أكثر من حالة وفاة بسبب الشماعة الجديدة، التي أطلقنا عليها مسمى «الإهمال»، وألقينا عليها المسؤولية، لذا أصبح لزاماً أن نعرف ما الإهمال؟ لأنه أصبح منتشراً في أكثر من مؤسسة وكيف وصل بنا الإهمال إلى خسارتنا لملاكين من ملائكة الرحمن في أقل من شهر بسبب «الإهمال»، وخسارتنا أكثر من ضحية مرورية بسبب الإهمال في اختيار الحواجز المعدنية على الجسور قبل عدة شهور.
«الإهمال» هو تصرف بشري يغفل أو يقفز على أو يتغاضى أو ينسى أو لا ينتبه أو لا ينفذ أو لا يلتزم لنظام وإرشادات ما، لأن تلك الإرشادات وضعت كي تمنع قيام تلك الأخطاء المميتة، ولا تترك مساحة للاجتهادات الفردية، أو «لشطارة» الموظف أو «لحسن تدبير» الموظف أو «لنباهته»، أو لمعرفته بما نعتقده نحن أنها مسلمات وبديهيات «مفروض» أن يقوم بها!
ليست هناك بديهيات ومسلمات في مسألة السلامة والأمن، بل هناك «إرشادات» وهناك «تعليمات» مكتوبة وموثقة، وآلية تضمن حصول الجميع عليها، والتدريب عليها في أي موقع كان طبيباً أو سائقاً أو مهندساً أو محاسباً أو معلمة أو أو.. فلكل من هذه المواقع قائمة إرشادات أولاً تمنع حدوث الخطأ بتاتاً، لأن هناك أكثر من جهة ضمانية، والأهم أن تكون هناك محاسبة داخل المؤسسة، وعقوبات تتناسب وحجم الأضرار.
لذا قبل أن نحاسب طبيبة التخدير المتدربة علينا أن نرى تعليمات وإرشادات المستشفى إن كانت ملزمة بوجود استشاري، ونرى إن كانت هناك آلية تلزم الأطباء المتدربين بالحصول على تلك التعليمات، وفهمها واستيعابها، ونرى إن كانت هناك مسؤولية تقع على الاستشاريين وتحددها، ونرى إن كانت هناك حوادث سابقة وما هي الإجراءات التي اتبعت لمن «أهمل»، بعد هذا كله نحاسب الطبيب المتدرب.
فالتحقيق لا يجب أن يقف عند ما حدث في غرفة العمليات، بل يجب أن يبدأ من القمة من مسؤولية وزارة الصحة، ومن ثم مسؤولية إدارة المستشفى وصولاً إلى غرفة العمليات.
كذلك الأمر بالنسبة لحادثة المدرسة، لابد أن يبدأ التحقيق من تحديد مسؤولية وزارة التربية، ومن ثم مسؤولية إدارة المدرسة، وآخر الأمر يصل إلى سائق الباص والمرافقة.
إخلاء المسؤولية لا يتم إلا بعد أن نتأكد بأن الجميع تحملها بجدارة، وكما هو مبين، فإن لم يكن هناك أي دليل إرشادي أو تعليمات مكتوبة وموثقة، ولم يكن هناك ما يثبت حصول من نتهمه «بالإهمال»، على تلك التعليمات فمن السهولة أن تخلى مسؤوليته وتتحملها الجهة الأم.
فهل وزارة التربية لديها نظام خاص لاستخدام الحافلات المدرسية يخص السلامة؟ وهل النظام ملزم للمدارس العامة والخاصة؟ وهل تترتب عليه عقوبات في حال الإخلال به؟
هل لدى الوزارة نظام رقابي يتابع ويتأكد من التزام المؤسسات التعليمية بهذه التعليمات؟
ثم نأتي للمدرسة ونتأكد من التزامها وآخر المطاف نصل إلى سائق الباص والمرافقة.
وكذلك الحال بالنسبة للحواجز الهشة للجسور، وكذلك الحال لجميع المؤسسات التي لها علاقة بالسلامة والأمن، لا يجب أن نبحث عن أقرب كبش فداء لنلقي عليه قميص «الإهمال».. الإهمال لماذا؟ لا بد أن تكون المسؤولية محددة بشكل دقيق وتفصيلية ومثبتة وموقع عليها حتى تلصق به تهمة «الإهمال».
أرجو أن يتحمل الكبار مسؤوليتهم تماماً مثلما يتحملها الصغار وإلا سنتحول كلنا إلى مهملين، وراشد، وفاطمة لن يكونا آخر ضحايانا!!
{{ article.visit_count }}
«الإهمال» هو تصرف بشري يغفل أو يقفز على أو يتغاضى أو ينسى أو لا ينتبه أو لا ينفذ أو لا يلتزم لنظام وإرشادات ما، لأن تلك الإرشادات وضعت كي تمنع قيام تلك الأخطاء المميتة، ولا تترك مساحة للاجتهادات الفردية، أو «لشطارة» الموظف أو «لحسن تدبير» الموظف أو «لنباهته»، أو لمعرفته بما نعتقده نحن أنها مسلمات وبديهيات «مفروض» أن يقوم بها!
ليست هناك بديهيات ومسلمات في مسألة السلامة والأمن، بل هناك «إرشادات» وهناك «تعليمات» مكتوبة وموثقة، وآلية تضمن حصول الجميع عليها، والتدريب عليها في أي موقع كان طبيباً أو سائقاً أو مهندساً أو محاسباً أو معلمة أو أو.. فلكل من هذه المواقع قائمة إرشادات أولاً تمنع حدوث الخطأ بتاتاً، لأن هناك أكثر من جهة ضمانية، والأهم أن تكون هناك محاسبة داخل المؤسسة، وعقوبات تتناسب وحجم الأضرار.
لذا قبل أن نحاسب طبيبة التخدير المتدربة علينا أن نرى تعليمات وإرشادات المستشفى إن كانت ملزمة بوجود استشاري، ونرى إن كانت هناك آلية تلزم الأطباء المتدربين بالحصول على تلك التعليمات، وفهمها واستيعابها، ونرى إن كانت هناك مسؤولية تقع على الاستشاريين وتحددها، ونرى إن كانت هناك حوادث سابقة وما هي الإجراءات التي اتبعت لمن «أهمل»، بعد هذا كله نحاسب الطبيب المتدرب.
فالتحقيق لا يجب أن يقف عند ما حدث في غرفة العمليات، بل يجب أن يبدأ من القمة من مسؤولية وزارة الصحة، ومن ثم مسؤولية إدارة المستشفى وصولاً إلى غرفة العمليات.
كذلك الأمر بالنسبة لحادثة المدرسة، لابد أن يبدأ التحقيق من تحديد مسؤولية وزارة التربية، ومن ثم مسؤولية إدارة المدرسة، وآخر الأمر يصل إلى سائق الباص والمرافقة.
إخلاء المسؤولية لا يتم إلا بعد أن نتأكد بأن الجميع تحملها بجدارة، وكما هو مبين، فإن لم يكن هناك أي دليل إرشادي أو تعليمات مكتوبة وموثقة، ولم يكن هناك ما يثبت حصول من نتهمه «بالإهمال»، على تلك التعليمات فمن السهولة أن تخلى مسؤوليته وتتحملها الجهة الأم.
فهل وزارة التربية لديها نظام خاص لاستخدام الحافلات المدرسية يخص السلامة؟ وهل النظام ملزم للمدارس العامة والخاصة؟ وهل تترتب عليه عقوبات في حال الإخلال به؟
هل لدى الوزارة نظام رقابي يتابع ويتأكد من التزام المؤسسات التعليمية بهذه التعليمات؟
ثم نأتي للمدرسة ونتأكد من التزامها وآخر المطاف نصل إلى سائق الباص والمرافقة.
وكذلك الحال بالنسبة للحواجز الهشة للجسور، وكذلك الحال لجميع المؤسسات التي لها علاقة بالسلامة والأمن، لا يجب أن نبحث عن أقرب كبش فداء لنلقي عليه قميص «الإهمال».. الإهمال لماذا؟ لا بد أن تكون المسؤولية محددة بشكل دقيق وتفصيلية ومثبتة وموقع عليها حتى تلصق به تهمة «الإهمال».
أرجو أن يتحمل الكبار مسؤوليتهم تماماً مثلما يتحملها الصغار وإلا سنتحول كلنا إلى مهملين، وراشد، وفاطمة لن يكونا آخر ضحايانا!!