الثورة كمصطلح سياسي هي محاولة الخروج عن الوضع الراهن إلى وضع أفضل، وهناك تعريفان أساسان للثورة؛ التعريف التقليدي القديم الذي وضع مع انطلاق الشرارة الأولى للثورة الفرنسية وهو قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه لتغيير نظام الحكم بالقوة، والتعريف المعاصر وهو التغيير الذي يحدثه الشعب لتحقيق طموحاته بغية تغيير نظام الحكم العاجز عن تلبية هذه الطموحات ولتنفيذ برنامج من المنجزات الثورية غير الاعتيادية.
وحسب الوكيبيديا قد تكون الثورة شعبية مثل الثورة الفرنسية وثورات أوروبا الشرقية وثورة أوكرانيا المعروفة بـ «الثورة البرتقالية»، أو عسكرية وهي التي تسمى انقلاباً مثل الانقلابات التي سادت أمريكا اللاتينية في حقبتي الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، أو حركة مقاومة ضد مستعمر مثل الثورة الجزائرية.
بناء على هذه التعريفات والمعلومات يأتي السؤال المطروح في العنوان، هل ما يجري في البحرين منذ فبراير 2011 يعتبر ثورة أم أنه لا يرقى إلى هذا المفهوم؟
للوهلة الأولى الجواب هو نعم؛ إنه ثورة، وللوهلة الأولى أيضاً الجواب هو لا؛ إنه ليس كذلك، وإذا كان ثورة فهل هي قابلة للنجاح والفوز؟ وإذا لم يكن ثورة فما هو؟
في البحرين يوجد بشكل عام عدم رضا من قبل فئة من المجتمع، هذه الفئة اتفقت على الخروج عن الوضع الراهن ومحاولة تغييره، لذا حددت يوماً للانطلاق نحو تحقيق أهدافها. حتى هذه الجزئية، يمكن ببساطة أن نطلق على ما جرى ويجري ثورة، لكن التالي يسلب منه هذا المعنى، حيث الثورة لا يمكن أن تقوم بها فئة واحدة من الشعب فقط وإنما يقوم بها الشعب كله أو أغلبه. أيضاً لا يمكن أن تحدث ثورة في بلد ما إن لم تتهيأ لها الأرضية الثورية، هذه الأرضية لا تتوفر إن لم تقتنع كل الفئات بالقيام بفعل الثورة، وهذا يعني أنه طالما أن الفئات جميعها لم تتفق على القيام بمحاولة التغيير والخروج عن الوضع الراهن فإنه لا يمكن أن يطلق على ما تقوم به فئة واحدة فقط اسم ثورة، ولا يمكن لهذا الفعل أن ينجح لأنه لا يتوفر له الأرضية الثورية.
في مصر مثلاً هب الشعب كله في يناير 2011 بسبب تضرره من النظام السابق فحدثت ثورة، وهب من جديد ضد النظام الجديد في 30 يونيو 2013 فكانت ثورة أخرى، وفي تونس حدث الأمر نفسه، وكذلك في ليبيا، حيث الكل كان متضرراً والكل اتفق على القيام بالعمل نفسه. لكن هذا لم يحدث في البحرين التي سعت إلى القيام بهذا الفعل فيه فئة واحدة فقط.
الأمر الآخر هو أن هذه الفئة التي تعتبر نفسها في ثورة انطلقت وهي منقسمة على نفسها، قسم ينادي بالتغيير الكامل للدستور، أي أنه ينادي بإسقاط النظام، وقسم ينادي بالتعديل على الدستور، أي أنه ينادي بالإصلاح. هذا يعني باختصار أن ما يجري في البحرين يصعب أن يطلق عليه اسم ثورة لأنه ليس فعل ورغبة كل الشعب وإنما فئة منه، ولأن قسما فقط من هذه الفئة «يحاول الخروج عن الوضع الراهن وتغييره». فإذا أضفنا إلى هذا القسم أنه يعاني من غياب «النخب والطلائع التي يمكنها أن تقود مثل هذا الفعل» فإن الحكم على أن ما يقوم به «بعض البعض» هذا بأنه ثورة فيه ظلم كبير لهذا المصطلح.
جانب آخر لم تنتبه له هذه الفئة بقسميها هو أن الثورة عبارة عن عملية هدم تليها عملية بناء، وأنها دون القدرة على عملية الهدم، فكيف بالبناء؟!