حظيت حركة «تمرد» المصرية بتأييد واسع، ليس من المصريين فحسب؛ بل من قطاع كبير من الشعوب العربية. المصريون تمردوا على جماعة اختطفت الدولة وفشلت في إدارة المرحلة الانتقالية الدقيقة، وحين أسقطوا الرئيس محمد مرسي اكتشفنا أنهم أسقطوا ذراعاً رئيسة عولت عليها أمريكا كثيراً وضخت الملايين لوصولها وبقائها في الحكم.
جوهر حركة تمرد المصرية اليوم يقوم على ثلاثة أركان؛ الأول: مقاومة اليمين المتطرف الذي جاء حاملاً معه خطاباً إقصائياً تكفيرياً ضرب الوحدة الوطنية وهدد السلم الأهلي وعمل على تشويه الهوية المصرية العروبية والوسطية الإسلام، واستخدم القوة في كافة مراحله التاريخية، وحدد معايير الكفاءة بالانتماء (للجماعات) الدينية وهمش باقي مكونات الدولة وأقصى الكفاءات والنخب الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية التي كانت مصر في أمس الحاجة لها في هذه المرحلة العسيرة.
الركن الثاني: استقلال مصر عن التبعية للغرب وأمريكا، حيث لوحت أمريكا بقطع المعونة الاقتصادية ومعاقبة الجيش المصري، وقد انجرف التنظيم الإخواني إلى طلب الدعم الأمريكي والتعامل مع وسائل الإعلام الغربية التي كانت دائماً ضد قضايا العرب مثل CNN وBBC وأخيراً قناة الجزيرة. الركن الثالث: مقاومة مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يعيد تقسيم المنطقة على أسس مذهبية وعرقية، ويعمل على تدمير كل الجيوش العربية ليبقى الجيش الصهيوني هو الجيش الوحيد الباقي والقوي في المنطقة، وقد دخل التنظيم الإخواني المعترك السياسي بعد ثورة 25 يناير بخطاب يستعدي باقي مكونات الشعب المصري ويحرض على القوميين واليساريين والعلمانيين واللبراليين والمسيحيين والشيعية، حتى أوشكت مصر دخول حروب أهلية متعددة لم تعرفها في تاريخها القديم والحديث.
واليوم يشن التنظيم الإخواني حملة شعواء ضد الجيش المصري؛ إذ يشبهه بالجيش السوري في قتله المتظاهرين (السلميين) دون سبب، ويوحي بأنه جيش (كافر) يقتل المصلين مرة وهم ساجدون في منطقة (العريش) ومرة وهم راكعون أمام مبنى الحرس الجمهوري، لكن الجيش المصري كان واعياً للمؤامرة، فرصد عمليات تهريب قطع قماش مماثلة لزيه وتتبع محاولات حياكتها كي لا تخرج جماعات تقتل باسمه، وأعلن تباعاً عن نفي إشاعات الانشقاق عنه كي لا تقوم الجماعات المتطرفة بتأسيس جيش حر آخر!!
اليوم يعمل اليمين المتطرف في البحرين على استنساخ (شكل) حركة تمرد المصرية دون جوهرها، فعناصر 14 فبراير ستعمل على حشد طائفة واحدة فقط من الشعب، وستستعين بحلفائها في الكونغرس وفي البرلمانات الأوروبية ومنظمات حقوق الإنسان، وستروج أخبارها عبر وسائل الإعلام الغربية المعادية للعرب مثل CNN وBBC وقناة الجزيرة، وستستخدم الدين والعنف في مواجهة الدولة وباقي الشعب والمقيمين.
من يتابع أحداث مصر بدقة يقف مدهوشاً والمصريون يعانون اليوم مثلما عانينا في 14 فبراير، من الهجمة الإعلامية الشرسة ضد ثورتهم ومن التدخل الأمريكي والغربي السافر للإجهاز عليها ومن تحالف جميع فصائل التنظيم الإخواني الدولي عليهم. وكم تبدو المقاربة ذات دلالة ونحن نشاهد وسائل الإعلام المصرية تدعو الشباب المصري إلى الضغط بكل اللغات على وسائل الإعلام الغربية وموقع الكونغرس لكشف حقيقة ما يحدث في مصر، تماماً مثلما كنا نفعل أعقاب أحداث فبراير 2011. عندما نؤيد حركة «تمرد» مصر ونرفضها في البحرين فإننا نقف مع أي مشروع وطني إصلاحي، ونقف ضد أذرع المشروع الطائفي في المنطقة سنيةً كانت أو شيعية، وضد من زعم أن المهدي المنتظر سيخرج من دوار اللؤلؤة في البحرين، ومن زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم زار أحدهم في المنام فقدم محمد مرسي على نفسه في إمامة الصلاة وزعم أن جبريل يرابط مع معتصمي رابعة العدوية!