من المؤكد أن هناك مجموعة من الدروس الإيجابية استقيناها عبر شهر رمضان المبارك، ولا يخلو أن يكون كل الشهر إيجابياً من حيث الفائدة والمنفعة، لكن هناك من الأشخاص من يدخل عليه الشهر الفضيل ويخرج وهو لم يزدد إلا سلبية، فإذا لم يردعه رمضان عن التقصير في أداء حقوق العباد فمتى يمكن له أن يرتدع؟
من قبل تحدثنا عن الجوانب العملية والسلوكية الإيجابية في رمضان المبارك، كالتزاور والألفة والتقرب إلى الله تعالى عبر سلوك طريق الطاعة والعبادة، وتحدثنا عن بقية الإيجابيات التي يمكن للصائم أن يستثمرها في شهر رمضان، وما أكثرها.
في المقابل هناك صنف لا بأس به من الصائمين والقائمين ليس لهم من صيامهم سوى الجوع والعطش، إذ يعتقد هؤلاء أن شهر رمضان هو شهر الراحة والاستجمام، والابتعاد عن الحياة العملية وعن كل عمل يؤدي إلى خدمة الناس.
يشتكي الكثير من المواطنين في شهر الصيام، من تراخي العمل الحكومي وحتى في القطاع الخاص من قبل بعض الموظفين الكسالى، فبدل أن تزداد وتيرة الإنتاجية وسرعة إنجاز المعاملات في شهر رمضان، باعتباره محركاً رئيساً للعمل والفضائل، نراها تقل وتتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، ويؤثر ذلك على طبيعة الخدمات المقدمة للجمهور، ويعطل هذا الخمول غير المبرر مصالح الناس.
اشتكى لي عدد من المواطنين سوء العمل في نهار رمضان في المؤسسات الخاصة والعامة، وأن الكثير من الموظفين لا يقومون بأداء واجبهم على أكمل وجه، بداعي الصوم، وكأنهم هم الذين فرض الله عليهم الصوم دون سواهم، أما بقية المراجعين ومن لهم مصالح يجب أن تنجز فإنهم ليسوا من الصائمين!
إن مشكلة هؤلاء الموظفين في شهر رمضان مشكلة قديمة يجب أن تنتهي، ولا شيء سوى مراقبتهم في عملهم وقياس مستوى أدائهم بعد رمضان، وذلك من خلال عمل كشوفات لعملهم الخاص برمضان المبارك، وكذلك محاسبتهم على أوقات الدوام والانصراف الرمضاني، ومعرفة مدى انضباطهم وإنتاجيتهم في أوقات الدوام الرسمي لرمضان.
هذا الكلام لن يعجب الموظف الكسول، ولن يرتضيه أبداً، فهو يريد أن يعمل في رمضان بأقل مجهود وبأقل إنتاجية ممكنة، متناسياً أن شهر الله هو شهر العمل وليس شهر الكسل، وأن الصوم هو الدافع الأول للعطاء وليس للهروب منه، تحت ذريعة الامتناع عن الأكل والشرب.
تقوى الله هو أن يخاف الصائم من التقصير في حقوق عباد الله، لا أن يخالف جوهر الصيام متجهاً نحو راحته الشخصية فقط، أليس المغزى الأصيل من الصوم هو تقوى الله؟ أم أن للموظف الكسول رأياً آخر؟.