قل لي من الذي يدرس ابنك، وماذا يدرسه وكيف يدرسه؛ سأقول لك كيف سيصبح حاله بعد التخرج، وكيف ستكون شخصيته، وماذا يحمل من أفكار.
إذا كنا نتكلم عن الحلول لما يعانيه المجتمع من تطرف وإرهاب واستغلال للمراهقين والأطفال، فإن جزءاً كبيراً من هذه الحلول تكمن في العملية التعليمية وغرس مفاهيم حب البحرين الأرض والعروبة، وحب كل أفراد مجتمعها بتنوع لوحة الفسيفساء البحرينية.
كنت دوماً أسأل: لماذا الأجيال التي تخرجت في الخمسينيات، والستينيات، والسبعينيات كانت أفضل من أجيال الثمانينيات وما بعدها من حيث قوة التعليم والمعرفة. كانت تلك الأجيال قوية في لغتها العربية، قوية في اللغة الإنجليزية وفي الرياضيات ونحوها.
لماذا الأجيال السابقة من خريجي الثانوية كانت أفضل من خريجي الجامعات في الثمانينيات وما بعدها؟
أكاد أجزم أن أحد أهم الأسباب كانت في قوة المدرسين والمدرسات، البحرينيين أو العرب، كان المدرس قوياً ويعمل بإخلاص وحب، حتى أن الطلبة كانت تحب المدرس وتتقبل منه التعليم والتوجيه والتربية.
اليوم حولنا وزارة التربية إلى وزارة للتوظيف استجابة لمخططات القوى الظلامية الاستحواذية التي تخطط للاستيلاء على التعليم من الداخل، حتى أن المظاهرات التي خرجت أمام وزارة التربية كانت مرتبة من القوى الظلامية، من ثم يأتي الوزير ويوظف من يوظف خوفاً على منصبه، أو أن يحدث له كما حدث لسلفه، أو خوفاً من الظلاميين في البرلمان قبل الانسحاب، وبالتالي أصبح التعليم مرتهناً كما تشاهدون اليوم من حراس المدارس إلى مدراء المدارس إلى كبار المسؤولين.
غير أن الأكثر إيلاماً أن يكون لديك مسؤولون «مرتجفون» لا يملكون قوة أخذ القرار بحزم، ويترددون، حتى أن الظلاميين عرفوا هذه النقطة وعملوا عليها.
صورة شباب المستقبل تجدونها اليوم في مدارس وزارة التربية وبقية المدارس الخاصة، إذا أردنا أن نعرف الجيل القادم للبحرين، وماذا يحمل من توجهات، وكيف يفكر، وإلى ماذا ينتمي، شاهدوا مخرجات التعليم في الإعدادي أو الثانوي.
يظن الوزير أو من يحدد المناهج، أن إقرار مادة المواطنة هو الحل، لن تكون الحل، الذين تخرجوا في السبعينيات لم يدرسوها، لكنهم أكثر مواطنة من الجيل الحالي بمسافات ضوئية.
في أحيان كثيرة من يُدرس منهج المواطنة يحتاج هو إلى دروس في المواطنة تغسل ترسبات الأحقاد في عقله وقلبه، وقد تستغرق عشر سنوات ولا أحسبها تزول، كيف يدرس المواطنة من يميزون بين الطلبة والطالبات، ومن يزورون الدرجات، ومن يحاولون في الحصص إحباط طلبة مميزين، وتصعيد طلبة فاشلين.
لا أبالغ حين أقول إننا نعاني معضلة كبيرة في العملية التربوية والتعليمية، المعضلة لا تتعلق فقط في المنهج، أو عدد الطلبة في الفصل الدراسي، أو الصفوف الخشبية، أو حرق المدارس، إنما المعضلة الأكبر في المدرس أو المدرسة نفسها، هنا أصل المشكلة، أدخلتكم الوفاق في مشروعها وأنتم لا تعلمون، استهدفتكم بطريقة ممنهجة ومستمرة وتدريجية حتى استولت على العملية التعليمية من الداخل، فحتى حين حدث تصحيح في آلية البعثات (ولا نعلم هل حدث تصحيح أم لا) ذهبوا إلى تزوير درجات الطلبة والطالبات، أو تسريب الأسئلة، كلها ألاعيب وأساليب رخيصة للاستحواذ على البعثات من الداخل.
ظهر خراب العملية التعليمية بشكل فج وواضح، وجعل الجميع يرى الصورة الحقيقية الداخلية للمدارس وللهيئات التعليمية في أزمة 2011، الأزمة كشفت المستور، معها صدقت كل مخاوفنا مما يجري في توظيف المعلمين والمعلمات، حتى تمكنوا من لي ذراع الوزير والوزارة، بل المضحك أنهم طالبوا باستقالة الوزير الذي يوظفهم!
وربما كان أكثر الناس فرحاً بتحديد تاريخ 14 أغسطس هو وزير التربية، فلو كان التاريخ في يوم دراسي لما كنا نعرف ماذا سيجري في المدارس من تمرد وأولهم الهيئات التعليمية!
مستقبل البحرين الوظيفي والعلمي والإبداعي مرتبط بما ترونه اليوم في وزارة التربية والتعليم، من يدرسون في الجامعات اليوم هم خريجو المدارس، ومن سيلتحقون بالجامعات في المستقبل أيضا هم من يدرسون في المدارس.
إذا لم تكن هناك رؤية لدى وزارة التربية، بعد أن حولتم الوزارة إلى ثكنات فئوية، يفرز فيها بعض المدرسين والمدرسات سمومهم، فإن على الدولة أن تكون لها رؤية وتطلع ومعرفة ودراية بما يجري في المدارس.
درسنا مناهج المواطنة، فهوجمت المدارس وحرقت، حتى من فزعوا لنجدة التعليم بعد إضراب 2011 لم ينالوا حقهم في التوظيف الكامل، أو أنهم تم توظيفهم، وركنوهم ليتفرجوا على عودة من خانوا الوطن ليعودوا بعد فشل الانقلاب، إنها كارثة حقيقية في وزارة التربية.
تصحيح مسارات الدولة، يبدأ من وزارة التربية والعليم، وأولها المدرس، فإن كان المدرس يعاني أزمات نفسية ونوازع طائفية، فإن المخرجات ستكون على هيئة المدرس والمدرسة.
نحتاج إلى قرارات مصيرية لتصحيح خراب السنوات الماضية، خراب الدكتور الوزير المنظر في حقبته المظلمة، وخراب وضعنا الحالي!
الشكر لوزير المواصلات
حدثني أمس الأخ الفاضل الوزير كمال أحمد وزير المواصلات عطفاً على ما طرحناه حول مطار البحرين، فرغم أن الوزير في إجازة وخارج البحرين، إلا أنه بادر واتصل وتجاوب.
كل الشكر للوزير على استجابته واهتمامه.
سؤال إلى وزير التربية والتعليم
أتقدم بسؤال إلى وزير التربية والتعليم د.ماجد النعيمي حول وضع طلبة البحرين في مصر بعد الأحداث الأخيرة؟
ما هو وضعهم؟.. وكيف ستتعامل الوزارة معهم، والأوضاع لم تستقر بعد في مصر؟
طالبتان بحرينيتان تدرسان الطب في مصر (مريم وعبير) تريدان أن يتم تحويلهما للدراسة بالبحرين بعد الأوضاع في مصر، والطالبتان تملكان رسالة من سمو رئيس الوزراء إلى وزير التربية بهذا الشأن، لكن بعد مراجعتهما الوزارة لمدة طويلة قيل لهما «تعالوا السنة الياية»!
فهل هذا صحيح يا سعادة الوزير؟
هل تضيع السنوات الدراسية على الطلبة بسبب إجراءات تتعطل عند بعض المسؤولين؟ نتمنى أن يتم حل موضوع الطالبتين وبقية الطلبة الذي يجهلون مصير دراستهم في مصر.