قبل عدة أعوام دار حوار في أحد المجالس بحضور أحد النواب الحاليين، كان الحديث عن إعلان إحدى الوزارات الخدمية توفير رقم كبير من موازنة مشاريعها، وكانت الرسالة الإعلامية من وراء ذلك الحدث هو قدرة الوزير واحترافه الذي ساهم في تحقيق هذا التوفير.
تمحور النقاش في ذلك المجلس حول ما إذا كان التوفير توفيراً في الصرف على المشاريع، أم عدم تنفيذ بعض المشاريع مما أدى إلى مثل هذا «الإنجاز».
وجهة نظر النائب الحاضر آنذاك؛ أن الوزير مطالب بصرف جميع موازنته التي طلبها لتنفيذ المشاريع، وبالتالي فإن تقاعسه عن تنفيذ بعض المشاريع يعد تراجعاً عن أداء مسؤوليته المناطة به.
اتفقت مع النائب في هذا الموقف، ولكن أكدت أن المشكلة ليست بإنجاز التوفير أو عدم إنجاز التوفير، وليست أيضاً مرتبطة بالموازنة المعتمدة نفسها. لأنها مرتبطة بكيفية إدارة مثل هذه المشاريع، فغير المقبول تماماً أن تطلب الوزارات والمؤسسات الحكومية موازنات معينة لتنفيذ مجموعة من المشاريع، وتنال الميزانية المطلوبة، وتكون النتيجة في النهاية عدم تنفيذها لهذه المشاريع، وبعد آخر في هذه الإشكالية عندما يتم التحجج بأن الوزارة غير قادرة على حل هذه المشكلة أو تنفيذ ذلك المشروع والسبب عدم رصد ميزانية للمشروع، أو محدودية موازنة المشروع في الوزارة.
تفاصيل الحساب الختامي للعام 2012 تكشف الخلل الكبير في إدارة موازنة المشاريع لدى الوزارات والمؤسسات الحكومية، فنحو 62% من موازنة المشاريع تم صرفها (737 مليون دينار)، والبقية نحو 38% (تقدر بأكثر من 455 مليون دينار) لم يتم صرفها!
يمكن تفسير عجز الوزارات والمؤسسات الحكومية عن تنفيذ مشاريعها بمنظورين:
المنظور الأول: فشل إداري في تنفيذ المشاريع الحكومية؛ إذ تعاني معظم الجهات الحكومية من عدم القدرة على تنفيذ عدد كبير من المشاريع في الوقت نفسه بكفاءة وسرعة.
المنظور الثاني: فجوة التوقعات؛ يتمثل في سقف التوقعات المرتفع الذي تضعه لها بعض الجهات الحكومية لتنفيذ المشاريع، ولكنها تصطدم لاحقاً بعقبات كثيرة لتنفيذ مثل هذه المشاريع، ومنها ثقافة العمل السائدة، أو البيروقراطية الحكومية التي قد تعيق تنفيذ مثل هذه المشاريع.
هذان المنظوران لا يمكن اعتمادهما لتبرير العجز في تنفيذ مشاريع الحكومة، فمثلاً وزارة الخارجية عندما تطلب اعتماداً لموازنة مشاريعها تقدر بـ 4.4 مليون دينار، ولا تصرف سوى 36 ألف دينار أي 1% فقط، فإنه بالفعل هناك خلل، إما في تقدير المشاريع، أو تحديد الأولويات، خاصة وأن هذه الوزارة مطالبة بدور أكبر على المستوى الإقليمي والدولي باعتبارها الأداة التنفيذية للدبلوماسية البحرينية. وكذلك الحال بالنسبة لوزارة المالية التي يفترض أن تكون قدوة في الإدارة المالية، حيث اعتمد للوزارة أكثر من 12 مليون دينار للمشاريع، ولم يتم صرف إلا 2.8 مليون دينار، أي نسبة الصرف لم تتجاوز 23%.
هذه مجرد أمثلة، والحساب الختامي يتضمن الكثير من التفاصيل التي تعطي درساً كبيراً للقطاع العام بضرورة إعادة النظر في طريقة اعتماد موازنات للمشاريع، بعد أن تبين أن متوسط معدل الصرف على المشاريع الحكومية المعتمدة لا يتجاوز 36%. وليس مطلوباً هنا الاستفادة من الفائض في موازنة المشاريع في مجالات صرف أخرى، وإنما الحاجة لإعادة هيكلة عملية الصرف وفقاً للأولويات الإستراتيجية للدولة، فالفائض في هذه الموازنة والمقدر بنحو نصف مليار دينار يمكن إنفاقه على مشاريع الإسكان، أو صرفه على مجالات غير تقليدية مثل تطوير الدبلوماسية البحرينية، أو تطوير الإعلام الخارجي كخيار إستراتيجي ملح. بالإضافة إلى خيار الصرف على مشاريع تساهم في تحسين مستوى معيشة المواطنين.
تمحور النقاش في ذلك المجلس حول ما إذا كان التوفير توفيراً في الصرف على المشاريع، أم عدم تنفيذ بعض المشاريع مما أدى إلى مثل هذا «الإنجاز».
وجهة نظر النائب الحاضر آنذاك؛ أن الوزير مطالب بصرف جميع موازنته التي طلبها لتنفيذ المشاريع، وبالتالي فإن تقاعسه عن تنفيذ بعض المشاريع يعد تراجعاً عن أداء مسؤوليته المناطة به.
اتفقت مع النائب في هذا الموقف، ولكن أكدت أن المشكلة ليست بإنجاز التوفير أو عدم إنجاز التوفير، وليست أيضاً مرتبطة بالموازنة المعتمدة نفسها. لأنها مرتبطة بكيفية إدارة مثل هذه المشاريع، فغير المقبول تماماً أن تطلب الوزارات والمؤسسات الحكومية موازنات معينة لتنفيذ مجموعة من المشاريع، وتنال الميزانية المطلوبة، وتكون النتيجة في النهاية عدم تنفيذها لهذه المشاريع، وبعد آخر في هذه الإشكالية عندما يتم التحجج بأن الوزارة غير قادرة على حل هذه المشكلة أو تنفيذ ذلك المشروع والسبب عدم رصد ميزانية للمشروع، أو محدودية موازنة المشروع في الوزارة.
تفاصيل الحساب الختامي للعام 2012 تكشف الخلل الكبير في إدارة موازنة المشاريع لدى الوزارات والمؤسسات الحكومية، فنحو 62% من موازنة المشاريع تم صرفها (737 مليون دينار)، والبقية نحو 38% (تقدر بأكثر من 455 مليون دينار) لم يتم صرفها!
يمكن تفسير عجز الوزارات والمؤسسات الحكومية عن تنفيذ مشاريعها بمنظورين:
المنظور الأول: فشل إداري في تنفيذ المشاريع الحكومية؛ إذ تعاني معظم الجهات الحكومية من عدم القدرة على تنفيذ عدد كبير من المشاريع في الوقت نفسه بكفاءة وسرعة.
المنظور الثاني: فجوة التوقعات؛ يتمثل في سقف التوقعات المرتفع الذي تضعه لها بعض الجهات الحكومية لتنفيذ المشاريع، ولكنها تصطدم لاحقاً بعقبات كثيرة لتنفيذ مثل هذه المشاريع، ومنها ثقافة العمل السائدة، أو البيروقراطية الحكومية التي قد تعيق تنفيذ مثل هذه المشاريع.
هذان المنظوران لا يمكن اعتمادهما لتبرير العجز في تنفيذ مشاريع الحكومة، فمثلاً وزارة الخارجية عندما تطلب اعتماداً لموازنة مشاريعها تقدر بـ 4.4 مليون دينار، ولا تصرف سوى 36 ألف دينار أي 1% فقط، فإنه بالفعل هناك خلل، إما في تقدير المشاريع، أو تحديد الأولويات، خاصة وأن هذه الوزارة مطالبة بدور أكبر على المستوى الإقليمي والدولي باعتبارها الأداة التنفيذية للدبلوماسية البحرينية. وكذلك الحال بالنسبة لوزارة المالية التي يفترض أن تكون قدوة في الإدارة المالية، حيث اعتمد للوزارة أكثر من 12 مليون دينار للمشاريع، ولم يتم صرف إلا 2.8 مليون دينار، أي نسبة الصرف لم تتجاوز 23%.
هذه مجرد أمثلة، والحساب الختامي يتضمن الكثير من التفاصيل التي تعطي درساً كبيراً للقطاع العام بضرورة إعادة النظر في طريقة اعتماد موازنات للمشاريع، بعد أن تبين أن متوسط معدل الصرف على المشاريع الحكومية المعتمدة لا يتجاوز 36%. وليس مطلوباً هنا الاستفادة من الفائض في موازنة المشاريع في مجالات صرف أخرى، وإنما الحاجة لإعادة هيكلة عملية الصرف وفقاً للأولويات الإستراتيجية للدولة، فالفائض في هذه الموازنة والمقدر بنحو نصف مليار دينار يمكن إنفاقه على مشاريع الإسكان، أو صرفه على مجالات غير تقليدية مثل تطوير الدبلوماسية البحرينية، أو تطوير الإعلام الخارجي كخيار إستراتيجي ملح. بالإضافة إلى خيار الصرف على مشاريع تساهم في تحسين مستوى معيشة المواطنين.