حتى لحظة كتابة السطور تقول الأرقام بأن أكثر من 650 شخصاً بينهم أطفال ورضع قتلوا بوحشية في هجوم بالأسلحة الكيماوية في الغوطة الشرقية بريف دمشق إضافة لعشرات المصابين.
كل ما رصد من ردود فعل دولية كان يركز على إيفاد مفتشين دوليين إلى منطقة الهجوم الوحشي، وطالبت المملكة العربية السعودية ومعها بريطانيا وبعض دول مجلس الأمن بعقد جلسة طارئة وعاجلة باعتبار أن الوضع دخل مرحلة خطيرة ولا يجب السكوت عليه أكثر.
قبل هذه المجزرة بأيام هدد حزب الله اللبناني «الإيراني بالأصح» باعتباره الذراع العسكري للمرشد الإيراني على لسان حسن نصر الله بأن هناك قوات مضاعفة من الحزب سيتم إرسالها لسوريا لقتل ما أسماه بـ«الإرهابيين».
الصور التي نشرت بالأمس بينت بالفعل من هم «الإرهابيون» الذين قصدهم الخادم العسكري لخامنئي إيران، أطفال رضع، وأولاد وفتيات في عمر الزهور، قتلوا في قصف جبان وغادر، بعضهم مات وهو يرفع أصبعه إلى السماء متشهداً بالشهادة، صور مؤلمة تقطع القلوب وتدميها، وكل حال لسان الشعوب العربية التي تأثرت أن تحسبت ورفعت أكفها للسماء تدعو على السفاح المجرم بشار الأسد وأعوانه الذين تجاوزوا كل حدود الوحشية والإجرام وداسوا على الإنسانية.
يحصل ما يحصل في سوريا ولدينا هنا في البحرين ممن يسمون أنفسهم معارضة تدعو لحقوق الإنسان ادعاءً زائفاً، لدينا من يغني ويرقص على ما يفعله بشار الأسد، لدينا من لا يقوى على نطق حرف إدانة لأنه سيخالف إرادة المرشد الإيراني، أليس السوريون بشراً؟! أليست لهم حقوق؟! أليس ما يحصل فيهم من قتل وتعذيب وتهجير ينافي كافة أعراف حقوق الإنسان؟!
أين هي «هيومن رايتس ووتش» والمنظمات الحقوقية الأخرى التي تفرد عضلاتها على دول معينة وتتحدث بخجل «اضطراراً» عما يحصل في سوريا؟ أليس لمئات الآلاف الذين ذبحوا حقوق، أليسوا بشراً؟! هل ما يحصل فيهم أمر عادل ينبغي السكوت عليه؟!
مليارات وملايين عربية توجه لمناطق معينة، أليس من باب أولى اليوم أن يكون تحرك الجامعة العربية على مستوى الفعل لا الكلام، ألا يجب توحد العرب على كلمة واحدة موجهة للنظام السوري المجرم بأن يوقف هذا الإجرام والقتل وأن يترك المجرم الأسد مكانه، فلا حاكم قتل شعبه بهذه الوحشية والبشاعة؟! ألم يحن الوقت لتسيير حتى جيوش عربية لتتدخل، فما يحصل لم يتحول لأمر داخلي بحت يفرض على المجتمع الدولي التفرج والسكوت، مذابح ومجازر باتت عاراً ووصمة سوداء في جبين المجتمع الدولي برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية المدعية بأنها حافظة للسلام العالمي.
أين موقف البيت الأبيض؟! ولا نعني الكلام بل الفعل؟! هل القوة فقط بممارسة الضغوط على دول معينة، أو التدخل في شؤونها، بينما ما يحصل في سوريا يتم التعامل معه فقط بالكلام؟!
كم عدد ضحايا الإرهاب السوري وإجرام بشار وتعاون النظام الإيراني معه؟! كم بلغ عدد الضحايا هذا إن كانت الأمم المتحدة تملك الإحصائية الدقيقة؟! كم من مليون هجروا، كم من شخص سيقتل مستقبلاً؟!
تفجير في الضاحية بلبنان أصدرت بشأنه الوفاق بياناً وصفته بشديد اللهجة، وما يحصل في سوريا تقيم له إحدى جمعيات المعارضة فعالية تدعم فيها بشار الأسد وإجرامه، وحينما نقول عملاء لإيران ولخامنئي يتضايقون، وحينما نقول تكذبون وتدعون زوراً بشأن حقوق الإنسان يزعلون. ها هي سوريا تنضح دماً وأنتم خانعون ساكتون.
مجلس الأمن عليه مسؤولية اتخاذ إجراء فوري وحاسم لوقف هذا الإجرام الموثق، الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية كبرى فيما يحصل، إذ بدلاً من «اللعب» في الدول العربية الأخرى والتدخل بصلافة في شؤونها لتثبت لنا مرة بأنها بالفعل راعية حقيقية للسلام، روسيا تكفيها فقط كلمة «العار»، هذه حقيقة المشهد اليوم حينما ترخص الدماء والأرواح ويمكن التغاضي عنها باسم السياسة العالمية.
أمام هذا التخاذل لا نملك إلا الدعاء لأقوى الأقوياء المولى عز وجل بأن يرينا في المجرم بشار وأعوانه يوماً أسود، وأن يحفظ السوريين الشرفاء ويحميهم، فلا حامي لهم إلا هو.
خيبة العرب في فلسطين ها هي تتكرر اليوم في سوريا، وستتكرر مجدداً لا محالة في موقع آخر مستقبلاً، بينما «الصديق» الأمريكي لن يتحرك إلا إن كان تحركه سيعود عليه بالمنفعة والمصلحة.