مما نرى ونسمع ونقرأ، يبدو لنا أن سبب المشاكل المجتمعية والخدمية اليوم في البحرين هو المواطن ولا أحد غيره!
نعم المواطن هو «المجرم» وهو «المخطئ» وهو سبب «العجز الاكتواري» وهو سبب «الفساد» وهو سبب «الأزمة الإسكانية» وهو سبب «عدم زيادة الرواتب»، أنت يا مواطن المخطئ ويجب أن تقدم اعتذاراً سريعاً للنواب والمسؤولين الذين «ذبحوا» أنفسهم ليعطوك المزايا والامتيازات وأنت ترفض!
لدينا تقارير لديوان الرقابة المالية والإدارية توثق الفساد وسوء الإدارة، بل وتحدد المسؤولين والقطاعات، لكن رغم ذلك ولا أحد من المسؤولين وتحديداً «كبار المسؤولين» تمت مساءلته أو محاسبته! والله لو أن مواطناً بسيطاً قام باختلاس مبلغ «تافه» في أحد القطاعات لتمت جرجرته في المحاكم وتفنيشه وكانت فضيحته بجلاجل!
لكن أعود وأقول بأن المواطن هو السبب في «الفساد»؛ على سبيل المثال هو الذي يخطط بطريقة غير حصيفة للمشاريع، ويضع الميزانيات الخرافية، وهو الذي يؤخر المشاريع والمخططات ويهدر الأموال العامة هنا وهناك، بل المواطن الذي ينهب ويسرق ولا أحد غير، ومن يقول غير ذلك مخطئ تماماً، فالمسؤولون الذين أشارت تقارير ديوان الرقابة للفساد الإداري والمالي في قطاعاتهم هم أصلاً «ملائكة» منزلون من السماء، ويتوجب على كاتبي التقارير بل ديوان الرقابة نفسه أن يقدموا اعتذاراً لهم.
المواطن هو السبب في سوء تخطيط الشوارع وضعف الحواجز بالتالي كل روح زهقت وكل شخص أصيب جراء الحوادث وسقوط المركبات من على الكوبريات دماؤهم في رقبة المواطن.
بل المواطن هو السبب في تعطيل زيادة الرواتب رغم «قتالية» النواب في هذا الملف (هذه أكبر كذبة ممكن أن تقرؤوها)، فالمواطن بسبب بذخه وفجوره بالمال على سفرات وسيارات فارهة وكماليات هو من لم يمنح النواب ولا الدولة الفرصة لزيادة راتبه، وكيف يزيد راتبه وهو «متنغنغ» في العيش وغير محتاج، لا يا مواطن «الطمع» لا يجوز، حتى علاوة الغلاء يفترض أن توقف لأنها «تدليع» في غير محله للناس «اللي ما عليهم قصيرة».
أكبر جريمة ارتكبها المواطن بحق الوطن هو «العجز الاكتواري»، فالمواطن هو الذي استثمر أموال صندوق التقاعد ولم ينجح في تحقيق عوائد ربحية كبيرة، المواطن هو الذي يريد اليوم زيادة نسبة ما يدفعه من راتبه للتقاعد حتى يضمن راتباً تقاعدياً يعينه على الوصول لقبره بسلام، طبعاً من زود الفلوس! وغلطان المواطن حينما يتجرأ ويطالب بزيادة في الراتب وهو الذي تسبب بتخطيطه غير المدروس بالعجز في ميزانية الدولة، الله يهديك يا مواطن.
حتى النواب قام المواطن بـ «التبلي» عليهم، نسب إليهم شعارات لم تصدر عنهم، اعترف يا مواطن، أنت من قلت على لسان النواب بأنهم يعدون بـ «زيادة الرواتب» و»تحسين المعيشة»، أنت من قلت على لسانهم بأنهم «سيحاربون الفساد» وأنت من قلت على لسان أحد المرشحين «سأنقل المطار من المحرق للصخير»! اعتذر يا مواطن للنواب تراك «أذيتهم»!
حتى الإسكان، المواطن هو سبب قوائم الانتظار الطويلة بسبب «فلسفته» الزائدة، يعني ليش «التشرط» بأن الوحدة السكنية يجب أن تكون ذات خمس غرف نوم ومساحتها على مرمى النظر وتطل على البحر (هذا إن حصلتوا بحر أصلاً)؟! الوحدات موجودة، صحيح أن بعضها مساحته ليست تتلاقى مع «طموح المواطن» وأن توزيعها يتأخر، وأن اشتراطات الحصول على الخدمات الإسكانية وقفت حاجزاً لتمنع استفادة كثير من المواطنين وحتى تعديلاتها مازالت تستثني العديد منهم، إلا أن السبب أنت يا مواطن، لا تريد بيوتاً ذكية ولا في منطقة غير منطقة سكنك ونشأتك، وبعدها تلوم الإسكان؟! ما عندك سالفة!
هل تريد يا مواطن أن نواصل؟! ففي الجعبة الكثير مما يدينك ويثبت أن المواطن هو سبب المشاكل في هذا البلد، وهو العائق أمام التطوير وحل المعضلات.
الآن لنعد للواقع بعد هذه الخيالات والفنتازيا.
والله شر البلية ما يضحك، ومن زيادة هم الناس باتوا لا يعرفون أكانت المشكلة فيهم أم في النواب الذين باعوهم «الهواء» أم في قطاعات بالدولة لا تعمل بوتيرة متسارعة لحل مشاكلهم وكأن لا مشاكل هناك من الأساس.
لا يعقل يا جماعة الخير أن كل خطأ وأي فشل في تنفيذ مشاريع أو تحقيق وعود أن يكون المواطن هو الضحية؟! لا يصح أن يكون المواطن هو من «ياكلها» في الأخير كما نقول باللهجة الدارجة، حتى الواحد بالمئة المقتطع من راتبه لصندوق التعطل جاء وكأنه عقاب على المواطن يجب عليه دفعه حتى تصرف رواتب للعاطلين وكأنها ليست مسؤولية ملقاة عاتقها على الدولة، وكأن الحل الذي ستقوم به الدولة لا يتم إلا حين يقتطع من راتب الناس بدون رضاهم.
حتى أموال الدعم الخليجي لم يطل جزء ولو صغير منها تحسين وضع المواطن ورفع راتبه، يبدو أن المواطن هو السبب أيضاً!
غريب وعجيب أن المواطن تحول إلى كلمة إنشائية يستخدمها عديد من المسؤولين في وصف جهودهم وعملهم بأنه -أي المواطن- هو محور كل العمليات، بينما المواطن لا يرى لا محوراً ولا عمليات يمكن أن يقيسها بتحسين نوعي أو «رقمي» في وضعه.
اهتموا بهذا المواطن الذي حينما أحس بأن بلده في خطر تداعى لها مقدماً تراب البحرين على أي شيء آخر، هذا المواطن هو ذخر وسند وعزوة هذا البلد، والله يستحق الكثير، يستحق أن توجه كل الجهود وحتى الميزانيات لتحسين وضعه، لا أن يصحو كل يوم على خيبة أمل لأن هناك نواباً نكثوا عهودهم أو لأن هناك مسؤولين أنساهم المنصب السبب الرئيس لوجودهم فيه.
{{ article.visit_count }}
نعم المواطن هو «المجرم» وهو «المخطئ» وهو سبب «العجز الاكتواري» وهو سبب «الفساد» وهو سبب «الأزمة الإسكانية» وهو سبب «عدم زيادة الرواتب»، أنت يا مواطن المخطئ ويجب أن تقدم اعتذاراً سريعاً للنواب والمسؤولين الذين «ذبحوا» أنفسهم ليعطوك المزايا والامتيازات وأنت ترفض!
لدينا تقارير لديوان الرقابة المالية والإدارية توثق الفساد وسوء الإدارة، بل وتحدد المسؤولين والقطاعات، لكن رغم ذلك ولا أحد من المسؤولين وتحديداً «كبار المسؤولين» تمت مساءلته أو محاسبته! والله لو أن مواطناً بسيطاً قام باختلاس مبلغ «تافه» في أحد القطاعات لتمت جرجرته في المحاكم وتفنيشه وكانت فضيحته بجلاجل!
لكن أعود وأقول بأن المواطن هو السبب في «الفساد»؛ على سبيل المثال هو الذي يخطط بطريقة غير حصيفة للمشاريع، ويضع الميزانيات الخرافية، وهو الذي يؤخر المشاريع والمخططات ويهدر الأموال العامة هنا وهناك، بل المواطن الذي ينهب ويسرق ولا أحد غير، ومن يقول غير ذلك مخطئ تماماً، فالمسؤولون الذين أشارت تقارير ديوان الرقابة للفساد الإداري والمالي في قطاعاتهم هم أصلاً «ملائكة» منزلون من السماء، ويتوجب على كاتبي التقارير بل ديوان الرقابة نفسه أن يقدموا اعتذاراً لهم.
المواطن هو السبب في سوء تخطيط الشوارع وضعف الحواجز بالتالي كل روح زهقت وكل شخص أصيب جراء الحوادث وسقوط المركبات من على الكوبريات دماؤهم في رقبة المواطن.
بل المواطن هو السبب في تعطيل زيادة الرواتب رغم «قتالية» النواب في هذا الملف (هذه أكبر كذبة ممكن أن تقرؤوها)، فالمواطن بسبب بذخه وفجوره بالمال على سفرات وسيارات فارهة وكماليات هو من لم يمنح النواب ولا الدولة الفرصة لزيادة راتبه، وكيف يزيد راتبه وهو «متنغنغ» في العيش وغير محتاج، لا يا مواطن «الطمع» لا يجوز، حتى علاوة الغلاء يفترض أن توقف لأنها «تدليع» في غير محله للناس «اللي ما عليهم قصيرة».
أكبر جريمة ارتكبها المواطن بحق الوطن هو «العجز الاكتواري»، فالمواطن هو الذي استثمر أموال صندوق التقاعد ولم ينجح في تحقيق عوائد ربحية كبيرة، المواطن هو الذي يريد اليوم زيادة نسبة ما يدفعه من راتبه للتقاعد حتى يضمن راتباً تقاعدياً يعينه على الوصول لقبره بسلام، طبعاً من زود الفلوس! وغلطان المواطن حينما يتجرأ ويطالب بزيادة في الراتب وهو الذي تسبب بتخطيطه غير المدروس بالعجز في ميزانية الدولة، الله يهديك يا مواطن.
حتى النواب قام المواطن بـ «التبلي» عليهم، نسب إليهم شعارات لم تصدر عنهم، اعترف يا مواطن، أنت من قلت على لسان النواب بأنهم يعدون بـ «زيادة الرواتب» و»تحسين المعيشة»، أنت من قلت على لسانهم بأنهم «سيحاربون الفساد» وأنت من قلت على لسان أحد المرشحين «سأنقل المطار من المحرق للصخير»! اعتذر يا مواطن للنواب تراك «أذيتهم»!
حتى الإسكان، المواطن هو سبب قوائم الانتظار الطويلة بسبب «فلسفته» الزائدة، يعني ليش «التشرط» بأن الوحدة السكنية يجب أن تكون ذات خمس غرف نوم ومساحتها على مرمى النظر وتطل على البحر (هذا إن حصلتوا بحر أصلاً)؟! الوحدات موجودة، صحيح أن بعضها مساحته ليست تتلاقى مع «طموح المواطن» وأن توزيعها يتأخر، وأن اشتراطات الحصول على الخدمات الإسكانية وقفت حاجزاً لتمنع استفادة كثير من المواطنين وحتى تعديلاتها مازالت تستثني العديد منهم، إلا أن السبب أنت يا مواطن، لا تريد بيوتاً ذكية ولا في منطقة غير منطقة سكنك ونشأتك، وبعدها تلوم الإسكان؟! ما عندك سالفة!
هل تريد يا مواطن أن نواصل؟! ففي الجعبة الكثير مما يدينك ويثبت أن المواطن هو سبب المشاكل في هذا البلد، وهو العائق أمام التطوير وحل المعضلات.
الآن لنعد للواقع بعد هذه الخيالات والفنتازيا.
والله شر البلية ما يضحك، ومن زيادة هم الناس باتوا لا يعرفون أكانت المشكلة فيهم أم في النواب الذين باعوهم «الهواء» أم في قطاعات بالدولة لا تعمل بوتيرة متسارعة لحل مشاكلهم وكأن لا مشاكل هناك من الأساس.
لا يعقل يا جماعة الخير أن كل خطأ وأي فشل في تنفيذ مشاريع أو تحقيق وعود أن يكون المواطن هو الضحية؟! لا يصح أن يكون المواطن هو من «ياكلها» في الأخير كما نقول باللهجة الدارجة، حتى الواحد بالمئة المقتطع من راتبه لصندوق التعطل جاء وكأنه عقاب على المواطن يجب عليه دفعه حتى تصرف رواتب للعاطلين وكأنها ليست مسؤولية ملقاة عاتقها على الدولة، وكأن الحل الذي ستقوم به الدولة لا يتم إلا حين يقتطع من راتب الناس بدون رضاهم.
حتى أموال الدعم الخليجي لم يطل جزء ولو صغير منها تحسين وضع المواطن ورفع راتبه، يبدو أن المواطن هو السبب أيضاً!
غريب وعجيب أن المواطن تحول إلى كلمة إنشائية يستخدمها عديد من المسؤولين في وصف جهودهم وعملهم بأنه -أي المواطن- هو محور كل العمليات، بينما المواطن لا يرى لا محوراً ولا عمليات يمكن أن يقيسها بتحسين نوعي أو «رقمي» في وضعه.
اهتموا بهذا المواطن الذي حينما أحس بأن بلده في خطر تداعى لها مقدماً تراب البحرين على أي شيء آخر، هذا المواطن هو ذخر وسند وعزوة هذا البلد، والله يستحق الكثير، يستحق أن توجه كل الجهود وحتى الميزانيات لتحسين وضعه، لا أن يصحو كل يوم على خيبة أمل لأن هناك نواباً نكثوا عهودهم أو لأن هناك مسؤولين أنساهم المنصب السبب الرئيس لوجودهم فيه.