استكمالاً لمقال الأمس عن حقيقة قصة الاغتصاب والتي بينت فيها أن القصة تحمل الوجهين، الصدق والكذب بنسب متساوية، أقول إنه تبين باعتراف الموقع الإلكتروني الذي نشر القصة وعبر بيان لجمعية الوفاق أن القصة مختلقة وأنها لا أساس لها من الصحة، وكان الغرض منها الإساءة إلى رجال الأمن، ما يعني أن الداخلية بريئة من هذا الفعل.. ومن كثير من الاتهامات في هذا الخصوص، والتي تسعى «المعارضة» إلى إلصاقها بها بغية تشويه سمعتها ولهدف آخر بات واضحاً هو إثارة الناس ضد الحكومة والحكم لتظل الساحة مشتعلة.
المؤسف أنه بعد ما تسبب نشر القصة في إحداث الكثير من الألم النفسي لشعب البحرين الملتزم دينياً وأخلاقياً، وبعد تسببه في خروج البعض في مسيرات منددة بالفعل وبوزارة الداخلية ورجال الأمن، بعد كل هذا الذي أحدثته تلك القصة صدر بيان عن جمعية الوفاق بينت فيه أنه «بعد التحقق والتدقيق فيما انتشر حول تعرض امرأة لاغتصاب، توصلنا لعدم صحة ما نشر.. ونهيب بأبناء (شعبنا) المؤمن الغيور تحري الدقة في مثل إثارة هذه الأخبار الحساسة والمثيرة لما لها من تداعيات وخيمة على المجتمع بأكمله».
وختمت الوفاق بيانها بهذه الجملة الغريبة «حرص المخلصين وتثبتهم قاد إلى الوقوف على عدم صحة الخبر بتفاصيله المنشورة»، وهي تعني أنها هي فقط الجهة التي يمكن أن توفر الحقيقة لأن لديها المخلصين والذين يتثبتون، وأن هذا هو بالتحديد ما قاد إلى تبين عدم صحة الخبر. ومع هذا احتاطت الوفاق للأمر فأعطت نفسها خط رجعة عندما قالت «عدم صحة الخبر بتفاصيله المنشورة»، وهو ما قد يفهم منه أنها على يقين أن عملية الاغتصاب حدثت ولكن ليس بالتفاصيل المنشورة!
أما الموقع الإلكتروني الذي رقص على القصة وقدمها على أنها الدليل الدامغ على فساد رجال الأمن؛ فقد اعتمد على بيان الوفاق ونشر بعده بدقائق معدودات بياناً اعتذر فيه بخطئه وقال «بعد الاتصال بجهات الرصد الحقوقية ولجان التحقيق المختصة فيها.. تبين أن المعطيات تعاني من تدليس واختلاق.. وعليه تقر (مرآة البحرين) بأنها تعرضت لعملية تضليل من صاحبة القضية وتعتذر لقرائها من نشر وقائع القصة بالتفاصيل التي روتها وتتحمل وحدها مسؤولية الخطأ». وجاء في بيان الموقع أيضاً «لكن آليات التحقيق التي استخدمتها لاحقاً مؤسسات سياسية وحقوقية أثبتت أن القصة يعتريها التدليس والتزوير، وهي على خلاف ما نشرته مرآة البحرين».
جميل أن تصدر جمعية الوفاق بياناً تؤكد فيه عدم صحة القصة «بتفاصيله المنشورة»، وجميل أن يعتذر الموقع الإلكتروني الذي روج القصة واعتبرها قنبلة الموسم ويعترف أنه أخطأ وأنه «تعرض لعملية تضليل»، وأن «القصة تعاني من تدليس واختلاق»، لكن هذا لا يعفي الموقع الإلكتروني ومن كان وراء القصة من المسؤولية الكاملة، لأن مثل هذه القصص لو سيقت في ظروف عادية لما تسببت في كل الذي تسببت فيه من ألم نفسي وخروج إلى الشوارع ولما تسببت في أذى رجال الأمن الذين ثبتت براءتهم بشهادة «شاهد من أهلها».
الأخطر من القصة هو تداعياتها، والأكيد أن كثيرين تضرروا جراء نشرها، ولو أنها كشفت عن أمور أولها أنه ليس كل ما ترويه «المعارضة» دقيق وصادق، وثانيها أنه ليس كل اتهام ضد رجال الأمن صحيح ودقيق بالضرورة.
القصة هزت مصداقية «المعارضة» وأضعفت موقعها. هكذا سيقول الإعلامي سعيد الحمد في برنامجه الشهير، وسيضيف: «ما قلت لكم»؟! ولعله سيطلب من المخرج فاصلاً تعبيراً عن ضيقه!