الجمعة الماضية دشن رئيس تجمع الوحدة الوطنية الشيخ الدكتور عبداللطيف آل محمود عريضة شعبية يعتزم تقديمها إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما للمطالبة بسحب وتغيير سفير بلاده في البحرين، ودعا المصلين بمسجد عائشة أم المؤمنين في الحد للتوقيع على العريضة. أما الهدف من العريضة فهو «لتعلم الإدارة الأميركية أن الضرر الذي وقع على البحرين لم يكن مقصوراً على العلاقات بين الدولتين بل وقع على الشعب البحريني بكل أعماره»، كما جاء في كلمة الشيخ المحمود أمام المصلين.
تحرك الشيخ المحمود وتجمع الوحدة الوطنية حق لا يمكن لأحد أن ينكره وليس فيه تجاوز ولا ما يعكر الصفو، فهو تحرك حضاري وسلمي مكفول قانوناً ولا غبار عليه، كما إنه يعبر عن موقف واضح تجاه تصرفات للسفير الأميركي يرى البعض أنها تدخل في حيز التدخل في شؤون البحرين وتسيء إلى العلاقات بين البلدين.
لكن السؤال؛ هو ما الذي يمكن أن يحدث إن استجابت أميركا وغيرت سفيرها؟ هل سيختلف دور السفير البديل عن دور السفير الحالي؟ أم أن الهدف هو تغيير شخص السفير فقط لسبب أو لآخر؟ بالمنطق سيمارس السفير الجديد الدور نفسه وسيقوم بالمهام نفسها وإن بنكهة مختلفة تفرضها شخصيته وطبيعته لأن السفير -أي سفير- يمثل حكومة بلاده وينفذ سياستها والتعليمات التي تصله من وزارة خارجيتها، ومطلوب منه القيام بمهام محددة منها الحصول على معلومات تعين بلاده على اتخاذ مواقف معينة إزاء قضايا معينة.
فالسفير الأميركي والسفارة الأميركية مثلهما مثل أي سفير وأي سفارة لأي دولة في أي مكان يقومان بمهام استخباراتية يجيزها العرف الدبلوماسي، لهذا تحرص الدول على أن يكون سفيرها على درجة عالية من الثقافة والكياسة والقدرة على خلق علاقات والتمكن من الأمور السياسية بالإضافة إلى إتقان لغات أجنبية.
من مهام أي سفير أيضاً رعاية العلاقات الثنائية بين بلده والبلد المضيف على المستوى السياسي ومتابعة وتحليل السياسة الداخلية والخارجية ومتابعة التطورات والسياسات الاقتصادية، وكذلك إشعار وزارة خارجية بلاده بأية تطورات يتم الإعلان عنها في وسائل الإعلام أو التي يحصل عليها بمجهوده ومجهود طاقم السفارة، كما يطلعها على توجهات الرأي العام.
من مهام السفير أيضاً تمثيل بلاده والتفاوض والحوار ورعاية الجالية، وكل هذه المهام لا يمكنه القيام بها على خير وجه إن لم يكلف نفسه عناء الوصول إلى المعلومة، فالسفير في كل الأحوال يعتبر مخبراً خاصاً لبلاده، وهذا من الأمور التي يبيحها العرف الدبلوماسي.
هذا يعني أن السفير الذي يفشل في الحصول على المعلومات التي تعين بلاده على اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب لا يصلح أن يكون ممثلاً لها، والعكس صحيح. فالدول تهتم أن يكون من يمثلها من صفوة الرجال -حسب تقديرها- كي ينجح في عمله كسفير، وتقوم بمساندته وتقديم كل الدعم له كي يحقق نجاحاً ترضى عنه.
لا يمكن للولايات المتحدة استبدال سفيرها بآخر لأن البعض قدّر أنه غير مناسب، فالولايات المتحدة كأي بلاد في العالم هي التي تقرر استمرار ممثليها في الخارج في مهامهم أو تغييرهم، لكنها في كل الأحوال لا تغيرهم بناءً على رغبة طرف أو آخر وإنما بناء على قناعتها هي، وقناعتها هنا تعتمد معياراً أساساً هو مدى استفادتها منه وليس مدى تضرر هذه الفئة أو تلك منه.
واقعاً ومنطقاً، طالما أن السفير الأميركي الحالي يقوم بمهامه المكلف بها من قبل بلاده على أكمل وجه من وجهة نظرها فلن تقوم بتغييره، وإن حدث وقامت بتغييره لسبب أو لآخر فإن البديل سيقوم بممارسة المهام نفسها والدور نفسه.