في الأسبوع الماضي، وأنا أتصفح في الفيسبوك، قرأت عبر صفحة الشاعر والروائي والناقد الدكتور أحمد الدوسري عن أهمية الاستغفار، والتي جاءت من خلال حكاية يتناقلها الرواة حدثت للشيخ حسن البصري، فأحببت أن أتشارك فيها معكم لقوتها وعذوبة معناها، تقول القصة إنه جاء رجل إلى الحسن البصري..
فقال له: إن السماء لا تمطر.
فقال له الحسن: استغفر الله .
ثم جاءه آخر فقال له: أشكو الفقر.
فقال له الحسن: استغفر الله.
ثم جاءه آخر فقال له: امرأتي عاقر لا تلد.
فقال له الحسن: استغفر الله .
فقال الحاضرون للحسن البصري: أوكلما جاءك شاكٍ قلت له؛ استغفر الله.
فقال الحسن البصري: ألم تقرؤوا قوله تعالى.. «فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً، ويمددكم بأموال وبنين، ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً». صدق الله العظيم.
كان في الأرض أمانان من عذاب الله، رفع الأول وبقي الثاني، فأما الأول فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، «وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم».
أما الثاني فهو الاستغفار، فلا تترك الاستغفار أبداً.
استغفر الله.. استغفر الله.. استغفر الله.. استغفر الله.. استغفر الله.. «وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون».
وقد جاء في تعريف الاستغفار؛ الاستغفار مصدر من استغفر يستغفر ومادته «غفر»، التي تدل على الستر، فالعفر الستر والعفر والغفران بمعنى واحد يقال غفر الله ذنبه، غفراً ومغفرة وغفراناً.
قال الراغب: الغفر إلباس ما يصونه عن الدنس، ومنه قيل اغفر ثوبك في الدعاء، والغفران والمغفرة من الله هو أن يصون العبد من أن يمسه العذاب والاستغفار طلب ذلك بالمقال والفعال، وقيل اغفروا هذا الأمر بمغفرته أي استروه بما يجب أن يستر به.
والغفور والغفار والغافر من أسماء الله الحسنى، ومعناهم الساتر لذنوب عباده المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم.
قال الغزالي: الغفار هو الذي أظهر الجميل وستر القبيح والذنوب من جملة القبائح التي سترها بإسبال الستر عليها في الدنيا والتجاوز عن عقوبتها في الآخرة.
وقال الخطابي: الغفار هو الذي يغفر ذنوب عباده مرة بعد مرة، كلما تكررت التوبة من الذنب تكررت المغفرة، فالغفار الساتر لذنوب عباده المسدل عليهم ثوب عطفه ورأفته فلا يكشف أمر العبد لخلقه ولا يهتك ستره بالعقوبة التي تشهره في عيونهم وقال تعالى «وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون».
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: «يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالى، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالى، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة» رواه الترمذي.
من هنا أرى أن الاستغفار إحدى الطاقات العظيمة التي أعطاها الله للإنسان، مخلوقه الأجمل، وبعيداً عن الدين والمذهب، فأبناء الله جميعاً من كل جنس ولون وملة وعقيدة، قادرون عبر الاستغفار كسب ما يريدون من محصول الاستغفار.
في رمضان وفي كل سنة، بل في كل يوم، لا تتوقف عن ترطيب لسانك بالاستغفار.
