الصورة أبلغ من ألف كلمة، واليوم في عالم الثورة التكنولوجية إن لم تدعم كلامك بتوثيق واضح فإنه من الصعب أن يتم تقبل ما تقول
يقول العالم الفيزيائي الألماني «ويتسي فينيما» إن الضعف في عملية التوثيق يقود إلى مشاكل في عملية القبول.
يفهم معنى كلام «فينيما» الأكاديميون والباحثون ومن يبنون مواقفهم على الشواهد والدلائل فقط، الرافضون للقبول بأي معلومة دون وجود مصدر موثوق، أو بأي كلام مأخوذ على عواهنه.
البحرين تعاني من خلل في مسألة التوثيق، خاصة ما يتعلق منها بالإرهاب الذي يعصف بالمجتمع يومياً، والتوثيق المطلوب هنا يتعدى ما ينشر في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة على هيئة أخبار متفرقة.
بالأمس حرقت سيارة أخرى من سيارات الشرطة، وقبلها بأيام تمت عدة عمليات تفجير، والبيانات الصادرة من أجهزة الأمن تشير لعدد كبير من الإصابات في صفوف رجال الشرطة، وسبق ذلك وعلى امتداد عامين ونصف عمليات تخريب وقطع طرقات وحرق إطارات ورمي للمولوتوف واستهداف للناس.
ما نرمي إليه هنا بأن المادة موجودة، تلك التي تؤكد الإرهاب المتأصل المبني على التحريض والتحشيد، وأن الأرقام والإحصاءات والحوادث واقعة بالفعل على الأرض، يبقى العمل على توثيق كل هذه الاعتداءات وأعمال التخريب والإرهاب بشكل صحيح.
البحرين تحتاج لمادة إعلامية رسمية تركز على معاناة المجتمع وأهله جراء هذا الإرهاب والتخريب. مادة تكون موثقة يتم من خلالها جمع واستعراض كل الأمور التي تكشف زيف ادعاء سلمية المسيرات والتظاهرات، وتبين كيف تكون هذه العمليات مرتبطة بمسألة التحريض والتحشيد، والأهم كيف أن كل هذا يخالف الدستور والقوانين المعمول بها في البحرين، والتي لا تختلف عن قوانين الدول الأخرى التي تحارب الإرهاب وتعتبر زعزعة أمن المجتمع ضمن جرائم الأمن القومي التي لا يتم التساهل معها.
سفارات البحرين في الخارج تفتقر لمثل هذه المواد التوثيقية، وهذا خلل كبير، كما أنه يغيب عن علمنا قيام الجهات المعنية في الدولة بتوثيق كل هذه الانتهاكات والجرائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها المعنية بحقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية، إذ هذا الإرهاب الحاصل في البحرين يعتبر أيضاً جريمة بحق المواطنين والمقيمين.
التوثيق يجب أن يكون بلغة يتقبلها المجتمع الدولي، خاصة أن الإرهاب مفهوم متعارف عليه لدى الجميع ولا يحتاج لشرح أو تبسيط.
البحرين عانت طوال عقود من عمليات تخريب وإرهاب شوارع ومحاولات إنقلابية ومساع لزعزعة الأمن والاستقرار. كل هذا يجب أن يوقف ويتم سرده تاريخياً بالشواهد.
ما حصل في التسعينات من أحداث تخريب وشغب ونتج عنه مقتل بشر من بينهم عمال آسيويين حرقاً في منطقة سترة وغيرها من أعمال التخريب، أمور لا يجب تركها لتضيع مع تقادم الزمن، بل لابد من توثيق لها، باعتبار أن هذا ماضي من يدعي اليوم أنه يستخدم الأساليب «السلمية» في حراكه.
الأحداث التي بدأت في فبراير 2011 وحتى اليوم، أغلبها موجود على هيئة مواد إعلامية مرئية ومسموعة ومقروءة، كلها متناثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكثير منها يفترض أنه موجود لدى الأجهزة الأمنية، وهي مواد تبرز العنف والإرهاب والممارسات القائمة على ضرب استقرار وأمن البلد، وهي مقرونة أصلاً بتوثيق معترف به دوليا ونعني هنا تقرير لجنة تقصي الحقائق برئاسة البروفيسور بسيوني المتضمن لتفاصيل عن كثير من الأعمال يمكن إقرانها في هذا التوثيق.
الصورة أبلغ من ألف كلمة، واليوم في عالم الثورة التكنولوجية إن لم تدعم كلامك بتوثيق واضح فإنه من الصعوبة أن يتم تقبل ما تقول، بالتالي الاعتماد على الكلام بمعزل عن التوثيق يجعل الكفة تميل للجهة التي استوعبت أهمية التوثيق واعتمدت عليه وباتت تحاول جاهدة إصدار النشرات والكتابة في الدوريات وطباعة الكتب لتضمنها ما تريد إيصاله، خاصة أن هذه الوسائل كلها تتحول إلى مراجع للاستدلال والاستشهاد.
تريدون مثالاً حياً على تأثير عملية التوثيق؟!
كثير من وسائل الإعلام والشخصيات والمنظمات حينما تتحدث عن البحرين تشير لنسبة التوزيع السكاني بناء على المذهب الديني، تتحدث عن أكثرية وأقلية، بينما يعلم كثيرون أن البحرين لم تشهد في تاريخها عملية تعداد سكاني بناء على المذهب الديني بمقياس السنة والشيعة، وعليه على ماذا يستند الإعلام الغربي أو المنظمات هنا؟!
الإجابة هي التوثيق، وتضمين هذه المعلومات في تصريحات وكتابات ونشرات وكتب تستخدم بعدها كمرجع ومصدر للمعلومات، وهنا لست أبالغ.
في دراسة بحثية بجامعة «جورج واشنطن» بالولايات المتحدة أعدها الباحثان «جيسون ستيرن» و»رضا أكبري» تم الاعتماد على كثير من المصادر الخبرية للمعلومات، على رأسها تقرير لجنة تقصي الحقائق، لكن أيضا تمت الإشارة لمقالات لكتاب بحرينيين باختلاف مواقفهم من أحداث البحرين، حتى كاتب السطور تم الاستشهاد ببعض مقالاته وأيضا عديد من الزملاء، وهذه أحد أسس الدراسات البحثية والأكاديمية التي توثق حتى التصريحات وتحولها لما بعد إلى استشهادات يفترض أن يعتد بها إن تم طبعها ونشرها.
خلاصة القول هنا بأن البحرين تحتاج لتوثيق هذا الإرهاب الذي استفحل، تحتاج لمواد إعلامية رسمية (لا قائمة على اجتهادات أشخاص وأفراد) بحيث تكون هناك مادة تشرح كل الملابسات والظروف بالسرد التاريخي ومن خلال الصوت والصورة والأرقام وحتى الاعترافات، وتغني بالتالي عن سرد الكلام والحديث الارتجالي.
{{ article.visit_count }}
يقول العالم الفيزيائي الألماني «ويتسي فينيما» إن الضعف في عملية التوثيق يقود إلى مشاكل في عملية القبول.
يفهم معنى كلام «فينيما» الأكاديميون والباحثون ومن يبنون مواقفهم على الشواهد والدلائل فقط، الرافضون للقبول بأي معلومة دون وجود مصدر موثوق، أو بأي كلام مأخوذ على عواهنه.
البحرين تعاني من خلل في مسألة التوثيق، خاصة ما يتعلق منها بالإرهاب الذي يعصف بالمجتمع يومياً، والتوثيق المطلوب هنا يتعدى ما ينشر في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة على هيئة أخبار متفرقة.
بالأمس حرقت سيارة أخرى من سيارات الشرطة، وقبلها بأيام تمت عدة عمليات تفجير، والبيانات الصادرة من أجهزة الأمن تشير لعدد كبير من الإصابات في صفوف رجال الشرطة، وسبق ذلك وعلى امتداد عامين ونصف عمليات تخريب وقطع طرقات وحرق إطارات ورمي للمولوتوف واستهداف للناس.
ما نرمي إليه هنا بأن المادة موجودة، تلك التي تؤكد الإرهاب المتأصل المبني على التحريض والتحشيد، وأن الأرقام والإحصاءات والحوادث واقعة بالفعل على الأرض، يبقى العمل على توثيق كل هذه الاعتداءات وأعمال التخريب والإرهاب بشكل صحيح.
البحرين تحتاج لمادة إعلامية رسمية تركز على معاناة المجتمع وأهله جراء هذا الإرهاب والتخريب. مادة تكون موثقة يتم من خلالها جمع واستعراض كل الأمور التي تكشف زيف ادعاء سلمية المسيرات والتظاهرات، وتبين كيف تكون هذه العمليات مرتبطة بمسألة التحريض والتحشيد، والأهم كيف أن كل هذا يخالف الدستور والقوانين المعمول بها في البحرين، والتي لا تختلف عن قوانين الدول الأخرى التي تحارب الإرهاب وتعتبر زعزعة أمن المجتمع ضمن جرائم الأمن القومي التي لا يتم التساهل معها.
سفارات البحرين في الخارج تفتقر لمثل هذه المواد التوثيقية، وهذا خلل كبير، كما أنه يغيب عن علمنا قيام الجهات المعنية في الدولة بتوثيق كل هذه الانتهاكات والجرائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها المعنية بحقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية، إذ هذا الإرهاب الحاصل في البحرين يعتبر أيضاً جريمة بحق المواطنين والمقيمين.
التوثيق يجب أن يكون بلغة يتقبلها المجتمع الدولي، خاصة أن الإرهاب مفهوم متعارف عليه لدى الجميع ولا يحتاج لشرح أو تبسيط.
البحرين عانت طوال عقود من عمليات تخريب وإرهاب شوارع ومحاولات إنقلابية ومساع لزعزعة الأمن والاستقرار. كل هذا يجب أن يوقف ويتم سرده تاريخياً بالشواهد.
ما حصل في التسعينات من أحداث تخريب وشغب ونتج عنه مقتل بشر من بينهم عمال آسيويين حرقاً في منطقة سترة وغيرها من أعمال التخريب، أمور لا يجب تركها لتضيع مع تقادم الزمن، بل لابد من توثيق لها، باعتبار أن هذا ماضي من يدعي اليوم أنه يستخدم الأساليب «السلمية» في حراكه.
الأحداث التي بدأت في فبراير 2011 وحتى اليوم، أغلبها موجود على هيئة مواد إعلامية مرئية ومسموعة ومقروءة، كلها متناثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكثير منها يفترض أنه موجود لدى الأجهزة الأمنية، وهي مواد تبرز العنف والإرهاب والممارسات القائمة على ضرب استقرار وأمن البلد، وهي مقرونة أصلاً بتوثيق معترف به دوليا ونعني هنا تقرير لجنة تقصي الحقائق برئاسة البروفيسور بسيوني المتضمن لتفاصيل عن كثير من الأعمال يمكن إقرانها في هذا التوثيق.
الصورة أبلغ من ألف كلمة، واليوم في عالم الثورة التكنولوجية إن لم تدعم كلامك بتوثيق واضح فإنه من الصعوبة أن يتم تقبل ما تقول، بالتالي الاعتماد على الكلام بمعزل عن التوثيق يجعل الكفة تميل للجهة التي استوعبت أهمية التوثيق واعتمدت عليه وباتت تحاول جاهدة إصدار النشرات والكتابة في الدوريات وطباعة الكتب لتضمنها ما تريد إيصاله، خاصة أن هذه الوسائل كلها تتحول إلى مراجع للاستدلال والاستشهاد.
تريدون مثالاً حياً على تأثير عملية التوثيق؟!
كثير من وسائل الإعلام والشخصيات والمنظمات حينما تتحدث عن البحرين تشير لنسبة التوزيع السكاني بناء على المذهب الديني، تتحدث عن أكثرية وأقلية، بينما يعلم كثيرون أن البحرين لم تشهد في تاريخها عملية تعداد سكاني بناء على المذهب الديني بمقياس السنة والشيعة، وعليه على ماذا يستند الإعلام الغربي أو المنظمات هنا؟!
الإجابة هي التوثيق، وتضمين هذه المعلومات في تصريحات وكتابات ونشرات وكتب تستخدم بعدها كمرجع ومصدر للمعلومات، وهنا لست أبالغ.
في دراسة بحثية بجامعة «جورج واشنطن» بالولايات المتحدة أعدها الباحثان «جيسون ستيرن» و»رضا أكبري» تم الاعتماد على كثير من المصادر الخبرية للمعلومات، على رأسها تقرير لجنة تقصي الحقائق، لكن أيضا تمت الإشارة لمقالات لكتاب بحرينيين باختلاف مواقفهم من أحداث البحرين، حتى كاتب السطور تم الاستشهاد ببعض مقالاته وأيضا عديد من الزملاء، وهذه أحد أسس الدراسات البحثية والأكاديمية التي توثق حتى التصريحات وتحولها لما بعد إلى استشهادات يفترض أن يعتد بها إن تم طبعها ونشرها.
خلاصة القول هنا بأن البحرين تحتاج لتوثيق هذا الإرهاب الذي استفحل، تحتاج لمواد إعلامية رسمية (لا قائمة على اجتهادات أشخاص وأفراد) بحيث تكون هناك مادة تشرح كل الملابسات والظروف بالسرد التاريخي ومن خلال الصوت والصورة والأرقام وحتى الاعترافات، وتغني بالتالي عن سرد الكلام والحديث الارتجالي.