تسير الدائرة الضيقة التي ربطت مصيرها بمصير عيسى قاسم في الأمانة العامة لجميعة الوفاق بالتيار كله نحو الهاوية لا بالجمعية فحسب.
فهذه الدائرة أصبحت تعرف أن سقوط عيسى قاسم هو سقوط لها وهي التي تعتاش على ظله، وفقدت حلفاءها داخل الجمعية بعد أن عجزت عن تشكيل حلف وطني حين يتأتى وقت الاستحقاقات السياسية.
ولأنها شعرت بالتهديد حين مست «هيبة» عيسى قاسم سادها الارتباك ولم تحسبها صح فدعت «للزحف» إلى الدراز رغم تحذير كل أصدقائها من داخل الوفاق وخارجها بأن هذه الدعوة فيها مجازفة كبيرة في هذا التوقيت، ولابد أن تكون محسوبة جيداً، فقد جرت مياه تحت الجسور منذ مارس 2012 إلى اليوم، انفض جمع كبير وحصل شقاق خطير داخل الجمعية وداخل التيار، والتغيرات الإقليمية أخلت بموازين 2012. فالرجل ليس كما كان ومكانته خدشت، فلا ترموا بالورقة الأخيرة هكذا دون حسبان ودون استعداد فتكشفوا عن هذه المتغيرات بمعنى خلوها مستورة.
الآن لا فائدة من التلاوم ولا فائدة من محاولات ترقيع الصورة ولا فائدة من وهم وسراب الصورة، كان من الأفضل لو تركت بقايا الهالة القدسية لهذا الشيخ الذي تجرجرونه من مكان لمكان كي تغطوا به عورتكم، كان من الأجدى أن تحافظوا على ما تبقى لها من هيبة بدلاً من خدشها، لكن إصراركم على رأيكم فضح الصورة وفضح الثقل الحقيقي المتبقي للوفاق بعد أن أهدرت البقية بأخطائكم المتكررة، فتحولت الوفاق كلها إلى رافعة للشيخ بدل أن يكون الشيخ رافعاً لها في الشارع.
وفي اعتقادي نجحت السلطة وبذكاء كبير في جر الوفاق إلى أن ترمي بورقتها الأخيرة كي تقيس معها حجم هذه الورقة، فابتلعت الوفاق الطعم بغباء وسارعت تحت إغراء البيان الإيراني إلى حلبة الاستعراض لتقع الواقعة وتحرج الرجل أيما إحراج!!!!
قلة الخبرة إذا أضيف لها الغرور كانت سلاحاً قاتلاً ارتد إلى نحر صاحبه، وقاد هذا الفريق الجمعية ومعها التيار كله من فشل لآخر ضيع الفرص وفرق الشمل وخسر الدعم الدولي ثم حرق ورقته الأخيرة دون أن يحقق مكسباً واحداً.
فريق كل مناوراته هي الرفض وانتظار التعليمات من رجل مرهون بالأجندة الإيرانية لا يمكن أن يخرج بأي مكتسبات، خاصة إذا عجز عن قراءة المشهد قراءة سليمة واتكل على أوهامه.
يختار التوقيت الخطأ ليرمي بأهم أوراقه ويضيع فرصة التوقيت الصح بحسابات خاطئة، ويضع بيضه كله في سلة واحدة لتضيع كل المكتسبات هباء، هذا ما فعلته الأمانة العامة بالوفاق وبالتيار وحتى بالطائفة.
حتى تحالفها مع تيار الوفاء كان وبالاً على الوفاق، والكل يتلاوم الآن بأن هذا التيار ضيعنا مرة فكيف نرتكب نفس الخطأ مرة ثانية، إذ لطالما كانت قيادة هذا التيار الوفائي متذبذبة حسب المصلحة وحسب الحاجة، فليت الوفاق تحالفت مع تيار ممكن أن يحدث فارقاً على الساحة عدا إثارة بعض الغبار هنا وهناك.
فمنظر «الوفاء» (عبدالوهاب حسين) يعيش حالة «زكزاكية» من التخبط في المواقف والقرارات، ففي التسعينات وبعد أن أحرق البلد ومارس العنف بأشد أنواعه وذهب ضحيته أرواح وأموال عامة ودخل السجن، خرج برسالة اعتذار مذلة للراحل طيب الله ثراه الشيخ عيسى بن سلمان.
وكان لعبدالوهاب حينها دور كبير في التنظير لعيسى قاسم والجمري لكنه نحى بالحراك للعنف وجر البلاد إلى الاضطرابات، ثم اعتذر عنها واعتزل الحياة السياسية، لكنه لم يستطع احترام كلمته وقراره، فعاد للحياة السياسية وأصبح منظراً لعيسى قاسم حين كان في المنفى منافساً لعبدالنبي الدرازي بعد أن تعمم، ثم اختلف مع عيسى قاسم بعد عودته للبحرين وأعلن قرار الاعتزال، وجميعنا يذكر محاولاته لاستبدال عيسى قاسم بالمقداد وفشله في الحصول للمقداد على توكيل من إيران، ثم كسر كلمته للمرة الألف وعاد بعد قرار الاعتزال وتوسط الدوار حين توهم أن قطف الثمار قريب، الأمانة العامة تعرف ذلك وهناك شريحة كبيرة في الأمانة غير موافقة على هذا التحالف، ومقتنعة أن هذا الحلف مرده للفشل ومرده أن يجر الجمعية كلها والتيار كله للفشل معها، خاصة أن شريحة من الأمانة العامة نجحت بعقد تحالفات مع دوائر أمريكية وعدت بمساعدتها وتذليل صعابها لتمكينها ودعمها، فأبى تيار الوفاق الخاضع لعيسى قاسم إلا أن يفسد هذا المخطط «وهنا أشك أن ممثل أوباما جاء برسالة إيجابية لعيسى قاسم»، فهناك مؤشرات كثيرة من الدوائر الأمريكية تدل على أن عيسى قاسم أصبح عبئاً وعائقاً حتى على مخططاتها لدعم الوفاق وهكذا تحول الرجل من رافع للوفاق إلى أن تصبح الوفاق رافعة له!!