في ذلك البرنامج، ومن هنا تأتي دعوات أطراف أخرى لإقدام السلطة على حسم المشكلة بالضرب بيد من حديد ومن غير هوادة.
مواقع التواصل الاجتماعي امتلأت أخيراً بالتأكيد على ما معناه أن القبول بنصف المطالب يعني الهزيمة «على عكس المثل الشعبي المعروف «راعي النصيفة سالم»، وهي لا تخلو دائماً من دعوات للسلطة لإثبات قدراتها ووضع حد لهذا، أنه مثل هذه الدعوات ليست في صالح الوطن، لأن انتصار أحدنا على الآخر هو في كل الأحوال هزيمة لنا جميعاً وهزيمة للوطن. أما واقع الحال فيؤكد أن الاستمرار في هذا الحراك وإن حصل على دعم من هنا أو هناك واشتد وزادت وتيرته لن يوصل إلى شيء، ويؤكد في المقابل أن السيطرة على الحراك وشل قدرة الفاعلين فيه لن يكون دائماً وسيعاودون الكرة تلو الكرة. هذا يعني أنه لا مفر من السعي بكل الوسائل للوصول إلى حل يرضي الجميع.
أما كيف؟ فسؤال جوابه صعب، لكنه لا يغلب الرجال أبداً، وفي البحرين منهم كثر. لعل الأكثر قبولاً اليوم هو عقد اللقاءات بغية تقريب وجهات النظر، والنظر في المخارج الممكنة، وهذه اللقاءات ينبغي ألا تقتصر على السياسيين وليس بالضرورة أن يلتقي الجميع في مكان واحد، ولا بأس من «الاستعانة بصديق» من دول التعاون فبينهم من قد يدلنا على طريق الحل أو الحل نفسه.
مثل هذه اللقاءات إن لم تنفع فإنها لن تضر، ليلتقي الجميع بالجميع، ولتطرح كل مسائل الخلاف على الطاولة، وليدلو كل واحد منا بدلوه. الأكيد أن هذه اللقاءات ستوصل في مرحلة ما إلى لحظة التنوير اللازمة خاصة أنه يوجد الكثير من الأمور التي يمكن التوافق عليها.
مرحلة كسر العظم لن توصلنا إلا إلى غرف الأشعة التي سنكتشف بعد حين أننا صرنا زبائن دائمين لديها.
{{ article.visit_count }}
وعندما نبهته المذيعة إلى أنه بهذا يدعو إلى العنف عبر هذا البرنامج وهذه الفضائية، قال إنه «لا يدعو إلى ذلك وإنما يدعو إلى انتفاضة عارمة من دون تجاوز السلمية!»، ولم أفهم كيف يمكن أن تكون هناك انتفاضة عارمة تكلف ما تكلف من دم ولكن باستخدام الوسائل السلمية.
للأسف، فإن ما صرنا فيه سيوصلنا إن استمر الحال على ما هو عليه إلى ما دعا إليه صاحب الدعوة، لأن البديل عنه هو التراجع، وتراجع أي طرف الآن يعني هزيمته، ويعني أن خسائره إلى الضياع، ويعني العودة إلى نقطة الصفر والدخول من جديد في صراع سيزداد تعقيداً ولن ينتهي. مثل هذا الوضع لن تقبل به لا «القوى الثورية» ولا «قوى المعارضة»، ولن تقبل به السلطة أيضاً. نحن إذن أمام طريقين لا ثالث لهما طالما ظللنا راكبين رؤوسنا، التراجع والإقرار بالهزيمة أو المواجهة للحسم. من هنا جاءت الدعوة للإقدام على انتفاضة عارمة، ووافق عليها المشاركون الآخرون في ذلك البرنامج، ومن هنا تأتي دعوات أطراف أخرى لإقدام السلطة على حسم المشكلة بالضرب بيد من حديد ومن غير هوادة.
مواقع التواصل الاجتماعي امتلأت أخيراً بالتأكيد على ما معناه أن القبول بنصف المطالب يعني الهزيمة «على عكس المثل الشعبي المعروف «راعي النصيفة سالم»، وهي لا تخلو دائماً من دعوات للسلطة لإثبات قدراتها ووضع حد لهذا، أنه مثل هذه الدعوات ليست في صالح الوطن، لأن انتصار أحدنا على الآخر هو في كل الأحوال هزيمة لنا جميعاً وهزيمة للوطن. أما واقع الحال فيؤكد أن الاستمرار في هذا الحراك وإن حصل على دعم من هنا أو هناك واشتد وزادت وتيرته لن يوصل إلى شيء، ويؤكد في المقابل أن السيطرة على الحراك وشل قدرة الفاعلين فيه لن يكون دائماً وسيعاودون الكرة تلو الكرة. هذا يعني أنه لا مفر من السعي بكل الوسائل للوصول إلى حل يرضي الجميع.
أما كيف؟ فسؤال جوابه صعب، لكنه لا يغلب الرجال أبداً، وفي البحرين منهم كثر. لعل الأكثر قبولاً اليوم هو عقد اللقاءات بغية تقريب وجهات النظر، والنظر في المخارج الممكنة، وهذه اللقاءات ينبغي ألا تقتصر على السياسيين وليس بالضرورة أن يلتقي الجميع في مكان واحد، ولا بأس من «الاستعانة بصديق» من دول التعاون فبينهم من قد يدلنا على طريق الحل أو الحل نفسه.
مثل هذه اللقاءات إن لم تنفع فإنها لن تضر، ليلتقي الجميع بالجميع، ولتطرح كل مسائل الخلاف على الطاولة، وليدلو كل واحد منا بدلوه. الأكيد أن هذه اللقاءات ستوصل في مرحلة ما إلى لحظة التنوير اللازمة خاصة أنه يوجد الكثير من الأمور التي يمكن التوافق عليها.
مرحلة كسر العظم لن توصلنا إلا إلى غرف الأشعة التي سنكتشف بعد حين أننا صرنا زبائن دائمين لديها.