بدأ الجناح الإيراني في الائتلاف الوفاقي يثقل كاهل الوفاق، ويهدد الاستثمارات الأمريكية والبريطانية في الجمعية السياسية المدنية، وجاء موضوع إدراج حزب الله كمنظمة إرهابية ودخوله القصير ليدفع الجناح الإيراني بالجمعية لمنطقة يصعب فيها أن تنأى بنفسها عن التجاذبات الإقليمية.
وعلى عكس ما يعتقد البعض من أن زيارة «إرشاد حسين» مندوب الرئيس أوباما لعيسى قاسم بأنها جاءت للتصعيد، فإن أغلب الظن أنها جاءت لنصح عيسى قاسم أن يعطي فرصة للجناح الأمريكي الوفاقي للحصول على بعض المكاسب في الحوار، وأن ينأى بجماعته عن التجاذبات الإقليمية التي تضعف موقفها التفاوضي.
إنما يبدو أن إيران وجناحها مصران أن يربكا كل الرهان الأمريكي والبريطاني على أفندية الوفاق، وإصرارهما منذ 2011 على قيادة الائتلاف يخلط الأوراق، ضارباً عرض الحائط بكل الاستثمارات الأمريكية التي صرفت لتحويل الجمعية إلى حزب سياسي مدني «علماني» وبلغت هذه الاستثمارات في واحد من معاهدها فقط وهو المعهد الديمقراطي الأمريكي 2.7 مليون دولار، ناهيك عن بقية المعاهد ووسائل الإعلام والمنظمات وغيرها مما اشتغلت ماكينتها بكامل قوتها لتلميع الأسود ومطر مطر ومعهم عائلة الخواجة رغم أنهم من الشيرازيين المتشددين!
إنما في نهاية كل منعطف ينتصر حزب الولي الفقيه ويزيح وبقوة كل أصحاب «الجيل» واللكنة الأمريكية، وأعلن هذا الجناح مؤخراً البيعة للفقيه، وصرح بلبيك يا فقيه دون مواربة.
اليوم خفتت كل الأصوات الأمريكية الصنع وانزوت وذهبت فلوسك يا «صابر» أدراج الرياح، فلا أثر للأسود ولا أثر لمطر مطر ولا أثر للخواجة على الشارع الوفائي أو شارع الوفاق أو شارع حق، ومحاولات تلميع تلك الوجوه باءت بالفشل لا عند الشارع البحريني فذلك الفشل كان مبكراً، إنما الفشل الأكيد والأنكى أنه الآن واضح في أوساط الشارع الوفاقي!!
الشارع الوفاقي الآن مشتت مبعثر، بسبب خيانة عيسى قاسم للشيرازيين أكثر من مرة، ولتيار الوفاء وحق أكثر من مرة، ثم زاد الشتات بسبب صراع الأفندية وأتباع الفقيه أي الجناح الأمريكي والجناح الإيراني، وما تبقى من حراك الآن فهو ملك للعمامة الإيرانية فحسب، ومهما حاول السفير أن ينفخ في روح الأفندية ويدفع بها للحوار، والخروج بمكاسب محدودة داخل الحوار بإحياء موضوع «الحوار البحريني» في الوسائل الإعلامية، أو بتصريحات المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين، إلا أنه لا أثر لهذا الحراك عند الفقيه وجناحه، أما دمى الأمريكان فإنهم تواروا وانتهى دورهم.
ومما أحرج الأمريكيين أكثر أن السلطة التزمت بالحوار، وحضرت ومازالت تحضر الجلسات، رغم كل ما بذل لدفعهم للانسحاب!! السلطة لاعبت الأمريكان لعبة في منتهى الذكاء، وأسقط في يد الجناح الأمريكي في الوفاق، فها هي السلطة تحضر وها هي القوى السياسية الأخرى تحضر وملتزمة ولعبة عض الأصابع لم تدفعها للانسحاب، ما أجبر الوفاق على الحضور فذلك الحضور هو الأمل الوحيد المتبقي للخروج بمكاسب وإن كانت محدودة.
ومنعاً للاختلاف وعدم ثقة بالجناح الأمريكي مثّل الوفاق الجناح الإيراني الذي ذهب بنية الانسحاب أو دفع الأطراف الأخرى للانسحاب، وهو نفس لا يمكن أن يدخله أي مفاوض.
الوفاق الآن حائرة بين الجناحين ولا يملك أي من لابسي البدل أن يتحركوا سنتيمتراً واحداً دون مباركة الفقيه، وإن فعلوا فسرعان ما يتوارون عن الأنظار فالإرهاب يطالهم، لذا فإن النفخ في الروح المدنية وإجبار الوفاق على دخول الحوار بتلك الروح رغماً عنها يعد نفخاً قصير المدى غير مبني على قناعة، وغير مسنود الظهر إلا من وعود الأمريكان فحسب وهي وعود يحذر منها الولي الفقيه كل يوم!
كما إن الرافعة المدنية الضعيفة والمتمثلة في جمعيتي المنبر ووعد اللتين اعتمد الأمريكان والبريطانيون عليهما لمساعدة أفندية الوفاق رافعة غير قادرة على قيادة الشارع إذ لا تملك هي من الأساس شارعاً تقوده.
لذا كان الضغط على ممثلي هاتين الجمعيتين بالبقاء إلى أن تنجح الوفاق بإدخال عناصر أخرى جديدة تسند الجناح الأمريكي وأحجار رقعته أيضاً رهان خاسر.
المعركة الآن بين جناح السفير الأمريكي وجناح الفقيه الإيراني تؤكد ما قلناه منذ بداية الأزمة وما قلناه للسيدة ستيفني ويليامز في لقائها في تلفزيون البحرين، إن الرهان الأمريكي والبريطاني على الأفندية كان رهاناً خاسراً، إن اعتقادهما بقدرتهم على أن يتولوا قيادة جمعية ثيوقراطية صرفة من رأسها إلى أخمص قدميها وتدين بالولاء المطلق للفقيه وتضعه في مرتبة فوق البشر يعد رهاناً خاسراً بجدارة، رهاناً مبنياً على معلومات شحيحة ودراسات ضعيفة المحتوى جعلتهم يضعون استراتيجيتهم على افتراضات غير حقيقية.
الخلاصة.. ستبدي لنا الأيام المقبلة مؤشرات أكثر للصراع الدائر بين الجناح الإيراني الذي لن يسمح للاستثمار الأمريكي البريطاني أن ينجح في الحوار، صراع قد يدفع لتغيير الوجوه التي تمثل الوفاق وستبدي لنا الأيام الكثير!!