حين تنتهي أزمة ما، أو أزمة مفتعلة، فإن من المفترض أن نقوم بما تقوم به البنوك في نهاية العام، وهو الجرد السنوي، لكننا نحتاج إلى جرد أخطائنا في الأزمات، نحتاج إلى دراسة كل ما حدث لنا، ما هي الأمور التي حققنا فيها نجاحاً وما هي الأمور التي أخفقنا فيها؟
مر التاريخ المزعوم بفشل ذريع وعدم استجابة لدعوات علي سلمان (البيتوتي في الأزمات) والله إننا نتذكر أموراً ونضحك منها، فقد قال النائب «البهلوان»: «أمضِ يا علي سلمان وصدورنا فدا صدرك..!».
لكننا لم نرَ صدر علي سلمان ولا صدر النائب، وأقترح على النائب أن يترك صدر علي سلمان في حاله، ويذهب ليشتري صدور دجاج من كنتاكي.. «اللي يقول صوفيا لورين الحبيب»..!!
هؤلاء لا يستقيمون إلا إذا شدت الدولة الوثاق، إذا ما تركتموهم يلعبون (ويتمرغدون) فإن أصواتهم ستعلوا وصراخهم سيزيد، وكلما كان هناك قانون وصرامة وتطبيق وحزم، فإنهم يختبئون كما يختبئ كبيرهم الذي علمهم السحر في بيته.
لن يحترمنا الغرب ولا دول الخليج إذا ما تركنا أمورنا الداخلية يلعب بها الرعاع، نحن نملك قرارنا، نحن نملك حتى الساعة مصيرنا، إذا ما تركنا الأمور (سايبة) سوف يتدخل في شأننا القاصي والداني المحب والحاقد المتآمر، الكل سيتدخل لأننا تركنا الإرهاب يكبر والتحريض يستمر والأموال تتدفق، كلها ستصب في مصب واحد، وهو انقلاب بعد انقلاب.
من يخطط لزوال الدولة، ويغلف ذلك بكلمة الإصلاح أو الديمقراطية أو الحكومة المنتخبة، على الدولة والتي هي تمتلك كل مقومات الدولة أن تعرف كيف تخطط لمن يخطط لها، ولا تترك الأمور للأقدار.
اليوم نلمس فرحاً لدى بعض المسؤولين بأن إجراءات الدولة كانت صحيحة وسليمة واستفدنا من أخطاء السابق، لكن هذا الفرح يقلقنا نحن، نعم هناك ارتياح لذلك، لكن الأهم هو كم من تاريخ قادم سيضعه الانقلابيون، متى يقصم الظهر، متى ينتهي الإرهاب، متى نرى الرؤوس التي «أينعت» تغادرنا على أقل تقدير؟
المسألة يجب أن تبدأ من انتهاء التاريخ المحدد، لا أن نعود كما كنا ونجلس نضع يدنا على خدنا وننتظر أن يستهدفنا الآخر بمشاريع انقلابية، هذا الذي يقلق الناس.
إذا أردتم أن يتخلى من يعطل الحوار ويماطل ويذهب للشجار والتلفظ بألفاظ نابية على بقية المتحاورين، عليكم أن تحسموا الأمر ضد الإرهاب قبل ذلك، رغم أن أهل البحرين لا يريدون التحاور مع الانقلابي أبداً، لكن للدولة خياراتها وإن كان كذلك فإن التحرك على طاولة الحوار يبدأ من قطع أيادي الإرهاب، والمحرضين والممولين، بعدها ستجدون أن الأمور تتحرك وأن الصوت ينخفض وأن المطالب تتقهقر.
لسان المواطن يقول اليوم؛ نريد أن يكون التاريخ المنقضي قبل أيام هو التاريخ الأخير، هو آخر تهديد لأهل البحرين، نعم هم في انهيار، وفي شقاق، وفي تناحر فيما بينهم بعد خذلان بعضهم لبعض، لكن على الدولة أن تلقن الإرهابي دروساً، وأن تجعل من يفكر في الخروج على القانون لا يستطيع أن يخرج من بيته.
مجلس التنمية الاقتصادية أعلن أمس أن اقتصاد البحرين سيحقق نمواً بنحو 5.6 وهذا الخبر إن كان صحيحاً فهو أمر طيب، لكن علينا أن نعمل كدولة على تنشيط الاقتصاد، ولا يكون ذلك إلا بالقضاء على الإرهاب أولاً، وفتح أبواب الاستثمار ثانياً بعيداً عن المصالح الشخصية.
كان من الممكن أن تستفيد البحرين أكثر من أي وقت مضى من بعض الأحداث في الدول العربية هذا الصيف من خلال تنشيط السياحة، واستقطاب الخليجيين وعلى رأسهم أكثر سائح ينفق في السفر وهو السائح السعودي، وأن نستغل حالة الغلاء في دبي وغيرها، لكننا لم نفعل لأننا ننتظر أجندات الإرهاب، ونفكر فيها، وننتظر تاريخاً بعد آخر.
وهذا ما عطل أي مشروع لاستقطاب السياح، ناهيك أننا نعاني كثيراً في البنية التحتية للسياحة العائلية، وفي إيجاد مجمعات تجارية نوعية كما هو في دبي، وفي إيجاد أماكن ترفيهية عالية المستوى للأطفال والكبار.
بإمكان الاقتصاد أن يتحرك أكثر وينمو أكثر، لكن لن يحدث ونحن نفرح بفشل تاريخ معين، وننتظر تاريخاً غيره قادماً، هذا لا يجعل الاقتصاد ينتعش وينمو، اقطعوا كل الأيادي والألسن التي تحرض على الإرهاب، طبقوا التعديلات على القانون بقوة وحزم، وسترون أن أعداد الإرهابيين تقل جداً، فهناك من لا يريد أن يخسر جنسيته من أجل مراهقة الوفاق السياسية.
نمو الاقتصاد بيد الدولة، اقطعوا أيادي الإرهاب وحرق الطرقات وتعطيل مصالح الناس التي يتبناها الإرهابيون، وسوف ترون السياح يأتون، ودورة الاقتصاد تتحرك بشكل أسرع، هذا الذي نريده اليوم.
** رذاذ
اشتكى بعض المواطنين ممن ورثوا رخصة صيد الأسماك من آبائهم من مضايقة الثروة السمكية، فقد هددهم المسؤولون بسحب رخصهم وتعطيل بوانيشهم، بينما في يوم الإضراب المنقضي اتضح كم نحتاج في هذا الوطن للمواطنين المخلصين الذين لا يضربون ولا يستجيبون لدعوات الفتنة والإرهاب.
هؤلاء الصيادون يتمنون أن يلتفت إليهم صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، فما يحدث لهم وكأنه أمر مقصود ومتعمد، وكما قلت نحن أكثر حاجة اليوم للأيادي الوطنية التي تخدم بلدها.
نتمنى أن تحل قضيتهم قريباً جداً.