باختصار وبشكل مباشر؛ فإن الجواب على هذا السؤال هو لا شيء يذكر. نعم؛ هذه هي الحقيقة المجردة دون مبالغة، لا توجد إنجازات تذكر لحوار التوافق الوطني، بطبعي لست متشائماً ولا أميل لجهة تحليل الأمور والنظر إليها من نظارة سوداء، لكن الواقع يقول ذلك، ببساطة لم يتحقق أي شيء ملموس منذ بدء جلسات الحوار في العاشر من فبراير الماضي.
الدليل على ذلك -على سبيل المثال فقط- أنه في الجلسة الأخيرة، قبل توقف الحوار وعودته بعد عيد الفطر المبارك، طرح ممثلو «المعارضة» فكرة التمثيل المتكافئ في جلسات الحوار!! أيعقل ذلك بعد مرور أربعة أشهر على بدء الحوار؟! هل يمكن أن نفسره بغير تعمد تعطيل التسوية وتسويف الوقت وتمييع الجلسات؟ ألم يفعل ممثلي المعارضة ذلك من قبل؟ فبعد أن توافقوا من باقي ممثلي القوى الوطنية على مشاركة الحكومة في الجلسات وبعد أن تم الاستجابة لهذا المطلب تحديداً وهو مطلبهم، استيقظوا كذلك فجأة «ذات صباح» وجاؤوا بطرح آخر تماماً، وهو اشتراط مشاركة الحكم وليس الحكومة في الجلسات!! رغم أن جلالة الملك ليس طرفاً في الحوار، بل هو راعي الحوار وضامن نجاحه وتنفيذ ما يخرج عنه من توافقات وليس طرفاً متساوياً مع باقي الأطراف على الطاولة، وهو أمر مفروغ منه منذ البداية!!
هل يمكن قراءة ذلك إلا بعدم الجدية والسعي لتقطيع الحوار؟! ببساطة؛ هم يدفعوننا بمواقفهم لتصديق من يقول إن الجماعة ينتظرون ما ستؤول إليه الأحداث في سوريا كي يبنوا عليها وجهتهم، بوضوح أكثر ستحدد لهم بعد ذلك وجهتهم، فإن كانت الغلبة لنظام الأسد ومن معه «حزب الله وفيلق بدر وجيش المهدي ومرتزقة روسيا وإيران»، ستكون هناك حسابات جديدة لإيران وأمريكا في المنطقة عموماً ومنها البحرين. أما إن كانت الهزيمة حليفتهم فإن حساباتهم ستتأقلم مع هذا الوضع أيضاً، ولا يمكن التنبؤ بها، فإيران لو خسرت حربها في سوريا ستضطر إلى تقديم تنازلات و»تهدئة اللعب في المنطقة»، أو لعلها سترقص جريحة وتسعى لتفجير الأوضاع أكثر في دول أخرى كالعراق واليمن والسعودية والكويت وطبعاً البحرين، إذاً إيران تنتظر ذلك والجماعة عندنا يبدو أنهم ينتظرون معها!!
عموماً المعارضة تقول غير ذلك، فهم يؤكدون أن قضيتهم محلية وهدفهم الإصلاح والخير لكل فئات المجتمع وحساباتهم ليست إقليمية ولا طائفية وليست لهم علاقات لا بإيران ولا بغيرها، حسناً أثبتوا لنا ذلك وقدموا شيئاً من حسن النوايا. إن كنتم تريدون خير الجميع فأوقفوا الاعتداءات وعنف الشوارع وحرق مقدرات البلد والممتلكات العامة وتعطيل الاقتصاد وكل الممارسات التي تزيد الاحتقان الطائفي، وإن كان لا يجمعكم بإيران شيء فأعلنوا صراحة شجبكم لتدخلاتها في شأننا المحلي ولتصريحاتها العدائية ضد البحرين، ولا تتعاونوا مع قنواتها التي تستهدف بلادكم، وإن كان هدفكم المصلحة العامة ودفع العملية السياسية ومزيداً من المكاسب للجميع؛ فلماذا تعرقلون كل حل سياسي؟ ولماذا لا تقدمون بدائل واقعية؟ والأهم؛ لماذا تعطلون سير الحوار وتضعون كل يوم عصا جديدة في عجلته؟!
أيضاً كيف يمكن أن نفسر المراوغات والتعطيل والتركيز في الجلسات الماضية منذ بدايتها إلى يوم توقفها على الجوانب الإجرائية والآليات، الأمر الذي أضاع وقتاً ثميناً في جدل عقيم، ووقف حائلاً دون الدخول في مناقشة المحاور الرئيسة للإصلاح السياسي تحت عباءة التوافق الوطني.
خذوا مثلاً آخر على عرقلة جلسات الحوار؛ إذ بعدما تم الاتفاق منذ الجلسات الأولى أن القرارات تتخذ بالتوافق وليس بالتصويت، وأن ما يتم التوافق عليه بين مكونات المجتمع السياسي الممثلة في الحوار هو اتفاق نهائي يرفعه وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف إلى جلالة الملك المفدى، وبعد الانتهاء من كل ذلك وقبل الانتقال إلى نقاط أخرى؛ عاد ممثلو المعارضة كي يعترضوا على هاتين النقطتين، لماذا هذا التراجع إن لم يكن التعطيل هو الهدف؟
بعد كل ذلك؛ من أين لنا أن نقول بأن جلسات حوار التوافق الوطني حققت أي شيء؟ وكيف لنا أن نشاطر وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة تفاؤله من خروج الحوار بنتائج إيجابية حين قال: «إن الحكومة تنظر بتفاؤل وأمل إلى الحوار القائم، وترى أن هناك فرصاً جدية لتحقيق المزيد من التوافقات في مجال التطور السياسي»، قد يكون هذا التفاؤل جميلاً لولا أنه هو نفسه قال كذلك: «إن الجمعيات الخمس تصر على عدم مناقشة جدول الأعمال قبل حسم الآليات المتعلقة بطبيعة التمثيل المتكافئ والاستفتاء، ورفضت مبدأ أن التوافقات التي يتوصل إليها الأطراف تمثل اتفاقاً نهائياً ملزماً متكاملاً يتضمن صيغاً لتعديلات دستورية أو قانونية أو إجرائية محددة وترفع إلى جلالة الملك».
إذا كان الواضح تماماً أنه لا يوجد توافق على أي شيء أساسي، وأن حصيلة جلسات الحوار بعد أربعة شهور كاملة تكاد تكون صفراً، وأن المعارضة ترفض كل شيء تقريباً.. فكيف لنا أن نتفاءل؟!
{{ article.visit_count }}
الدليل على ذلك -على سبيل المثال فقط- أنه في الجلسة الأخيرة، قبل توقف الحوار وعودته بعد عيد الفطر المبارك، طرح ممثلو «المعارضة» فكرة التمثيل المتكافئ في جلسات الحوار!! أيعقل ذلك بعد مرور أربعة أشهر على بدء الحوار؟! هل يمكن أن نفسره بغير تعمد تعطيل التسوية وتسويف الوقت وتمييع الجلسات؟ ألم يفعل ممثلي المعارضة ذلك من قبل؟ فبعد أن توافقوا من باقي ممثلي القوى الوطنية على مشاركة الحكومة في الجلسات وبعد أن تم الاستجابة لهذا المطلب تحديداً وهو مطلبهم، استيقظوا كذلك فجأة «ذات صباح» وجاؤوا بطرح آخر تماماً، وهو اشتراط مشاركة الحكم وليس الحكومة في الجلسات!! رغم أن جلالة الملك ليس طرفاً في الحوار، بل هو راعي الحوار وضامن نجاحه وتنفيذ ما يخرج عنه من توافقات وليس طرفاً متساوياً مع باقي الأطراف على الطاولة، وهو أمر مفروغ منه منذ البداية!!
هل يمكن قراءة ذلك إلا بعدم الجدية والسعي لتقطيع الحوار؟! ببساطة؛ هم يدفعوننا بمواقفهم لتصديق من يقول إن الجماعة ينتظرون ما ستؤول إليه الأحداث في سوريا كي يبنوا عليها وجهتهم، بوضوح أكثر ستحدد لهم بعد ذلك وجهتهم، فإن كانت الغلبة لنظام الأسد ومن معه «حزب الله وفيلق بدر وجيش المهدي ومرتزقة روسيا وإيران»، ستكون هناك حسابات جديدة لإيران وأمريكا في المنطقة عموماً ومنها البحرين. أما إن كانت الهزيمة حليفتهم فإن حساباتهم ستتأقلم مع هذا الوضع أيضاً، ولا يمكن التنبؤ بها، فإيران لو خسرت حربها في سوريا ستضطر إلى تقديم تنازلات و»تهدئة اللعب في المنطقة»، أو لعلها سترقص جريحة وتسعى لتفجير الأوضاع أكثر في دول أخرى كالعراق واليمن والسعودية والكويت وطبعاً البحرين، إذاً إيران تنتظر ذلك والجماعة عندنا يبدو أنهم ينتظرون معها!!
عموماً المعارضة تقول غير ذلك، فهم يؤكدون أن قضيتهم محلية وهدفهم الإصلاح والخير لكل فئات المجتمع وحساباتهم ليست إقليمية ولا طائفية وليست لهم علاقات لا بإيران ولا بغيرها، حسناً أثبتوا لنا ذلك وقدموا شيئاً من حسن النوايا. إن كنتم تريدون خير الجميع فأوقفوا الاعتداءات وعنف الشوارع وحرق مقدرات البلد والممتلكات العامة وتعطيل الاقتصاد وكل الممارسات التي تزيد الاحتقان الطائفي، وإن كان لا يجمعكم بإيران شيء فأعلنوا صراحة شجبكم لتدخلاتها في شأننا المحلي ولتصريحاتها العدائية ضد البحرين، ولا تتعاونوا مع قنواتها التي تستهدف بلادكم، وإن كان هدفكم المصلحة العامة ودفع العملية السياسية ومزيداً من المكاسب للجميع؛ فلماذا تعرقلون كل حل سياسي؟ ولماذا لا تقدمون بدائل واقعية؟ والأهم؛ لماذا تعطلون سير الحوار وتضعون كل يوم عصا جديدة في عجلته؟!
أيضاً كيف يمكن أن نفسر المراوغات والتعطيل والتركيز في الجلسات الماضية منذ بدايتها إلى يوم توقفها على الجوانب الإجرائية والآليات، الأمر الذي أضاع وقتاً ثميناً في جدل عقيم، ووقف حائلاً دون الدخول في مناقشة المحاور الرئيسة للإصلاح السياسي تحت عباءة التوافق الوطني.
خذوا مثلاً آخر على عرقلة جلسات الحوار؛ إذ بعدما تم الاتفاق منذ الجلسات الأولى أن القرارات تتخذ بالتوافق وليس بالتصويت، وأن ما يتم التوافق عليه بين مكونات المجتمع السياسي الممثلة في الحوار هو اتفاق نهائي يرفعه وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف إلى جلالة الملك المفدى، وبعد الانتهاء من كل ذلك وقبل الانتقال إلى نقاط أخرى؛ عاد ممثلو المعارضة كي يعترضوا على هاتين النقطتين، لماذا هذا التراجع إن لم يكن التعطيل هو الهدف؟
بعد كل ذلك؛ من أين لنا أن نقول بأن جلسات حوار التوافق الوطني حققت أي شيء؟ وكيف لنا أن نشاطر وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة تفاؤله من خروج الحوار بنتائج إيجابية حين قال: «إن الحكومة تنظر بتفاؤل وأمل إلى الحوار القائم، وترى أن هناك فرصاً جدية لتحقيق المزيد من التوافقات في مجال التطور السياسي»، قد يكون هذا التفاؤل جميلاً لولا أنه هو نفسه قال كذلك: «إن الجمعيات الخمس تصر على عدم مناقشة جدول الأعمال قبل حسم الآليات المتعلقة بطبيعة التمثيل المتكافئ والاستفتاء، ورفضت مبدأ أن التوافقات التي يتوصل إليها الأطراف تمثل اتفاقاً نهائياً ملزماً متكاملاً يتضمن صيغاً لتعديلات دستورية أو قانونية أو إجرائية محددة وترفع إلى جلالة الملك».
إذا كان الواضح تماماً أنه لا يوجد توافق على أي شيء أساسي، وأن حصيلة جلسات الحوار بعد أربعة شهور كاملة تكاد تكون صفراً، وأن المعارضة ترفض كل شيء تقريباً.. فكيف لنا أن نتفاءل؟!