لعقود عدة عانت دول مجلس التعاون الخليجي كثيراً من التهديدات والتدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية، وكان أقصاها الدعم الإيراني لمحاولة إسقاط النظام الملكي الدستوري الحاكم، وإقامة جمهورية إسلامية بثيوقراطية ولاية الفقيه.
سبب هذه التدخلات موقف المرشد الإيراني الأول الخميني، ثم المرشد الإيراني الثاني خامنئي تجاه دول المجلس وقناعتهم بضرورة تصدير الثورة للحفاظ على استقرار النظام الإيراني وحماية مصالحه في المنطقة، والحفاظ على مكانة طهران كقوة إقليمية في النظام الإقليمي الخليجي.
تلك كانت المعاناة الأولى التي ارتبطت بتنظيمات عدة في دول مجلس التعاون الخليجي كانت بمثابة الذراع الإيرانية في مجتمعات الخليج، حتى وصلت إلى مراحل متقدمة من التغلغل داخل مؤسسات الدولة، وصار لديها نفوذ كبير، ووصلت في بعض الأوقات إلى أن صارت دولة داخل الدولة، حتى قامت بتحدي أنظمة وقوانين دول الخليج لأنها ترى أن الأنظمة غير شرعية، والقوانين ليست منصفة، ولذلك حرصت على تجاوزها باستمرار، تارة باسم الديمقراطية، وتارة أخرى باسم الحريات، وفي بعض الأوقات باسم حقوق الإنسان!
أما المعاناة الثانية، فإنها معاناة دول مجلس التعاون الخليجي من تنظيم الإخوان المسلمين التي يبدو أن الحكومات في المنطقة تعاملت مع التنظيم بتوجس طوال العقود المنصرمة طبقاً لاعتبارات المصالح، فمتى ما كانت هناك حاجة للتنظيم يتم منحه مكتسبات، ومتى ما زاد نفوذه وشكل خطراً يتم احتواؤه أو تصفيته سريعاً.
فرق كبير في تعامل دول مجلس التعاون الخليجي تجاه تنظيمات ولاية الفقيه وتنظيمات الإخوان المسلمين رغم أن أوجه الشبه بين التنظيمين أو على الأقل من الناحية الأيديولوجية كبير للغاية، يكفي أن لكل تنظيم منهما مرشداً، ومرجعية المرشد تعد مزدوجة، بمعنى هناك مرجعية سياسية ومرجعية أيديولوجية، وإذا تمت دراسة أنماط التشابه في النشاط السياسي ستتم معرفة جوانب متعددة وخصائص مشتركة في التنظيمين، سواءً من حيث التركيبة التنظيمية وهيراركيتها، أو على مستوى آليات التجنيد السياسي، أو التكتيكات المعمول بها.
من أهم إشكاليات التنظيمات السياسية في دول مجلس التعاون منذ النصف الأول من القرن العشرين إلى اليوم، أن التنظيمات دائماً ما تكون لها ارتباطات خارجية، سواءً من حيث الارتباط التنظيمي والعلاقات الخارجية، أو ارتباط أيديولوجي، ومن النادر أن نجد تنظيمات محلية النشأة، ومحلية الأيديولوجيا. وحتى عندما حاولت تنظيمات الإخوان مثلاً إبعاد ارتباطها بالتنظيم الدولي للإخوان، فإنها لم تتمكن من ذلك عندما سقط حكم الإخوان في القاهرة مؤخراً.
طبعاً تتحمل دول مجلس التعاون الخليجي مسؤولية عدم ظهور مثل هذه التنظيمات المستقلة الوطنية البعيدة عن الارتباط الخارجي سياسياً وأيديولوجياً لانشغالها الدائم بالاحتواء أو التصفية للتنظيمات القائمة، كما لم توفر لها البيئة المناسبة لكي تظهر، وهو بلاشك خطأ استراتيجي كان مكلفاً للغاية.
الأيديولوجيا انتهت في الشرق الأوسط، وحان الوقت جدياً لإعادة التفكير في كيفية ظهور قوى سياسية جديدة تقوم على الاستفادة من تجارب القوى السياسية الأيديولوجية التي أثبتت المعطيات عدم قدرتها على تقديم نموذج للحكم، أو حتى تقديم مشروع سياسي طموح قابل للتطبيق.
{{ article.visit_count }}
سبب هذه التدخلات موقف المرشد الإيراني الأول الخميني، ثم المرشد الإيراني الثاني خامنئي تجاه دول المجلس وقناعتهم بضرورة تصدير الثورة للحفاظ على استقرار النظام الإيراني وحماية مصالحه في المنطقة، والحفاظ على مكانة طهران كقوة إقليمية في النظام الإقليمي الخليجي.
تلك كانت المعاناة الأولى التي ارتبطت بتنظيمات عدة في دول مجلس التعاون الخليجي كانت بمثابة الذراع الإيرانية في مجتمعات الخليج، حتى وصلت إلى مراحل متقدمة من التغلغل داخل مؤسسات الدولة، وصار لديها نفوذ كبير، ووصلت في بعض الأوقات إلى أن صارت دولة داخل الدولة، حتى قامت بتحدي أنظمة وقوانين دول الخليج لأنها ترى أن الأنظمة غير شرعية، والقوانين ليست منصفة، ولذلك حرصت على تجاوزها باستمرار، تارة باسم الديمقراطية، وتارة أخرى باسم الحريات، وفي بعض الأوقات باسم حقوق الإنسان!
أما المعاناة الثانية، فإنها معاناة دول مجلس التعاون الخليجي من تنظيم الإخوان المسلمين التي يبدو أن الحكومات في المنطقة تعاملت مع التنظيم بتوجس طوال العقود المنصرمة طبقاً لاعتبارات المصالح، فمتى ما كانت هناك حاجة للتنظيم يتم منحه مكتسبات، ومتى ما زاد نفوذه وشكل خطراً يتم احتواؤه أو تصفيته سريعاً.
فرق كبير في تعامل دول مجلس التعاون الخليجي تجاه تنظيمات ولاية الفقيه وتنظيمات الإخوان المسلمين رغم أن أوجه الشبه بين التنظيمين أو على الأقل من الناحية الأيديولوجية كبير للغاية، يكفي أن لكل تنظيم منهما مرشداً، ومرجعية المرشد تعد مزدوجة، بمعنى هناك مرجعية سياسية ومرجعية أيديولوجية، وإذا تمت دراسة أنماط التشابه في النشاط السياسي ستتم معرفة جوانب متعددة وخصائص مشتركة في التنظيمين، سواءً من حيث التركيبة التنظيمية وهيراركيتها، أو على مستوى آليات التجنيد السياسي، أو التكتيكات المعمول بها.
من أهم إشكاليات التنظيمات السياسية في دول مجلس التعاون منذ النصف الأول من القرن العشرين إلى اليوم، أن التنظيمات دائماً ما تكون لها ارتباطات خارجية، سواءً من حيث الارتباط التنظيمي والعلاقات الخارجية، أو ارتباط أيديولوجي، ومن النادر أن نجد تنظيمات محلية النشأة، ومحلية الأيديولوجيا. وحتى عندما حاولت تنظيمات الإخوان مثلاً إبعاد ارتباطها بالتنظيم الدولي للإخوان، فإنها لم تتمكن من ذلك عندما سقط حكم الإخوان في القاهرة مؤخراً.
طبعاً تتحمل دول مجلس التعاون الخليجي مسؤولية عدم ظهور مثل هذه التنظيمات المستقلة الوطنية البعيدة عن الارتباط الخارجي سياسياً وأيديولوجياً لانشغالها الدائم بالاحتواء أو التصفية للتنظيمات القائمة، كما لم توفر لها البيئة المناسبة لكي تظهر، وهو بلاشك خطأ استراتيجي كان مكلفاً للغاية.
الأيديولوجيا انتهت في الشرق الأوسط، وحان الوقت جدياً لإعادة التفكير في كيفية ظهور قوى سياسية جديدة تقوم على الاستفادة من تجارب القوى السياسية الأيديولوجية التي أثبتت المعطيات عدم قدرتها على تقديم نموذج للحكم، أو حتى تقديم مشروع سياسي طموح قابل للتطبيق.