في الورقة المفترض أنها رسمية ونشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي للغرامات «المطورة» في قانون المرور الجديد توصيف المخالفة رقم 11 تقول: السياقة بدون «ليسن» وكأن كلمة «رخصة قيادة» غير مفهومة. وعليه سأستعيض عن كلمة «الدراجة» هنا وسأقول إنه آن الأوان لإطلاق حملة «سيكل» لكل مواطن احتفالاً بمناسبة قانون المرور الجديد!
أبداً لست ضد الالتزام بالقانون، بل أنا من أشد المطالبين بتطبيق القانون دون مواربة أو تهاون، وسأظل دوماً أطالب أي شخص بضرورة القيام بواجباته واحترام القانون والالتزام بالمبادئ والأخلاقيات المجتمعية قبل أن يطالب بحقوقه، فمن يحترم واجباته يجب أن يحترم في منحه حقوقه.
لكن بشأن قانون المرور الجديد، فإن المجتمع البحريني عاش حالة تندر واسعة الأيام الماضية، وبقدر ما تندر الناس بقدر ما أصابهم قلق من هذه الغرامات الكبيرة ومبررات القفز بأرقامها لهذه الدرجة.
نعرف تماماً أن أخلاقياتنا كعرب في الشوارع «مش ولابد»، لدى البعض هي بالفعل «أخلاق شوارع»، رمي المخلفات من السيارة وكأن الشوارع «مكب نفايات» عادة بحرينية متأصلة، تقود سيارتك وإذا بك تفاجئ بورق «كلينكس» يطير من السيارة التي تسير أمامك ليلتصق على زجاجك الأمامي، بل في حالات أخرى «عادي»، «كلش عادي» تأتيك علبة «مياه غازية» طائرة لـ«تشلخ» زجاج سيارتك. لكن الغريب أن مسألة رمي المخلفات من السيارة في الشارع لم توجد ضمن العقوبات في القانون الجديد. لربما سقطت سهواً هي نفسها من السيارة!
طبعاً هذا هو مشروع قانون أكمل النواب مناقشتهم له مؤخراً بعد 5 سنوات من إقرار بعض مواده في جلسة بتاريخ 12 مايو 2009، والآن بصدد الانتهاء منه وتطبيقه بحسب ما تضمنته بنود المخالفات.
من «زود الهم» بالأخص في الجانب المعيشي وترقب «معجزة» لتغيير حاله، أصبح المواطن البحريني «خفيف طينة» يضحك على حاله، أقلها الضحك سيمنع عنه الإصابة بالضغط والجلطات، وبشأن عقوبات القانون الجديد «غرد» كثير من البحرينيين بأسلوب نقدي ساخر، وهذا حقهم في التعبير عن آرائهم دون تعدٍ أو إساءات.
أحدهم كتب: «واحد في السجن يسولف في الزنزانة: أنا يودوني في قضية قتل وسرقة ومخدرات وأنت؟! يرد الثاني: كنت أتكلم مع الوالدة وأنا أسوق!».
آخر كتب: «قانون المرور الجديد بيخفف زحمة البحرين بلاشك، إذا تخالف البحريني مرة وحدة فعلياً ما بيقدر يصب بترول ليما ينزل الراتب مرة ثانية!».
وأخرى كتبت: «حركة كبيرة في سوق مبيعات الدراجات الهوائية في البحرين بعد قانون المرور».
رسام الكاريكاتير المبدع الزميل نواف الملا رسم رجل مرور يخالف سائق سيارة، رجل المرور يقول: «مخالفة الموبايل 500 دينار. والرجل يرد: لو تاخذ راتبي وتبيع تلفوني وفوقهم علاوة الغلاء بالمعايير الجديدة ما وصلت 500 دينار!».
تعالوا يا جماعة، لا يكون الجماعة في المرور «ناقصة» ميزانيتهم بسبب العجز، بالتالي توفير مصدر دخل ثانٍ (غير المقسوم من الميزانية) سيكون بهذه الطريقة؟!
لا تزعلوا من الناس رجاء، إذ بصراحة مضحك أن تكون مخالفة التحدث في الهاتف أثناء القيادة مثل مخالفة القيادة تحت تأثير السكر، إلا إن كانت آخر الدراسات تثبت بأن من يتحدث في الهاتف أثناء السياقة يمر بنفس الحالة الذهنية والعصبية والنفسية لمن هو «سكران طينة!».
أيضاً لا تلوموا الناس حينما يستغربون وجود أرقام للمخالفات تصل لسقف الـ500 دينار، إذ بعض البشر رواتبهم لا تصل لهذا المبلغ، بالتالي تخيلوا لو تمت مخالفته بغرامة أكثر من راتبه؟! تخيلوا لو تمت مخالفته مرتين في الشهر؟! عموماً هذه فرصة مناسبة للبنوك لتطرح قروضاً لدفع غرامات المرور.
شخصياً لست أعترض على الإطلاق على أي شيء تتضمنه مخالفات قانون المرور، أبداً لست أعترض، لأنني شخصياً ألتزم دائماً بالقانون (يا جماعة في المرور الله يحب الستر، بلا فضايح مخالفات السرعة وغيرها)، بالتالي يا جماعة طبقوا المثل القائل والذي سأطوره هنا: «قد سيارتك عدل يحتار فيك صديقك رجل المرور».
لكن سؤالي وهو سؤال الكثيرين هنا بشأن هذا القانون وتطبيق هذه النصوص وفرض دفع هذه الغرامات أو السجن، هل سيكون تطبيقها على الجميع أم ناس وناس؟! هل سيكون التعامل صارماً مع عيال «الفقارة» خفيفاً ليناً هيناً مع عيال «الحمايل؟!» هل سيطبق على السيارات ذات الأرقام «السلطة» بلا غض للنظر في حين السيارات حاملة لوحات الرقمين والثلاثة والأرقام «السيريال» مرفوع عنها القلم؟!
لا نقول إن هذا يحصل!!! لكن فقط نتساءل ونذكر عل الذكرى تنفع المؤمنين، لا تنسوا نحن في البحرين والبحرين صغيرة وما أظن في بحريني ما مرت على أذنه جملة مثل: «ألحين باتصل في فلان أو علان علشان يكنسل لي المخالفة».
كل تمنياتي بالتوفيق والسداد وأن تتحول شوارعنا لمضرب الأمثال في أخلاقيات القيادة والأمان، طبعاً الجماعة نسوا قطاع الطرق وحراقي الإطارات والإرهابيين اللي المفروض تطبق عليهم هذه الغرامات قبل أي أحد آخر، لكن «معليش» لعن الله النسيان.
شكراً على رحابة الصدر ولا تردوها لنا بـ«مخالفة» إهني و«غرامة» هناك، والله العظيم أربط حزام الأمان.