وصل خطاب للتو من طهران إلى أمين عام الوفاق جاء فيه «دم وعرض ومال من يشهد الشهادتين حرام لا يجوز التعدي عليه تحت أي مبررات واختلاف سياسي».
ونقول؛ لماذا هذا الخطاب من طهران؟ فهو خطاب يتوافق مع خطاب رئيس الوزراء العراقي في 19 مايو 2013، والذي دعا فيه إلى صلاة موحدة بين السنة والشيعة كل يوم جمعة في بغداد، حيث جاء فيه إن «الصلاة الموحدة يفهم منها أنها تجمع العراقيين من السنة والشيعة وهذا ما نتمناه، فالصلاة الموحدة الحقيقية يجب أن تجمع المسلمين بكل طوائفهم في مسجد واحد».
سنرى الآن وجه التشابه والذي يثبت أن مصدر الخطابين طهران..
- جاء في خطاب علي سلمان «المسلم السني والأباضي والزيدي وغيرهم من المذاهب الإسلامية إخوة دين ودم وعرض أحميهم وأدافع عنهم كما أحمي وأدافع عن نفسي». أما في خطاب المالكي فقد جاء «إن الصلاة الموحدة يفهم منها أنها تجمع العراقيين من السنة والشيعة وهذا ما نتمناه، فالصلاة الموحدة الحقيقة يجب أن تجمع المسلمين بكل طوائفهم في مسجد واحد، وتوجيهاتنا إلى الأجهزة الأمنية بحماية جميع المساجد واضحة ومشددة ولا تساهل في أي تقصير في هذا المجال».
وقال علي سلمان: «على كل طائفة ودين أن يأخذ على أيدي المتطرفين والمتشددين فيه وينكر عليهم أقوالهم وأفعالهم المتطرفة، وأن كل فرد منا قادر على مقاطعة خطاب التشدد والفتنة ودعم خطاب الوحدة والاحترام والألفة والمحبة، وأن ترك المجال لفئة قليلة موتورة في فكرها أن تسمم الحياة المشتركة لملايين المسلمين المعتدلين والمحبين لبعضهم طوال قرون»، أما المالكي فقد قال في خطابه: «على علماء الدين الأفاضل القيام بواجبهم بنبذ الطائفية والفرقة والدعوة إلى وحدة الصف، وأن الذين يستهدفون المساجد هم أعداء السنة والشيعة ويخططون لإشعال الفتنة وهو مخطط قديم يراد إحياؤه».
وجاء في خطاب آخر مشابه له في أبريل 2013: «إن البعث والقاعدة هم أعداء العراق الذين أشعلوا نيران الفتنة، وإن انفتاح الجميع بعضهم على بعض يحل المشكلات، وأنا مستعد للانفتاح على الجميع لتجنيب البلاد الفتنة الطائفية».
وبتحليل هذين الخطابين والرجوع بهما إلى الأصل، والذي جاء في خطاب خامنئي في أبريل 2013، حيث قال فيه «إن ما يجري في سوريا ليس حرباً بين السنة والشيعة بل بين أنصار المقاومة ضد إسرائيل وأعدائها، وإن الحكومة السورية ليست شيعية ولكنها تواجه معارضة علمانية معادية للإسلام، وإن أخطر ما يواجه حركة الصحوة الإسلامية هو إثارة الخلافات ودفع الحراك نحو صدامات دموية طائفية ومذهبية ومحلية، وإن وسائل الإعلام المأجورة تصور الحرب بسوريا بأنها نزاع سني - شيعي، وأن هذا الإعلام يؤدي دوره بشكل آخر في البحرين لاختلاق الكذب والخداع، في البحرين هناك أكثرية مظلومة.. ».
مرد أصل الخطابات الثلاثة يفسر ما وصلوا إليه من حالة نفسية متردية، وتدهور عقلي وإفلاس سياسي وقلة حيلة في ظل فشل المخطط الصفوي في البحرين وطعن إيران في قلبها وتفجير كبدها من انتصارات الجيش السوري الحر وثورة العراق المباركة، لهذه الأسباب أصدر خامنئي هذه الخطابات المشتركة المعاني وإن اختلف تنسيق عباراتها، فلو قرأنا خطاب خامنئي في أبريل وتلاه خطاب المالكي في مايو وخطاب علي سلمان في يونيو، لوجدنا أنها تحمل نفس الرسالة؛ ألا وهي الخداع والمكر الذي تلجأ إليه طهران كلما استحكمت على أنفاسها وأتباعها الحلقات، وهم لا يعرفون الحياء، لذلك لا يستحون أن يكذبوا ولا يخجلون أن يتمسكنوا، فقد اعتادوا التذلل، تمرسوا في التمسكن حتى التمكن.
نعود إلى خطاب علي سلمان، وهو الأهم بينهم وما يهمنا منها؛ نقول له إذا كنت صادقاً في خطابك هذا فتبرأ من عيسى قاسم، فهو المتطرف الأكبر والمتشدد الأول فقاطعه وتبرأ منه كما ذكرت في خطابك «إن كل فرد منا قادر على مقاطعة خطاب التشدد والفتنة»، فهو من أحل سفك دماء رجال الأمن، إلا إذا كانت شهادة رجل الأمن ناقصة وخارجة عن نطق الشهادة كما ينص عليها دستور الولي الفقيه، ومن هم الفئة الموتورة التي أشار إليها علي سلمان في خطابه، كل هذه تساؤلات إجابتها بأن من يقبل جباه وحواجب ورموش من يسفكون دم رجال الأمن ويطالب بإطلاق سراحهم ويسميهم المناضلين والمجاهدين والشهداء، هو الطائفي المتطرف المتشدد، فإذاً كلاهما سمما الحياة المشتركة بين البحرينيين المحبين لبعضهم طوال قرون، سمماها سماً لن ينفع معه علاج إلا «الحجامة»، وحجامتهم هي عودتهم إلى مصدر خطابهم طهران.