فـي الثالــث والعشريــن مــن شهــر مــارس الماضي حسبما أتذكر، خصص وزير التربية والتعليم، ساعة كاملة، أجاب خلالها بشكل شخصي وعبر حسابه الخاص على مدونة الحكومة الإلكترونية على نحو خمسين سؤالاً ومداخلة طرحها طلبة وعاملون ومتابعون لقطاع التربية والتعليم في البحرين.
هنــا سنتنــاول مسألتين مهمتين طرحهمــا وزير التربية والتعليم في مناقشاته، المسألة الأولى تتعلق بمدارس المستقبل، والأخرى تتعلق بحقيبة طلبة المرحلة الابتدائية.
بالنسبة إلى المسألة الأولى قال الوزير: «منذ تم تدشين مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل في عام 2005 جرى تحويل مجموعة كبيرة من الكتب الدراسية إلى كتب إلكترونية، أصبحت متاحــة علـــى المنظومة التعليمية الإلكترونية، ويستفيـــد منها الطالب بشكل أكبر من الكتب التقليدية لأنّها تتميز بالتفاعلية، حيث بإمكانها استيعاب شروح الفيديو ووضع الروابط مع مواقع إلكترونية مفيدة، إضافة إلى سهولة تحديثها، (..) ونحن ماضون في تحويل الكتب المتبقية إلى كتب إلكترونية وتطوير الكتب الحالية».
نحن نقول هنا، إنه ومنذ العام 2005 والكتب هي هي، والمناهج الورقية لم تتغير على الإطلاق، ولم يتأكد إلينا أن الكتاب المدرسي أصبح من الماضي، بل مازالت الكتب الورقية وليست الإلكترونية، توزع على الطلبة مع بداية كل عام دراسي، فأين مدارس المستقبل من كل هذه الأطنان من الورق المطبوع؟ هل المشكلة في عدم «مكنة» وزارة التربية والتعليم من ملاحقة أدوات العصر؟ أم أن المشكلة في إدارات المدارس وعقليات من يديرها؟ إذاً أين «اللاب توب» والألواح الرقمية وبقية «الرَّبعْ» من الأدوات الإلكترونية؟ أم أن مدارس المستقبل ما زالت مجرد فكرة على ورق؟ أسئلة حائرة تفتش عن إجابات واضحة!
أما بالنسبة للمسألة الأخرى والتي لها علاقة مباشرة بالمسألة الأولى ألا وهي حقيبة طالب الابتدائي، ففي معرض ردهِ على عدد من الأسئلة حول الكتب الإلكترونية وثقل الحقائب المدرسية، أوضح الوزير قائلاً «أتفق معكم بأن الحقيقة المدرسية بالنسبة للابتدائي ثقيلة نسبياً، لكن الوزارة تعمل على الحد منها، وتم بالفعل اتخاذ العديد من الإجراءات والخطوات العملية للحد منها، لافتاً إلى «تشكيل لجنة خاصة بهذه المشكلة تتابع بشكل مستمر تنفيذ حزمة من الإجراءات العملية لحل هذه المسألة»، وستسمعون أخباراً طيبة في هذا الموضوع قريباً جداً إن شاء الله».
دخلنا العام الدراسي الجديد، وحقيبة أطفالنا لم تتغير ولم تنزل حتى «كيلو واحد» أصلاً، ولم نسمع يا سعادة الوزير خبراً واحداً طيباً في هذا الشأن، بل مازال الكثير من الآباء يصورون شنط أبنائهم الطلبة وهي موضوعة على الميزان الإلكتروني، ومن ثم ينشرونها عبر حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي بطريقة تهكمية لا تخلو من الحزن والألم، يبينون من خلال حملاتهم تلك، مدى ثقل الحقيبة المدرسية لصغارهم، ومدى تكرار هذه المأساة في كل عام.
أما على الأرض، فإننا لم نشاهد لجنة خاصة تتابع وزن شنطة ابنتي الصغيرة ولا هم يحزنون، منذ أن كانت في الصف الأول الابتدائي وحتــى بعــد أن دخلــت المرحلــة الإعدادية، فالأثقال في ازدياد مستمر، أما أطفالنا فإننا فقدنا الأمل من سلامة عظامهم الطرية الناعمة يا سعادة الوزير، وأما بالنسبة لمدارس المستقبل، فإنها حلم لن يتحقق حتى يحصل كل أطفالنا في البحرين على لوح رقمي متطور، يغنيهم عن كتبكم وشنطكم القاصمة لظهورهم المحدوبة.