سننقل لكم نص مما قاله عيسى قاسم في خطبة الجمعة الفائتة، ورأيه حول الحوار؛ حيث تحدث باسم شعب البحرين: «إن لشعب البحرين مساراً واضحاً وغاية واضحة، وأنه لا بد من تغيير، لا بد من إصلاح، وقد عبرت الجمعيات السياسية المعارضة عن سقف الإصلاح الذي ترى ضرورته». أولاً نقول لقاسم تكلم بلسان جمهورك الذي يلبي دعواتك ويقسم بحياتك، أما شعب البحرين فولي أمره الملك حمد بن عيسى وهو من يحق له أن يتكلم عن شعب البحرين، لأن في التاريخ وفي الحاضر والمستقبل الملك هو ولي أمر الشعب قبلوا أم رفضوا، فكيف بمن قبل وهم أغلبية هذا الشعب ومكونه الأصلي التاريخي منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث بدء تاريخ العرب ومنه تقرأ تاريخ الأمم. أما بالنسبة للجزء الآخر من قوله «إنه لا بد من إصلاح، وقد عبرت الجمعيات السياسية المعارضة عن سقف الإصلاح الذي ترى ضرورته»، فإذاً قاسم لا يرى في أغلبية الشعب رأياً إنما يقصد بالشعب هو الجمعيات السياسية وجماهيرها، حيث يعتبر جماهير الفاتح لا شيء وليس لها حق ولا رأي، إنما الرأي رأيه والجمعيات السياسية التي تتبعه، والأهم أن قبول الحوار بالنسبة لقاسم أساسه التغيير والإصلاح الذي عبرت عنه الجمعيات السياسية، هو حكومة منتخبة وتعديل الدوائر الانتخابية، أي أنها مملكة دستورية بحرينية على الطراز البريطاني كما طالب بها علي سلمان، حيث تُسحب صلاحية حكم الملك لصالح «حكومة منتخبة»؛ أي أنه لا فائدة البتة من الحوار مع هذه الشاكلة من البشر التي تريد أن تجلس المرجعية على سدة الحكم في البحرين، وذلك عندما يتحدث مرجعها عن مسألة الحكم في الدولة.
نأتي إلى نص آخر من خطبته يقول فيه «إذا كانت السلطة تريد للأزمة أن تنتهي فعليها أن تستجيب بجدية لقضية الحوار، وأن تتجاوز بقرار شجاع الأصوات من داخلها ومن التابعين لها والتي ترى أن في الحوار إثماً وتحاول بكل جهدها لتعطيل الحل وتشديد الأزمة وحرق الوطن»، هنا نرى كذبة المطالبة بالمشاركة الشعبية في السلطة التي يطالب بها قاسم حين دعا السلطة لعدم الالتفات لرأي أغلبية الشعب التي لا تؤيد الحوار مع الانقلابيين، بل ووصفهم بأنهم يريدون حرق الوطن، في الوقت الذي يحرق هو الوطن ويقتل الناس في الشوارع للضغط على الدولة للقبول بالحوار وتحقيق مطالبه، إنه يطالب بتكميم أفواه الشرفاء والاستجابة للخبثاء المفسدين في الأرض الذين يجلسون على موائد كراجسكي والجلبي ونصرالله وخامنئي، فهم من يريد أن تخضع لهم السلطة وتجلس معهم على طاولة واحدة وتربت على أيديهم الملوثة بدماء رجال الأمن وأبناء البحرين، حيث يسعى هو وجمعياته لتولي السلطة وأن تكون ميلشياتهم جنوداً وضباطاً في المؤسسة الأمنية والعسكرية.
ثم يكشف عن «تقيته» ويعلن عما يجوب في نيته بقوله «على السلطة أن تقبل بأن الشعب أولى منها في اختيار مسار حياته وتحديد مصيره»، إن الدولة تبقى قوية في وجه المجتمع الدولي مهما كانت أخطاؤها، وها هي إيران تجبر الشعب وتقيده وراء مرشد ديني يحدد حتى تاريخ زواج أبنائها، وكلام الدجل لا يقبله أي شخص عاقل حين يقول «الشعب أولى من السلطة في اختيار حياته»، حين يكون الشعب حراً في تقرير حياته ولم تتدخل السلطة يوماً في حياته ولم تجبره على أن يترك ما يؤمن به ولم تجره إلى المسجد أو تمنعه منه، ولم تحدد له عدد الأبناء ولا عدد العقار الذي يمتلكه، فهذه حرية الشعب في اختيار حياته، أما اختيار السلطة لسياستها في بسط أمنها وتثبيت أحقيتها في الحكم واختيار سياستها الخارجية فهو قرار خالص للسلطة كما جرت عليه الأعراف الدولية والقاعدة التي أساسها «كل راعٍ مسؤول عن رعيته»، وهو تكيف إلهي كامل لحاكم الدولة بموجبه يحاسبه الله على عدل كان أو ظلماً.
إنها عقلية من مدت لهم الطاولات ظناً في ذرة خير قد تبدو منهم، لكن مع الأسف هذه العقلية ستبقى، لأنها عقلية لا تختلف عن العقلية الخامنئية التي تبنت مشروع التمدد الصفوي والسيطرة على دول الخليج العربي، وما قاسم وعلي سلمان إلا أهم هذه الأذرع التي يعتمد عليهما في تثبيت الحكم الصفوي في البحرين، فهم خدام مرجعية، كما اعترفوا وأعلنوا، وما دعوتهم للإصلاح والتغيير إلا لتغيير شعب البحرين من شعب كريم إلى شعب لا يعدو عن خادم يحرق ويقتل بأمر هذه المرجعية، إنه الإصلاح الذي ينظر إليه قاسم وسلمان، فكيف إذاً تستوي طاولة الحوار بين عقلية مدمرة وسالبة لأرواح الشعب وبين سلطة تسعى لازدهار الشعب وتقدمه، فهم من ثبت عليهم قول الله تعالى «يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون»، فيا ولاة الأمر الله يكشفهم لكم، فتداركوا البحرين قبل أن تنزع منها راية الحكم الخليفية فيدفع بها إلى عتبة الدائرة الخدمية الخامنئية.