«مايكل إديبولاجو» شاب بريطاني (28 عاماً) من أصول نيجيرية اعتنق الإسلام حديثاً وغير اسمه إلى «مجاهد»، قام يوم الأربعاء الماضي بقتل جندي بريطاني يدعى «درامر لي ريجبي» في منطقة «ووليتش» جنوب شرقي لندن باستخدام «ساطور»!
عملية القتل صورت في فيديو مروع انتشر على شبكة الإنترنت يظهر فيه «إديبولاجو» وهو يحمل ساطوراً ملطخاً بالدم ويردد كلاماً يوضح فيه أن ما دفعه قتل «ريجبي» هو أن المسلمين يموتون كل يوم!
صحف بريطانية مثل «الجارديان» و»الإندبندنت» كتبت بالأمس أنه منذ يوم الأربعاء الماضي وحتى اليوم سجلت حوادث اعتداءات على مسلمين بريطانيين أو مقيمين في المملكة المتحدة، فيما أشارت منظمة «فيث ماترز» المتخصصة في محاربة التطرف الديني أنها سجلت 150 حادثة اعتداء على المسلمين بغض النظر عن جنسياتهم، كما إن بث كراهية الأديان والتهديد بالانتقام باتت مادة منتشرة بقوة على وسائل التواصل الاجتماعي.
بحسب التقارير الإعلامية فإن الحادثة يصعب ربطها بنشاط جماعات متطرفة دينية، لكن الخطير ما قاله «حامل الساطور» في الفيديو وإشارته لكونها عملية انتقامية لقتل المسلمين، والمخيف في المسألة ردات الفعل العنيفة التي بدأت تبرز ضد المسلمين في بريطانيا.
سفارة المملكة العربية السعودية في بريطانيا أصدرت بياناً موجهاً لمواطنيها المقيمين والزائرين للمملكة المتحدة بأن يتخذوا الحيطة والحذر وأن يبتعدوا عن الأماكن والتجمعات المشبوهة وألا يستجيبوا لأية استفزازات محتملة.
صحيفة «التايمز» وضعت الخبر مرفقاً بصورة للقتيل الجندي «ريجبي» بملابسه العسكرية وسلاحه حينما كان يقوم بالخدمة العسكرية في أفغانستان، بينما أبرزت «الديلي تليغراف» صورة لمسيرة عسكرية لجنود بريطانيين عائدين من أفغانستان أقيمت في «يورك»، كما غطت الصحف تعرض مساجد في بريطانيا لهجمات انتقامية وتظاهر لعشرات من أعضاء رابطة الدفاع الإنجليزية اليمينية المتطرفة في شوارع «ووليتش» مرددين هتافات مناهضة للمسلمين، ونقلت «الغارديان» قول زعيم الرابطة المتطرفة بأنهم «يقطعون رؤوس جنودنا، هذا هو الإسلام، يجب أن يحصل رد فعل»، بينما الأخطر كانت تغريدة زعيم الحزب القومي البريطاني على موقع «تويتر» حين كتب: يجب لف القتلة بـ»جلد خنزير» وإطلاق النار عليهم مرة ثانية.
الحكومة البريطانية تعاملت مع القضية بسرعة وحزم وأكدت رفضها صدور ردات فعل أياً كانت بدوافع انتقامية باعتبار أن الحادثة فردية ولا يمكن تعميمها على الجميع، في الوقت الذي حذرت بعض وسائل الإعلام «المعتدلة» من استغلال جماعات متطرفة للحادثة للقيام بأعمال إرهابية وانتقامية بغض النظر إن كانت محسوبة على اليمين المتطرف الإنجليزي أو الجماعات المتطرفة الإسلامية.
في أي مجتمع متعدد الأطياف والتلاوين «الأيديولوجية» يكون تنظيم الحياة المجتمعية مبنياً على القانون والدستور الذي ينص بالتأكيد على المساواة والعدالة ونبذ العنف وأي صور الكراهية، ويطغى في هذه المجتمعات المتقدمة في جانب الوعي المجتمعي مسألة إدراك الأفراد لمعنى كلمتي «حقوق» و»واجبات» وأهمية اتخاذ موقف مضاد لأي أعمال عنف وإرهاب مهما كان مصدرها، فأمن المجتمع والناس لا يقف عند إرهاب «مباح» لجماعات معينة، أو إرهاب «مرفوض» من قبل جماعات أخرى.
المنظمات الإسلامية البريطانية الكبرى سارعت لاستنكار الهجوم والمطالبة بتطبيق القانون حماية للمجتمع وأفراده. الإدانة كانت قوية وواضحة ومباشرة دون تبرير أو لف أو دوران، ودون أي تلاعب في الألفاظ بطريقة تحاول أن تشفع لمرتكب الجريمة كونه تأثر من اعتداءات تقع على المسلمين فقام برد فعل وأنه يجب مراعاته في المحاكمة أو «العفو عنه».
نعم أعربت هذه المنظمات عن قلقها من تداعيات الحادثة على المسلمين في بريطانيا، لكنها أكدت أنها جريمة فرد «مدانة تماماً» ولا يجب أن يؤخذ بجريرته آخرون، والأهم طالبت بتطبيق القانون وأيدته بكل قوة واعتبرته واجباً على الدولة القيام به تجاه مواطنيها.
الإرهاب والعنف والقتل والاعتداء أعمال لا تنتمي لأي «أيديولوجيا» أو «دين»، كلها أعمال تنتج عن التطرف والتعصب وغسل الأدمغة، وفي عرف الدول المتقدمة ديمقراطياً والمجتمعات المتحضرة فكرياً وبشرياً عملية التنصل من إدانة العنف أو مجرد محاولة التبرير له تجعل متخذي هذه المواقف «مشاركون» في الجريمة «قابلون» بها «مدافعون» عن مرتكبيها، بالتالي حالهم من نفس حال المجرم.