أبدأ بتغريدة معبرة تقول كاتبتها: «انتقل إلى رحمة الله (تمرد البحرين) عن عمر يناهز يوماً واحداً فقط، عذراً لا تقبل التعازي فالكل فرحان».
الغالبية من المواطنين المحبين لهذا الوطن كانوا على ثقة بأن يوم أمس سيمر عادياً كأي يوم آخر، خاصة وأن الحكومة البحرينية كانت واضحة وحاسمة في خطابها بشأن حفظ الأمن والتصدي لأية محاولات إرهابية هدفها إقلاق الأمن في البلاد.
فعالية «التمرد» لم تكن سوى دعوة «فنتازية» عبر الفضاء الإلكتروني شهدت فشلاً ذريعاً، وتحولت من «تمرد» إلى «كشتات» و»جلسات» أمام البيوت، واختفت الوجوه التي كانت تمارس التحريض والصراخ والتهديد والوعيد من تصدر المشهد في بعض المسيرات التي خرجت بأعداد قليلة وكانت مقتصرة على النساء والشباب والمراهقين.
حتى الوفاق التي لآخر خطاب لأمينها العام الذي جدد تأكيده أنه سينزل للشارع ليتلقى الرصاص وتأكيده بأنه ومن معه «سيتمردون» على ما وصفها بدولة ديكتاتورية، حتى الوفاق اكتفت بالنضال من خلف «الكيبورد» في وسائل التواصل الاجتماعي، بل لم تذكر كلمة «تمرد» ما استدعى تعرضها للشتم من قبل الذين خرجوا ليتمردوا، بينما علي سلمان الذي كان الجميع ينتظره لتلقي الرصاص اختفى تماماً من المشهد.
حتى من تظاهروا أمام السفارة البحرينية في لندن لمدة ساعة وعلى الرصيف المقابل للمبنى وضمن الحدود التي حددتها الشرطة الإنجليزية، حتى هؤلاء الخليط من بحرينيين يعتاشون على أموال الدعم الإيراني وجنسيات عربية من العراق والشام الموالين لنظام خامنائي، حتى هؤلاء كان عددهم -الذي لم يتجاوز الستين- أكبر من أي تجمع داخل البحرين والذي وصفتها قناة «المنار» التابعة لحزب الله بأنها تشهد حالة «شلل» تام في المدن بسبب المظاهرات الحاشدة، وواضح أن «الشلل» أصاب من أمس.
جولة رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان في مجمعات البحرين كانت رسالة صريحة وواضحة تبين بأن الدولة لن تقف تتفرج على محاولة انقلاب ثانية أو دعوات فوضى وتخريب.
لماذا فشلت دعوة «تمرد»؟! الأسباب جداً بسيطة، إذ إضافة لكونها دعوة يقف وراءها أشخاص لم «يتجرؤوا» على كشف هوياتهم حتى للسفير الأمريكي الذي أرسلوا رسالة يناشدونه فيها التوسل لواشنطن حتى تدعمهم من وعد منهم باحترام كافة الاتفاقيات التي وقعتها البحرين مع البيت الأبيض إن تحول الحكم لهم أي المتمردين، أقول إضافة لذلك، فإن جدية الحكومة في تطبيق التوصيات البرلمانية والتوجيهات الملكية كانت مؤشراً صريحاً بأن هذه الفوضى سيوضع لها حد.
نحسب لخطاب الحكومة تأثيره في هذا الجانب، وهو ما دفع المحرضين للاختفاء أمس والاكتفاء بالنضال على «التويتر» والصراخ في القنوات الإيرانية.
لكن وهنا مربط الفرس، البحرين لا يجب أن تقبل على الإطلاق أن يتم إعادة استنساخ عملية «احتلال الدوار» عبر الإعلان عن تواريخ وأيام يتم الترويج لها قبل أسابيع وأيام وبسبب ذلك يعيش الناس حالة من الترقب ويتم التعويل على تعزيز الأمن ورفع مستوى الاحتراز. هذه المسألة يجب أن تنتهي إلى غير رجعة، ولإنهائها يجب استكمال تطبيق التوصيات خاصة تلك المرتبطة بمحاسبة ممارسي التحريض والمحشدين للناس ببث كراهية النظام في قلوبهم ومن يدافع ويبرر لأعمال العنف والإرهاب، لابد من تطبيق القانون وبيان كيفية التطبيق ليعرف الناس أن من يخطئ ويتجاوز يحاسب بالقانون ولا شيء آخر.
لا يجب أن ننسى أيضاً الجهد الذي بذله أبناء البحرين المخلصون والمحبون لها من المقيمين أولاً بشأن التزامهم بالأعمال وفتح المحلات إضافة لما قاموا به لبيان زيف مدعي السلمية في جانب وبيان كيف سارت الأمور والحياة بشكل طبيعي في البحرين أمس عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، كيف علا صوتهم أمام من يريد معرفة ما يحصل في البحرين ليرى كيف أن هناك جموعاً غفيرة ترفض هذا الإرهاب الذي يستهدف البلد وتكشف الحقائق وتفضح الأكاذيب.
أخيراً على من انجر وخدع بصراخ أمين عام الوفاق واستعراضاته البطولية بـ»الكلام»، ومن وثق بمن يسمون أنفسهم قادة معارضة، على هؤلاء الناس أن يقيموا ماذا فعل لهم هؤلاء المناضلون أمس وما سبق ذلك من أيام دعوا فيها لفعاليات ومسيرات غابوا هم عنها وامتنعوا عن تصدر صفوفها الأولى، إلا إن ضمنوا سلامتهم وأن هذه الفعاليات لن تفضي لمواجهات مباشرة مع رجال الأمن.
اسألوا أنفسكم أين اختفى هؤلاء المتاجرون بأرواح نسائكم وأطفالكم وشبابكم، لماذا هم من يكسب عبر الصفقات والتفاهمات التي يريدون تمريرها بالخفاء، ولماذا من يصدقهم ويضحي بنفسه دفاعاً عن مكاسبهم هو المتضرر الأول والأخير؟! اذهبوا وابحثوا عن حقيقة الموجودين من معارضة في لندن وكيف يعيشون متنعمين هناك وهم يتاجرون بكم وبدمائكم هنا.
اتقوا الله في هذا الوطن الذي مل كثير من أهله باختلاف مواقفهم مما يحصل فيه، والله البحرين لا تستحق كل هذا الجحود وكل هذا الأذى.