أكد الأستاذ حسن مدن «إن الدولة المدنية لا يمكن أن تستقيم مع وجود مرشد أعلى للجماعة أو ولي فقيه للطائفة أو زعيم للعشيرة أو القبيلة» الأيام السبت ص 10
يا أخ حسن نكن لك الاحترام و أنت تعلم بذلك، و كيف تتفق هذه التصريحات مع موقفكم الداعم لجماعة الولي الفقيه؟
فهذه القناعة لا تتفق مع موقف جمعيتك، ومعها شقيقتها «وعد» ممثلتي اليسار التقدمي اللتين وفرتا الغطاء والشرعية الدولية لجماعة الولي الفقيه، وساعدتها على تقديم نفسها كحزب سياسي «مدني»، وأنتم الذين تصرحون الآن أن جماعة الولي الفقيه لا تستطيع أن تقدم دولة مدنية!
فلولا وجودكما معها في الصورة خاصة في المؤتمرات، وفي اللقاءات الدولية، لتبين للمجتمع الدولي استحالة إيمان واقتناع جماعة الولي الفقيه بالتعددية، أوالحقوق المدنية، وبحقوق المرأة أو استحالة تعاطي الجماعة الدينية مع بقية «المناطق الرمادية الست» التي حددتها الدراسات الأمريكية، كمناطق يمتحن فيها الحزب قبل قبول التحالف معه، باقترابه أو بابتعاده عن استحقاقات الدولة المدنية، وتلك المناطق هي (الموقف من التعددية السياسية، الموقف من التعددية الدينية، الموقف من الحقوق المدنية، الموقف من حقوق المرأة، الموقف من العنف، الموقف من الشريعة كمصدر وحيد للتشريع)، لولا هذا التحالف والمزاوجة معكم والذي وظفته جماعة الولي الفقيه لصالحها لما أمكنها أن تروج لنفسها كحزب سياسي مدني مؤمن بتلك الاستحقاقات، إذ كان تشكيلها وتأسيسها وخطابها وممارستها ستفضح بعدها عن استحقاقات الدولة المدنية بعد السماء عن الأرض، ولكنكم ارتضيتم ان تلعبوا دور المكياج المجمل والمموه والمخفي للعيوب.
مصطلح «المناطق الرمادية» مصطلح أطلقه في مارس 2006 عدد من الباحثين بمؤسستي كارنيجي اندومينت للسلام الدولي وهبربرت كواندت، أثناء تقييمهما لمشروع التحالف الذي وضع موضع التنفيذ بين الولايات المتحدة الأمريكية و الجماعات الدينية في الشرق الأوسط لتحديد مدى اقتراب تلك الجماعات أو ابتعادها عن استحقاقات الدولة المدنية بعداً أو قرباً من تلك المواقع الست.
ويبدو أنهم توصلوا إلى أن مواقف الجماعات الدينية مازال غير واضح و ضبابياً وغير محسوم في هذه المناطق لذلك أطلقوا عليها مصطلح «المناطق الرمادية» كمخرج يترك هذه المعضلة دون حل أو يوحي بأنه بالإمكان حلها مستقبلاً بعد أن أحرجت الإدارات الأمريكية، وعرت حقيقة تحالفها مع الجماعات الدينية بدعوى دعم الديمقراطية، وبتحالفكم مع هذه الجماعات الدينية كنتم العامل المساعد لعملية التجميل التي قدمت بها الجماعات الدينية وجهها للرأي العام الأمريكي ودوائر صنع القرار الأخرى.
فالمتحمسون لمشروع التحالف مع الجماعات الدينية في منطقة الشرق الأوسط من الأمريكيين في الدوائر الأمريكية من أمثال كرايجسكي السفير الأمريكي في البحرين بحاجة لكل ما يدعم وجهة نظرهم التي تروج بأن جمعية الوفاق جمعية مدنية نابذة للعنف قابلة بالتعددية، وهو وفريقه مستعدون لعمل أي شيء من أجل التأكيد على سلامة مشروعهم وصحته مقابل كل المشككين، وهم كثر على فكرة في الدوائر الأمريكية.
فجرايسكــي ينتمــي لتلـك الجماعـــة التـــي آمنـــت بالاستشارات التي قدمتها معاهد أمريكية للإدارة بعد 11 سبتمبر، والتي تدفع باتجاه التحالف مع الجماعات الدينية (المعتدلة) ليتصدى هذا التحالف للجماعات الدينية العنيفة بعد أن عجزت الأنظمة المتهالكة عن ذلك، ويتحقق الهدف الاستراتيجي لحماية الأمن القومي الأمريكي.
تلك الجماعة التي ظهرت على السطح ولعبت دوراً أساسياً في مشروع التحالف الأمريكي مع الجماعات الدينية الشيعية تحديداً والذي وضع حجر الأساس في مؤتمر لندن 2002، قبل إسقاط صدام حسين، حضر المؤتمر آل الحكيم، وعدد من الشيرازيين، وحزب الدعوة العراقي، الذين وصفوا بالوجوه (المعتدلة)، وخصصت الإدارة الأمريكية حين ذاك مبلغ 5 ملايين دولار كدفعة أولى من أجل التنسيق البريطاني الأمريكي العراقي ومن كان حاضراً من الجانب الأمريكي؟!!
إنه كرايجسكي مرة أخرى الذي أوكلت له مهمة التنسيق منذ 2002 مع الجماعات الشيعية في الخليج, وكان له شرف إتمام المهمة الأولى في العراق وقد أنجزها بنجاح وكوفئ بتعيينه مستشاراً لبرايمر بعد سقوط صدام حسين.
ومنذ ذلك التاريخ فتحت سوق تجارية أمريكية بريطانية لتلميع تلك الجماعات (الجلبية) من عراقيين وبحرينيين وكويتيين وسعوديين، وانتعش سوق التدريب وسوق المؤتمرات وسوق الندوات وسوق الدورات وورش العمل وسوق الجوائز ورصدت المليارات وأسست المعاهد والمبادرات وانضمت آلاف الأسر الأمريكية التي تعتاش من الوظائف التي فتحت في هذا السوق، وخلق جيش من المؤيدين والمتحمسين لنجاح هذا المشروع الذي سيحقق الديمقراطية للعالم العربي على يد الجماعات الدينية وسيحقق الأمن القومي للأمريكيين بهذا التحالف الذي سيقضي على جماعات العنف والإرهاب.
إنما يقتضي ذلك الترويج لهذا المشروع عند الرأي العام الأمريكي والإعلام الأمريكي واللجان في الكونجرس صوراً ومكياجاً وخلق هيئة رومانسية لهذه الجماعات التي قدمت على أنها (معتدلة) وحتى الدراسات التي طرحت وشككت في اعتدالها تساهلت مع التشكيك وسمت المناطق التي تبين استحالة تلاقي تلك الجماعات بالقيم المدنية «بالمناطق الرمادية» وكأنها غير واضحة أو ضبابية، رغم علم تلك الدراسات أن بعدها عنها واضح وضوح الشمس، إلا أنها ومن أجل تمرير المشروع تغاضت عنها وعن انتهاك تلك الجماعات لها كل يوم على مرأى ومسمع السفارات وأولهم سفارة كرايجسكي التي تتغاضى عمداً عن كل الانتهاكات التي تقوم بها الوفاق للمناطق الرمادية ولكنه يصر على غض البصر حتى اللحظة.
يا أخ حسن حين اعتلى الفريق البحريني الأمريكي البريطاني المنصة يوم 17 فبراير 2011 لإسقاط النظام الدستوري، ذلك الفريق الذي لمعوه وصقلوه ومنحوه الجوائز والمعروف بالأسماء فرداً فرداً وعائلة عائلة كنتم يا أخ حسن بودرة التجميل التي غطت على قبحه، كنتم من أمسك ضحية الاغتصاب كي يسهل للمغتصب ارتكاب جريمته، كنتم العباءة التي غطت الولي الفقيه القابع خلف المنصة، وأنتم الذين تقرون الآن أن الولي الفقيه لا يمكن أن يقدم دولة مدنية، لكنكم مع ذلك كنتم من ساعد من خان شركاءه في الوطن بذلك التحالف والذي سيظل وصمة عار لهم ولكم، كنتم لهم الرافعة التي روجت لهم صورة المدنية الزائفة وأنتم تعلمون كذب ذلك فقد كنتم من ضحايا انتهاكاتهم الثيوقراطية أكثر من مرة.. وإلا نسينا؟!! لذلك نحن لم نصدم بهم.. بل صدمنا بكم ومن حقنا أن نسأل هل تصريحكم أمس الأول كان صحوة أم هو انفصام في الشخصية؟!!