وجّه الربيع العربي الأنظار إلى إيران ودورها في قيام تلك الثورات في الوطن العربي باعتبارها محوراً رئيساً ومباشراً في بعضها؛ كما هو الحال في البحرين، ومحركاً في البعض الآخر مثل الموقف الإيراني الصريح من الثورة في سوريا ودعمها الكامل لنظام بشار الأسد.
جعل ذلك من العالم في غفلة نسبية عن مجريات العلاقات الإيرانية مع بعض القوى العظمى المتحالفة معها، فرغم ظهور الموقف الروسي كحليف لإيران من ناحية، وداعم للنظام السوري «المفروض» من ناحية ثانية، توارى عن الملعب السياسي اللاعب الصيني الذي احترف فن التخفي عند الضرورة. لكن ذلك لا يعني أن الصين حليف حديث ظهر على حين غفلة لإيران؛ فالعمق التاريخي للتعاون بينهما أبعد من المقارنة بثورات الربيع العربي.
وكما أشرنا في المقال السابق، فإن الصين كانت بمثابة المؤسس الحقيقي للقوة العسكرية الإيرانية، تمثل ذلك في دعمها وإمدادها بالسلاح خلال حرب الخليج الأولى على العراق (1980 - 1988) من خلال وسيط.!! ألم نقل قبل قليل أن الصين لاعب احترف التخفي؟!
وماذا بعد؟
بالطبع، ما زال الدعم اللوجستي بالسلاح مستمراً حتى يومنا الراهن، ولم يقتصر التعاون الصيني مع طهران على ذلك وحسب، وإنما امتد لتقديم تكنولوجيات الأسلحة والتجهيزات العسكرية، حتى منحتها فرصة تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الصواريخ الباليستية، حسبما خلص إليه تقرير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (F.B.I) الذي قدمته إلى الكونغرس الأمريكي.
ثم ماذا؟
تقوم الصين أيضاً بتقديم دعم تكنولوجي هام لإيران في المجال النووي، فضلاً عن إمدادها وتجهيزها بالأسلحة التقليدية بمستويات متقدمة جداً، نحو الصواريخ والغواصات العسكرية.
هل من مزيد؟
المزيد أعظم.. فالصين تقدم -إلى حد ما- حماية دبلوماسية لإيران، وربما يذكر البعض تهديد الأولى في مرحلة سابقة باستخدام حق «الفيتو» إذا ما اتخد أي قرار ضد إيران من قبل مجلس الأمن الدولي، ناهيك عن جهودها المستميتة لمنع العقوبات. وقد ساهم ذلك الدفاع الشرس -أحياناً- في تقويض العقوبات الأمريكية ضد طهران.!!
وبعدما انخفض -نسبياً- الدعم الروسي لإيران، لم يعد أمام الأخيرة خيار غير الاحتماء الكامل بالصين، ولذلك نجد إيران قد فردت عضلاتها على المنطقة مؤخراً، في استقواء عسكري ضمني بالصين، قبالة الخطر الأمريكي وموقعه في الخليج العربي.
كلنا نعلم أن إيران ليست من السهولة بمكان أن تقتاد أو تستتبع من قبل الأنظمة العالمية العظمى، إلاَّ بمحض إرادتها، أو في ظروف استثنائية غير متحققة في الوقت الراهن. لذلك، فإنه رغم حاجة الصين لإيران في مجال الطاقة «النفط والغاز» وغيرها، إلاَّ أن الحاجة العكسية أكبر، لاسيما على الصعيد السياسي العام، وتحديداً فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني. حيث تجد إيران من يذود عنها ويشهر السيوف من أجل حمايتها في مرحلةٍ ما.!!
ولكن.. لماذا؟
هنا السؤال؛ ما مصلحة الصين من كل ذلك الدعم الذي تقدمه لإيران؟!! دعونا لا ننسى المصالح الصينية في إيران، والتي أوردناها في المقال السابق وأشرنا إليه أعلاه، وكذلك لا ننسى أن المملكة العربية السعودية «الدولة الخليجية» هي المورد الأول للنفط إلى الصين تليها إيران.
لقد رأت الصين في الدعم العسكري الذي تقدمه لإيران، سبيلاً ناجعاً لجعل إيران واحدة من أهم القوى التي تبارز الولايات المتحدة الأمريكية في هيمنتها على الخليج العربي، وهو ما سيحقق المكاسب الصينية عندما تتوزع كعكة الخليج العربي، وبلا أدنى صدام حقيقي أو مواجهة مباشرة. وأن ما تقوم به الصين بذلك لا يعدو على كونه حرباً على الخليج «بالوكالة».
يضع هذا الخليج العربي في مأزق، ليس لتبديد القوة الأمريكية وفك قبضتها عنه، وإنما لتجديد وقوعه تحت هيمنة استعمارية جديدة تغترف من ثرواته وامتيازاته وتنهبها من جديد. وكلنا نعلم أن إشباع الجائع مكلف بكثير من إطعام الشبعان.
ويبقى السؤال المهم المعلق حتى المقال القادم؛ أتواجه الصين أمريكا؟.
..انتظرونا بعد غد
جعل ذلك من العالم في غفلة نسبية عن مجريات العلاقات الإيرانية مع بعض القوى العظمى المتحالفة معها، فرغم ظهور الموقف الروسي كحليف لإيران من ناحية، وداعم للنظام السوري «المفروض» من ناحية ثانية، توارى عن الملعب السياسي اللاعب الصيني الذي احترف فن التخفي عند الضرورة. لكن ذلك لا يعني أن الصين حليف حديث ظهر على حين غفلة لإيران؛ فالعمق التاريخي للتعاون بينهما أبعد من المقارنة بثورات الربيع العربي.
وكما أشرنا في المقال السابق، فإن الصين كانت بمثابة المؤسس الحقيقي للقوة العسكرية الإيرانية، تمثل ذلك في دعمها وإمدادها بالسلاح خلال حرب الخليج الأولى على العراق (1980 - 1988) من خلال وسيط.!! ألم نقل قبل قليل أن الصين لاعب احترف التخفي؟!
وماذا بعد؟
بالطبع، ما زال الدعم اللوجستي بالسلاح مستمراً حتى يومنا الراهن، ولم يقتصر التعاون الصيني مع طهران على ذلك وحسب، وإنما امتد لتقديم تكنولوجيات الأسلحة والتجهيزات العسكرية، حتى منحتها فرصة تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الصواريخ الباليستية، حسبما خلص إليه تقرير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (F.B.I) الذي قدمته إلى الكونغرس الأمريكي.
ثم ماذا؟
تقوم الصين أيضاً بتقديم دعم تكنولوجي هام لإيران في المجال النووي، فضلاً عن إمدادها وتجهيزها بالأسلحة التقليدية بمستويات متقدمة جداً، نحو الصواريخ والغواصات العسكرية.
هل من مزيد؟
المزيد أعظم.. فالصين تقدم -إلى حد ما- حماية دبلوماسية لإيران، وربما يذكر البعض تهديد الأولى في مرحلة سابقة باستخدام حق «الفيتو» إذا ما اتخد أي قرار ضد إيران من قبل مجلس الأمن الدولي، ناهيك عن جهودها المستميتة لمنع العقوبات. وقد ساهم ذلك الدفاع الشرس -أحياناً- في تقويض العقوبات الأمريكية ضد طهران.!!
وبعدما انخفض -نسبياً- الدعم الروسي لإيران، لم يعد أمام الأخيرة خيار غير الاحتماء الكامل بالصين، ولذلك نجد إيران قد فردت عضلاتها على المنطقة مؤخراً، في استقواء عسكري ضمني بالصين، قبالة الخطر الأمريكي وموقعه في الخليج العربي.
كلنا نعلم أن إيران ليست من السهولة بمكان أن تقتاد أو تستتبع من قبل الأنظمة العالمية العظمى، إلاَّ بمحض إرادتها، أو في ظروف استثنائية غير متحققة في الوقت الراهن. لذلك، فإنه رغم حاجة الصين لإيران في مجال الطاقة «النفط والغاز» وغيرها، إلاَّ أن الحاجة العكسية أكبر، لاسيما على الصعيد السياسي العام، وتحديداً فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني. حيث تجد إيران من يذود عنها ويشهر السيوف من أجل حمايتها في مرحلةٍ ما.!!
ولكن.. لماذا؟
هنا السؤال؛ ما مصلحة الصين من كل ذلك الدعم الذي تقدمه لإيران؟!! دعونا لا ننسى المصالح الصينية في إيران، والتي أوردناها في المقال السابق وأشرنا إليه أعلاه، وكذلك لا ننسى أن المملكة العربية السعودية «الدولة الخليجية» هي المورد الأول للنفط إلى الصين تليها إيران.
لقد رأت الصين في الدعم العسكري الذي تقدمه لإيران، سبيلاً ناجعاً لجعل إيران واحدة من أهم القوى التي تبارز الولايات المتحدة الأمريكية في هيمنتها على الخليج العربي، وهو ما سيحقق المكاسب الصينية عندما تتوزع كعكة الخليج العربي، وبلا أدنى صدام حقيقي أو مواجهة مباشرة. وأن ما تقوم به الصين بذلك لا يعدو على كونه حرباً على الخليج «بالوكالة».
يضع هذا الخليج العربي في مأزق، ليس لتبديد القوة الأمريكية وفك قبضتها عنه، وإنما لتجديد وقوعه تحت هيمنة استعمارية جديدة تغترف من ثرواته وامتيازاته وتنهبها من جديد. وكلنا نعلم أن إشباع الجائع مكلف بكثير من إطعام الشبعان.
ويبقى السؤال المهم المعلق حتى المقال القادم؛ أتواجه الصين أمريكا؟.
..انتظرونا بعد غد