في عبارة جميلة في برنامجه بقناة القاهرة والناس يختصر إبراهيم عيسى الواقع الإخواني في مصر «المتغطي بالأمريكان عريان»!!
هذه الرسالة التي وجهها إبراهيم عيسى قالها الشعب المصري يوم 30 يونيو وقالها العديد من الكتاب والإعلاميين في ميدان التحرير أمس الأول، حين حمل الشعب المصري يافطات لم تبقِ ولم تذر للسفيرة الأمريكية ملخصها بأن وجودها غير مرغوب فيه في مصر، بعد أن انحاز الأمريكيون لجماعة الإخوان المسلمين انحيازاً لم يراعِ الطبيعة التعددية التي تشكل نسيج المجتمع المصري.
في البحرين لم يختلف الوضع بل تطابق تماماً إنما حين انحازت الولايات المتحدة الأمريكية إلى جماعة «الولي الفقيه» دون اعتبار للتعددية البحرينية التي ترفض وبشدة أن يدعي أو يحاول احتكار تمثيلها عمامة شيعية، فقام الشعب البحريني بتوجيه رسالة الاستياء واضحة في لقائه مع مساعدة وزير الخارجية الأمريكية، وعبر الإعلام، والآن يقوم «الائتلاف» بتبني عريضة شعبية لجمع تواقيع تدعو الإدارة الأمريكية لتغيير السفير الأمريكي، كصورة رمزية يبعثها شعب البحرين لتبين حجم الاعتراض على الموقف غير الحيادي الذي اختارته الإدارة الأمريكية للوقوف في صف جماعة «الولي الفقيه» ضد إرادة الشعب البحريني «كلاكيت ثاني مرة» إنما الحق يقال، هناك تغيير ملموس في الموقف الأمريكي وتدارك للخطأ الجسيم الذي تم ارتكابه، لكنها رسالة لابد أن تقال وصوت لابد أن يسمع وبقوة من شعب البحرين حتى لا يعتقد أحد أن إرادته أقوى من إرادة الشعوب وإن كان قوة عظمى.
والحق أيضاً أننا البحرينيين اكتشفنا اللعبة قبل المصريين، وتنبهنا للكمين قبل المصريين، ووقفنا صداً منيعاً ضد أكبر مؤامرة على شعب البحرين وأكبر خديعة كادت -لولا ستر الله- أن تجر البحرين إلى ما جرت إليه بقية دول الربيع العربي.
ما حدث درس للعديد من الأطراف، الدرس الأول أن يبدأ النظام السياسي بالعديد من الخطوات الإصلاحية خاصة الاقتصادية والتنموية وأن يقللوا من الفوارق بين الفئات المجتمعية، وأن يبدأ بمعالجة أوجه الهدر والفساد، وأن يرقى بالأداء الحكومي والحقوقي والعدلي.
ثانياً؛ هذا درس للجماعات الدينية و«بروفة» مصرية بحرينية، تشابه فيها انتفاضة الشعب وكل فئات المجتمع ضد عقلية الاستحواذ والإقصاء والهيمنة التي تقوم بها الجماعات الدينية باسم الدين.
ورفض لأن تدار أمور الدولة عن طريق مرشدين دينيين يديرون الدولة من وراء الستار لأحزاب سياسية تعتقد أنها تستمد قوتها من تحالفاتها الأجنبية.
ولو أن الجيش الإيراني والأمن الإيراني وقف على الحياد ولم يقمع الشعب ويعلق له المشانق، لكانت انتفاضات الإيرانيين الخضراء ضد نظام الملالي وصلت إلى نفس النتيجة التي وصل إليها المصريون.
الدرس الثالث لشبابنا الذين تحزبوا دينياً لا سياسياً حين أرادوا أن يعبروا عن رأيهم ويشاركوا في الحياة السياسية وهذا حقهم، لكنهم اختاروا الاصطفاف الديني وهنا لا أوجه اللوم إلى قيادات تلك التنظميات فحسب، بل إلى أبنائنا الذين أشفق لأنهم سلموا عقولهم لقيادات وتنظميات كانوا يرون فيها طهارة ونقاء ومواقف ومبادئ ثابتة، هذه التنظيمات بنت جبالاً من الأوهام لمؤيديها ومشجعيها من شباب هذه الأمة العربية، وهم الآن في صدمة كبيرة، خاصة إخوان الخليج في صدمة من إخوان مصر كيف خذلوهم؟ كيف تحالفوا مع إيران وتصالحوا مع إسرائيل واستعانوا بالأمريكان؟ الآن هم يتساءلون معقولة؟ هل خدعونا؟ هل استغلونا؟
تناقشت مع أكثر من شاب كانوا في ذهول، غير مصدقين إلى هذه اللحظة أن إخوان مصر باعوهم وتصالحوا مع إيران، بعضهم أفاق من صدمته وبعضهم مازال رافضاً أن يفيق.
جماعة الولي الفقيه في صدمة من قياداتها التي خذلتهم واختلفت وانشقت وتحالف بعضهم مع الأمريكان رغم أنه الشيطان الأكبر، وبعضهم مازال معتقداً أن الولي الفقيه لن يتخلى عنهم في سبيل صفقة تسوية!
الخلاصة:
الأمريكان تحالفوا مع الجماعات الدينية العربية المتشددة وأرادوا تمكينهم على رقاب الشعب العربي على أساس أن هذه الجماعات هي من يمثل العشب العربي.
وهذه الجماعات قبل التحالف بـ «السر» مع الأمريكان رغم أن خطابها العلني أنها ضد الأمريكان.
الأنظمة العربية أفاقت من حلم الركود والنوم على هذه الصدمة فسقط من سقط وأفاق من أفاق، واليوم علينا أن نستفيد مما حدث... رب ضارة نافعة وعلى رأي الطيبين «صلاح من رب العالمين».