من يتابع البيانات والتغريدات والتصريحات الكثيرة التي ازدادت في الأيام الأخيرة؛ يقرر أن الذين يقفون وراء هذه الحركة الداعية إلى إعادة الجميع إلى المربع الأول غير واثقين من خطوتهم ويتوقعون الفشل. توقع الفشل ليس فقط لمعرفتهم الأكيدة أن الحكومة لن تسمح لهم هذه المرة بنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار والاستهانة بحياة الناس وأرواحهم، ولكن لأنهم يدركون أنهم فقدوا بسبب مبالغتهم في استعمال «حق التعبير» الكثير من المتعاطفين والمناصرين والمؤيدين، حتى في صفوف الطائفة التي يريدون أن يكونوا الناطقين باسمها غصباً عنها.
في الأيام الأخيرة صارت التغريدات والتصريحات والبيانات تركز على العواطف وعلى أن ما سيقوم به الناس في الداخل يعبر عن مناصرتهم لقيم الخير والحق، وأنهم بهذا إنما يعبرون عن تدينهم وعن تفانيهم في العمل للآخرة والتحضير لها، فمن يشذ عنهم إنما هو يسعى لطلب الدنيا! وكأن «النظام الجديد» الذي يسعون إليه سيقام في الآخرة وليس في الدنيا وستديره ملائكة!
أيضا صار تركيز الكلام باختلاف وسائله على أن من يقف مع النظام؛ إنما يقف مع الباطل، وأنهم -المنظمون للتمرد- يقدرون الظروف التي تمنعهم من الوقوف إلى جانب الحق، ولهذا فإنهم يعذرونهم ويعطونهم فرصة جديدة لتصحيح أوضاعهم والانتقال من «مساحة العبيد إلى مساحة الأحرار!».
إضافة إلى هذا اهتم هؤلاء بالترويج لعدد من الأمور التي قالوا إنها أساسات في تمردهم، أولها «أننا لسنا دعاة عنف.. ولا صناع مواقف مرتجلة»، وثانيها «نتبنى الخيار السلمي كخيار استراتيجي»، وثالثها «نرى حق جميع المكونات السياسية في التعبير عن آرائها السياسية»، ورابعها «يمكن أن تكون لنا مبادرات للحل السياسي»!
المؤسف في كلام كهذا أنه جميل ولكنه في الهواء، لأن ما يتم ممارسته على أرض الواقع يناقضه، فإن لم يكن كل هذا الذي يمارس في الشارع عنفاً؛ فكيف هو شكل العنف إذاً؟ وإن لم تكن حركة التمرد هذه كلها مبنية على مواقف مرتجلة؛ فكيف هي إذاً المواقف المرتجلة؟ الكل يعلم أن حركة تمرد 14 أغسطس جاءت بعد نجاح حركة تمرد 30 يونيو في مصر، أي أن الفكرة سقطت في حضنهم صدفة ولم يكن مخططاً لها ولم تكن في البال، فكيف يكون البعد عن الارتجال إذاً؟ أما القول بتبني الخيار السلمي فتناقضه الممارسات في الشارع وتحدي المراسيم الملكية والقوانين والقرارات الصادرة عن الحكومة، وأما التأكيد على حق جميع المكونات السياسية في التعبير عن آرائها السياسية فهو مجرد عنوان لا قيمة له تماماً مثلما أنه لا قيمة للقول «يمكن أن تكون لنا مبادرات للحل السياسي»، فمن يؤمن بحق الآخرين في التعبير لا يقول «يمكن أن تكون لنا مبادرات» ويتجه مباشرة إلى الحل السياسي، لأن كلمة «يمكن» تعني أن الخيار الاستراتيجي الذي يتبنونه ليس هو الخيار السلمي وإنما نقيضه المتمثل في العنف الذي صار الناس يعيشونه في الشارع بشكل يومي ويعطل حياتهم ويدمرها.
يكفي من كل هذا كلمة «نفير» التي تم استخدامها في الكثير من البيانات لمناسبة 14 أغسطس، فهذه المفردة خاصة بالحروب والمعارك ولا علاقة لها بالسلمية، ففي معاجم اللغة النفير يعني (القوم ينفرون للقتال) والنفير العام (قيام عامة الناس لقتال العدو) والنفير (قوم يسرعون إلى قتال أو نحوه)، وشعبياً النفير العام يعني أن (كل واحد يجهز نفسه ويرمي كل شيء وراء ظهره ويتحرك مع الجماعة) أي أن الأمر تكليف.. إما النصر وإما الشهادة!
الأكيد أن مشوار التمرد سيبدأ غداً الأربعاء الرابع عشر من أغسطس وسيدخلنا في آلام جديدة نحن في غنى عنها، لكن الأكيد أيضاً أنه سيحقق المزيد من الفشل.
{{ article.visit_count }}
في الأيام الأخيرة صارت التغريدات والتصريحات والبيانات تركز على العواطف وعلى أن ما سيقوم به الناس في الداخل يعبر عن مناصرتهم لقيم الخير والحق، وأنهم بهذا إنما يعبرون عن تدينهم وعن تفانيهم في العمل للآخرة والتحضير لها، فمن يشذ عنهم إنما هو يسعى لطلب الدنيا! وكأن «النظام الجديد» الذي يسعون إليه سيقام في الآخرة وليس في الدنيا وستديره ملائكة!
أيضا صار تركيز الكلام باختلاف وسائله على أن من يقف مع النظام؛ إنما يقف مع الباطل، وأنهم -المنظمون للتمرد- يقدرون الظروف التي تمنعهم من الوقوف إلى جانب الحق، ولهذا فإنهم يعذرونهم ويعطونهم فرصة جديدة لتصحيح أوضاعهم والانتقال من «مساحة العبيد إلى مساحة الأحرار!».
إضافة إلى هذا اهتم هؤلاء بالترويج لعدد من الأمور التي قالوا إنها أساسات في تمردهم، أولها «أننا لسنا دعاة عنف.. ولا صناع مواقف مرتجلة»، وثانيها «نتبنى الخيار السلمي كخيار استراتيجي»، وثالثها «نرى حق جميع المكونات السياسية في التعبير عن آرائها السياسية»، ورابعها «يمكن أن تكون لنا مبادرات للحل السياسي»!
المؤسف في كلام كهذا أنه جميل ولكنه في الهواء، لأن ما يتم ممارسته على أرض الواقع يناقضه، فإن لم يكن كل هذا الذي يمارس في الشارع عنفاً؛ فكيف هو شكل العنف إذاً؟ وإن لم تكن حركة التمرد هذه كلها مبنية على مواقف مرتجلة؛ فكيف هي إذاً المواقف المرتجلة؟ الكل يعلم أن حركة تمرد 14 أغسطس جاءت بعد نجاح حركة تمرد 30 يونيو في مصر، أي أن الفكرة سقطت في حضنهم صدفة ولم يكن مخططاً لها ولم تكن في البال، فكيف يكون البعد عن الارتجال إذاً؟ أما القول بتبني الخيار السلمي فتناقضه الممارسات في الشارع وتحدي المراسيم الملكية والقوانين والقرارات الصادرة عن الحكومة، وأما التأكيد على حق جميع المكونات السياسية في التعبير عن آرائها السياسية فهو مجرد عنوان لا قيمة له تماماً مثلما أنه لا قيمة للقول «يمكن أن تكون لنا مبادرات للحل السياسي»، فمن يؤمن بحق الآخرين في التعبير لا يقول «يمكن أن تكون لنا مبادرات» ويتجه مباشرة إلى الحل السياسي، لأن كلمة «يمكن» تعني أن الخيار الاستراتيجي الذي يتبنونه ليس هو الخيار السلمي وإنما نقيضه المتمثل في العنف الذي صار الناس يعيشونه في الشارع بشكل يومي ويعطل حياتهم ويدمرها.
يكفي من كل هذا كلمة «نفير» التي تم استخدامها في الكثير من البيانات لمناسبة 14 أغسطس، فهذه المفردة خاصة بالحروب والمعارك ولا علاقة لها بالسلمية، ففي معاجم اللغة النفير يعني (القوم ينفرون للقتال) والنفير العام (قيام عامة الناس لقتال العدو) والنفير (قوم يسرعون إلى قتال أو نحوه)، وشعبياً النفير العام يعني أن (كل واحد يجهز نفسه ويرمي كل شيء وراء ظهره ويتحرك مع الجماعة) أي أن الأمر تكليف.. إما النصر وإما الشهادة!
الأكيد أن مشوار التمرد سيبدأ غداً الأربعاء الرابع عشر من أغسطس وسيدخلنا في آلام جديدة نحن في غنى عنها، لكن الأكيد أيضاً أنه سيحقق المزيد من الفشل.