كل شيء في هذا العالم أصبح يعلم ويدرس، وتعطى لطلابه الشهادات وتوضع لهم درجات الامتياز والجيد جداً والجيد والمقبول، وقد يكون هناك للغبي إعادة.
«الطرارة» أو الشحاذة هي فعلاً مدارس منها ثانوي وإعدادي وابتدائي ومنها الجامعات أيضاً، لا أقول هذا من باب «المسخرة» أو التندر، لكنها حقيقة مرة ابتلينا بها في مجتمعاتنا المتخلفة، حتى أصبحت مهنة «الطرارة» نصب وفن واحتيال، وقد يكون هو عنوان الندوة أو الدراسة أو ورشة العمل التي يدخلها «العيايرة» كي ينتشروا بعدها في المجتمع كل حسب تخصصه.
تتعدد اللغات والأساليب والطرق لكن الهدف واحد والنهاية محددة، أسوق لكم بعض الصور لم ينقلها إلي أحد القراء، لكني تعرضت لها مراراً وما أكثرها في مقاهي البحرين وشوارعها، وما أكثر أبطال هذا المسلسل الذي يمتد عرضه طوال العام ويحطم أرقام المسلسلات التركية والصينية وكل أرقام موسوعة «غينيس».
أول هذه المشاهد كان تم تصويره في أحد مقاهي مدينة عيسى، كنت في أحد زوايا المقهى عن يميني الشيشة وعن يساري شاي أحمر «كشري» وأتصفح إحدى الجرائد وأكركر في الشيشة، وصدفة يتبدل المشهد تدخل امرأة ضخمة الحجم ملفوفة بعباءة ولا يظهر منها شيء، حتى أنك لا تميز إن كانت امرأة أو أنها رجل بشوارب، فأنت لا ترى إلا غيمة سوداء اللون تتحرك بين الكراسي وتنبئ أن ما بعدها سيكون المطر.
«نعم آمري حجية» قلت لها، وانفلتت تؤدي دور الأم المسكينة التي يتفتت قلبها على أبنائها ولا أدري كم عددهم ولم أسأل، لأن الموضوع ليس من اختصاصي قالت «الله يخليلك عيالك وعيال عيالك وكل من يعزون عليك من الأهل والجيران والأصدقاء»، قاطعتها و»بعدين ما بقت إلا الشغالة يعني هاتي من الآخر آنه مب طالب أغنية ولا تصل في برنامج على الهوا».
قالت «آنه مرة فقيرة» قلت «كلنا فقارة والله سبحانه وتعالى هو الغني»، ردت «لكن ياولدي عيالي يبون غدا والغدا يبي فلوس»، أكملت لها النشيدة «والفلوس عند العروس والعروس تبي ريل»، أجابت «آنه ما عندي ريل ريلي متوفي وعيالي يتامى ويطالعون ويه الله والطيبين من أمثالك يساعدونهم علشان يسدون جوعهم ويشفونهم من المرض، وأنت يا ولدي ويهك يقول إنك ولد ناس وعندك خير وكريم مثل والديك الله يخليهم لك»، قلت لها «قصدك الله يرحمهم برحمته».
ردت المرأة باستغراب «جيف ماتو» قلت «مثل ما مات ريلك، يعني يا حجية تبين تقنعيني وأصدقك إن في البحرين ممكن ناس تموت من اليوع أو المرض والمراكز الصحية تارسة الديرة، وأهل الخير الطيبين في البحرين ما تعيزهم لقمة حق يارهم المعتاز والكل يتمنى ياخذ الأجر من ورا هاللقمة، لكني بعطيك دينار وشرطي الوحيد إن كنت عيارة وكل ما قلتيه فيلم هندي عسى الله لايطوفك باب القهوة إلا وأنت تزحفين على يدك بعد أن تنشل ريلك قولي آمين»، وإذا بالحرمة الفقيرة المحتاجة تتحول إلى سيارة فيراري وتشارك في سباقات الفورملا1 وتنطلق مثل الصاروخ وحتى الدينار استغنت عنه.
أما المشهد الثاني فقد تلقيت قبل يومين اتصالاً هاتفياً -هذه مدرسة آسيوية وقد تكون كلية على مستوى عال- كان المتصل أحد الآسيويين ومساكين ما أقلهم في البلد يعني يعدون على الأصابع، ومنهم من يساعد البلدية بل ويفوقها في النظافة فواحد ينظف الشوارع من العلب الفارغة وآخر من الكراتين وثالث ينبش في حاويات القمامة ينافس القطط والكلاب الضالة في البحث عن لقمة بايتة أو ساندويتش استغنى عنه أهله. المهم اتصل فيني وعرف عن نفسه على أنه محمد وما أكثرهم الذين يحملون اسم الرسول الأعظم، قلت «حياك الله هات ماعندك.. إذا أنا كنت اتصلت بك خطأ (سوري) ما كان قصدي أزعجك، وإذا أنت كهربائي أو بايفيتر آنه ماعندي مشكلة في البيت شكراً على اتصالك»، قال «أنت في معلوم هندي ولا عربي، قلت شايفني أكلمك من موزمبيق ولا أفغانستان، أكيد آنه في معلوم عربي ما فيه معلوم هندي، قول شعندك وخلصني».
وأكمل المتصل حديثه «آنه يسوي تلفون حق أنته لأنه بطاكة مال تيلفون مال آنه بعد شوية يخلص، ولازم يجيب بطاكة جديدة منشان يشحن تيلفون مال آنه، أنت فيه معلوم أرباب آنه شنو يبي»، قلت «لا ما في معلوم أنته شنو يبي، وأنته يالمدمور شلون حصلت تلفوني وآنه شنو دخلني في تيلفونك وبطاقته الله يدمرك أنت وياه، يعني مصحيني من نومي علشان تقولي قصة حياة تلفونك، وآنه شنو دخلني ليش جايفني شركة تيلفونات لو برادة تبيع بطاقات».
قال «لا لا أنت ما يفهم غلط آنه بس واحد مسكين وما في شغل، وأرباب مال آنه يقول يالله روح برع وما في أكل ولا فلوس علشان يسوي تيلفون حق واحد رفيق ما آنه علشان يجود وياخذني معاه بيت» قلت له بعد ما شعرت بالضغط والسكر والكحة والأمراض تجمعت في رأسي «الحين هذه الرقم مالك آنه يجود حق بوليس وهو يجي ياخذك أنت وتلفونك ويشتروا لك بطاكة ويسفرونك بلد مال أنته يعني أنت «فري فيزه» وآنه أتغربل معاك عليك وعلى معزبك ألفين وخمسمية ألف لعنة» وأغلق الخط وانتهى المشهد الثاني من مسلسل «الطرارة.. فن وعيارة» ترقبونا في رمضان على القنوات العربية المشفرة والأوردية المفتوحة.
الرشفة الأخيرة
سألني ابني بعد أن أخذته من المدرسة «يبه شسالفة الآسيويين اللي يبيعون صبار هندي في كل إشارة ودوار من الصبح لي الظهر وحتى في الليل هذلين ماعندهم أهل أو بيوت؟»، قلت له «مو أنت قلت صبار هندي يعني من يبيعه لازم يكون هندي ولازم يكون «فري فيزه» يعني يابه معزبه وتالي سرحه في الشوارع وهو وشطارته، وأمس كان موسم اللوز واليوم صبار وباجر ماي وعقبه شاي كرك».
«الطرارة» أو الشحاذة هي فعلاً مدارس منها ثانوي وإعدادي وابتدائي ومنها الجامعات أيضاً، لا أقول هذا من باب «المسخرة» أو التندر، لكنها حقيقة مرة ابتلينا بها في مجتمعاتنا المتخلفة، حتى أصبحت مهنة «الطرارة» نصب وفن واحتيال، وقد يكون هو عنوان الندوة أو الدراسة أو ورشة العمل التي يدخلها «العيايرة» كي ينتشروا بعدها في المجتمع كل حسب تخصصه.
تتعدد اللغات والأساليب والطرق لكن الهدف واحد والنهاية محددة، أسوق لكم بعض الصور لم ينقلها إلي أحد القراء، لكني تعرضت لها مراراً وما أكثرها في مقاهي البحرين وشوارعها، وما أكثر أبطال هذا المسلسل الذي يمتد عرضه طوال العام ويحطم أرقام المسلسلات التركية والصينية وكل أرقام موسوعة «غينيس».
أول هذه المشاهد كان تم تصويره في أحد مقاهي مدينة عيسى، كنت في أحد زوايا المقهى عن يميني الشيشة وعن يساري شاي أحمر «كشري» وأتصفح إحدى الجرائد وأكركر في الشيشة، وصدفة يتبدل المشهد تدخل امرأة ضخمة الحجم ملفوفة بعباءة ولا يظهر منها شيء، حتى أنك لا تميز إن كانت امرأة أو أنها رجل بشوارب، فأنت لا ترى إلا غيمة سوداء اللون تتحرك بين الكراسي وتنبئ أن ما بعدها سيكون المطر.
«نعم آمري حجية» قلت لها، وانفلتت تؤدي دور الأم المسكينة التي يتفتت قلبها على أبنائها ولا أدري كم عددهم ولم أسأل، لأن الموضوع ليس من اختصاصي قالت «الله يخليلك عيالك وعيال عيالك وكل من يعزون عليك من الأهل والجيران والأصدقاء»، قاطعتها و»بعدين ما بقت إلا الشغالة يعني هاتي من الآخر آنه مب طالب أغنية ولا تصل في برنامج على الهوا».
قالت «آنه مرة فقيرة» قلت «كلنا فقارة والله سبحانه وتعالى هو الغني»، ردت «لكن ياولدي عيالي يبون غدا والغدا يبي فلوس»، أكملت لها النشيدة «والفلوس عند العروس والعروس تبي ريل»، أجابت «آنه ما عندي ريل ريلي متوفي وعيالي يتامى ويطالعون ويه الله والطيبين من أمثالك يساعدونهم علشان يسدون جوعهم ويشفونهم من المرض، وأنت يا ولدي ويهك يقول إنك ولد ناس وعندك خير وكريم مثل والديك الله يخليهم لك»، قلت لها «قصدك الله يرحمهم برحمته».
ردت المرأة باستغراب «جيف ماتو» قلت «مثل ما مات ريلك، يعني يا حجية تبين تقنعيني وأصدقك إن في البحرين ممكن ناس تموت من اليوع أو المرض والمراكز الصحية تارسة الديرة، وأهل الخير الطيبين في البحرين ما تعيزهم لقمة حق يارهم المعتاز والكل يتمنى ياخذ الأجر من ورا هاللقمة، لكني بعطيك دينار وشرطي الوحيد إن كنت عيارة وكل ما قلتيه فيلم هندي عسى الله لايطوفك باب القهوة إلا وأنت تزحفين على يدك بعد أن تنشل ريلك قولي آمين»، وإذا بالحرمة الفقيرة المحتاجة تتحول إلى سيارة فيراري وتشارك في سباقات الفورملا1 وتنطلق مثل الصاروخ وحتى الدينار استغنت عنه.
أما المشهد الثاني فقد تلقيت قبل يومين اتصالاً هاتفياً -هذه مدرسة آسيوية وقد تكون كلية على مستوى عال- كان المتصل أحد الآسيويين ومساكين ما أقلهم في البلد يعني يعدون على الأصابع، ومنهم من يساعد البلدية بل ويفوقها في النظافة فواحد ينظف الشوارع من العلب الفارغة وآخر من الكراتين وثالث ينبش في حاويات القمامة ينافس القطط والكلاب الضالة في البحث عن لقمة بايتة أو ساندويتش استغنى عنه أهله. المهم اتصل فيني وعرف عن نفسه على أنه محمد وما أكثرهم الذين يحملون اسم الرسول الأعظم، قلت «حياك الله هات ماعندك.. إذا أنا كنت اتصلت بك خطأ (سوري) ما كان قصدي أزعجك، وإذا أنت كهربائي أو بايفيتر آنه ماعندي مشكلة في البيت شكراً على اتصالك»، قال «أنت في معلوم هندي ولا عربي، قلت شايفني أكلمك من موزمبيق ولا أفغانستان، أكيد آنه في معلوم عربي ما فيه معلوم هندي، قول شعندك وخلصني».
وأكمل المتصل حديثه «آنه يسوي تلفون حق أنته لأنه بطاكة مال تيلفون مال آنه بعد شوية يخلص، ولازم يجيب بطاكة جديدة منشان يشحن تيلفون مال آنه، أنت فيه معلوم أرباب آنه شنو يبي»، قلت «لا ما في معلوم أنته شنو يبي، وأنته يالمدمور شلون حصلت تلفوني وآنه شنو دخلني في تيلفونك وبطاقته الله يدمرك أنت وياه، يعني مصحيني من نومي علشان تقولي قصة حياة تلفونك، وآنه شنو دخلني ليش جايفني شركة تيلفونات لو برادة تبيع بطاقات».
قال «لا لا أنت ما يفهم غلط آنه بس واحد مسكين وما في شغل، وأرباب مال آنه يقول يالله روح برع وما في أكل ولا فلوس علشان يسوي تيلفون حق واحد رفيق ما آنه علشان يجود وياخذني معاه بيت» قلت له بعد ما شعرت بالضغط والسكر والكحة والأمراض تجمعت في رأسي «الحين هذه الرقم مالك آنه يجود حق بوليس وهو يجي ياخذك أنت وتلفونك ويشتروا لك بطاكة ويسفرونك بلد مال أنته يعني أنت «فري فيزه» وآنه أتغربل معاك عليك وعلى معزبك ألفين وخمسمية ألف لعنة» وأغلق الخط وانتهى المشهد الثاني من مسلسل «الطرارة.. فن وعيارة» ترقبونا في رمضان على القنوات العربية المشفرة والأوردية المفتوحة.
الرشفة الأخيرة
سألني ابني بعد أن أخذته من المدرسة «يبه شسالفة الآسيويين اللي يبيعون صبار هندي في كل إشارة ودوار من الصبح لي الظهر وحتى في الليل هذلين ماعندهم أهل أو بيوت؟»، قلت له «مو أنت قلت صبار هندي يعني من يبيعه لازم يكون هندي ولازم يكون «فري فيزه» يعني يابه معزبه وتالي سرحه في الشوارع وهو وشطارته، وأمس كان موسم اللوز واليوم صبار وباجر ماي وعقبه شاي كرك».