اعتـــادت دول مجلــس التعــاون علــى أن تكون واشنطن محوراً أساساً في تفاعلات النظام الإقليمي الخليجي، لنتحدث عن مرحلة ما بعد تأسيس الدول الخليجية الحديثة بشكلها اليوم.
ففي السبعينات اعتادت دول الخليج العربيــة علــى «مبـدأ نيسكون» عندمــا طرح فكرة العمودين المتساندين «السعودية وإيران» من أجل حماية أمن الخليج. لاحقاً تغيرت المعطيات وصارت إيران خارج إطار العمود الأمريكي المعتمد بقيام الثورة الخمينية في طهران فبراير 1979.
قيام الثورة الخمينية ساهم في تعزيز مصالح الدول الخليجية مع واشنطن وخاصة من الناحية التجارية، وجاء غزو العراق للكويت والدور الأمريكي في تحرير الكويت ليكون مرحلة جديدة من التحول في العلاقات أسفرت عن توقيع اتفاقيات عسكرية وأمنية بين واشنطن ودول مجلس التعاون بشكل أحادي وليس جماعياً.
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ظل الوضع قائماً إلى أن حاولت واشنطن توريط دول مجلس التعاون الخليجي في مأزق غزو العراق في العام 2003، ولكن التحفظ الخليجي ورفض المشاركة المباشرة، كان مؤشراً أولياً على عدم الارتياح الخليجي من الدور الأمريكي في المنطقة، خاصة وأن نهاية الغزو أسفرت عن صراع طائفي دموي أكمل عقداً من الزمن قبل شهور، والأهم أنه ساهم في صعود جماعات راديكالية تؤمن بفكر ولاية الفقيه المتطرف إلى سدة الحكم في بغداد ليظهر محور إقليمي جديد، وهو محور طهران ـ بغداد طبعاً بجهود أمريكية.
المفاجأة الأكبر كانت لاحقاً عندما فوجئت دول مجلس التعاون بالموقف الأمريكي تزامناً مع اندلاع ثورات الربيع العربي في ديسمبر 2010، وحجم التعاطــــف والضغوط التي مارستهــــــا الإدارة الأمريكية دعماً لتغيير الأنظمة الخليجية الحاكمة التي دائماً ما كانت تعتبر أنظمة حليفة وصديقة. كان المثال الأوضح في المنامة التي وقفت واشنطن مع الجماعات الراديكالية التي طالبت بإسقاط النظام الملكي الدستوري الحاكم، وإقامة الجمهورية الإسلامية على غرار النظام الثيوقراطي الإيراني، ووصلت ذروة هذه الضغوط إلى فرض الكونغرس حظراً على بيع السلاح لحكومة البحرين.
في هذه المرحلة، وهي المرحلة التي قد تكون انتهت قبل عدة أيام انتهت حالة الثقة بين واشنطن والعواصم الخليجية، وانتهى التحالف الإستراتيجي من غير عودة، وحتى إن عادت الثقة، فإن تراجع شعبية الولايات المتحدة يزداد كثيراً على المستوى الشعبي وخاصة مؤسسات المجتمع المدني التي تعتقــد أن لواشنطن دوراً كبيراً في محاولات التغيير السياسي في المنطقة، وبالتالي من الصعب جداً إعادة الثقة لدى الرأي العام الخليجي بأهمية واشنطن ودورها كحليف في المنطقة، خاصة وأنه لا توجد قناعة لدى دوائر صنع القرار الأمريكية بضرورة السعي لإعادة الثقة للرأي العام في المنطقة.
هذه المقدمة التاريخية الموجزة تلخص مسار العلاقات الخليجية ـ الأمريكية، وهي مهمة إذا كنا نبحث عن إجابة لما سيكون عليه الخليج من دون الأمريكان كسيناريو يقوم على تراجع قبول دول مجلس التعاون الخليجي للنفوذ الأمريكي. سنحاول تقديم مجموعة من الأطروحات حول هذا السيناريو خلال الأيام المقبلة.
{{ article.visit_count }}
ففي السبعينات اعتادت دول الخليج العربيــة علــى «مبـدأ نيسكون» عندمــا طرح فكرة العمودين المتساندين «السعودية وإيران» من أجل حماية أمن الخليج. لاحقاً تغيرت المعطيات وصارت إيران خارج إطار العمود الأمريكي المعتمد بقيام الثورة الخمينية في طهران فبراير 1979.
قيام الثورة الخمينية ساهم في تعزيز مصالح الدول الخليجية مع واشنطن وخاصة من الناحية التجارية، وجاء غزو العراق للكويت والدور الأمريكي في تحرير الكويت ليكون مرحلة جديدة من التحول في العلاقات أسفرت عن توقيع اتفاقيات عسكرية وأمنية بين واشنطن ودول مجلس التعاون بشكل أحادي وليس جماعياً.
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ظل الوضع قائماً إلى أن حاولت واشنطن توريط دول مجلس التعاون الخليجي في مأزق غزو العراق في العام 2003، ولكن التحفظ الخليجي ورفض المشاركة المباشرة، كان مؤشراً أولياً على عدم الارتياح الخليجي من الدور الأمريكي في المنطقة، خاصة وأن نهاية الغزو أسفرت عن صراع طائفي دموي أكمل عقداً من الزمن قبل شهور، والأهم أنه ساهم في صعود جماعات راديكالية تؤمن بفكر ولاية الفقيه المتطرف إلى سدة الحكم في بغداد ليظهر محور إقليمي جديد، وهو محور طهران ـ بغداد طبعاً بجهود أمريكية.
المفاجأة الأكبر كانت لاحقاً عندما فوجئت دول مجلس التعاون بالموقف الأمريكي تزامناً مع اندلاع ثورات الربيع العربي في ديسمبر 2010، وحجم التعاطــــف والضغوط التي مارستهــــــا الإدارة الأمريكية دعماً لتغيير الأنظمة الخليجية الحاكمة التي دائماً ما كانت تعتبر أنظمة حليفة وصديقة. كان المثال الأوضح في المنامة التي وقفت واشنطن مع الجماعات الراديكالية التي طالبت بإسقاط النظام الملكي الدستوري الحاكم، وإقامة الجمهورية الإسلامية على غرار النظام الثيوقراطي الإيراني، ووصلت ذروة هذه الضغوط إلى فرض الكونغرس حظراً على بيع السلاح لحكومة البحرين.
في هذه المرحلة، وهي المرحلة التي قد تكون انتهت قبل عدة أيام انتهت حالة الثقة بين واشنطن والعواصم الخليجية، وانتهى التحالف الإستراتيجي من غير عودة، وحتى إن عادت الثقة، فإن تراجع شعبية الولايات المتحدة يزداد كثيراً على المستوى الشعبي وخاصة مؤسسات المجتمع المدني التي تعتقــد أن لواشنطن دوراً كبيراً في محاولات التغيير السياسي في المنطقة، وبالتالي من الصعب جداً إعادة الثقة لدى الرأي العام الخليجي بأهمية واشنطن ودورها كحليف في المنطقة، خاصة وأنه لا توجد قناعة لدى دوائر صنع القرار الأمريكية بضرورة السعي لإعادة الثقة للرأي العام في المنطقة.
هذه المقدمة التاريخية الموجزة تلخص مسار العلاقات الخليجية ـ الأمريكية، وهي مهمة إذا كنا نبحث عن إجابة لما سيكون عليه الخليج من دون الأمريكان كسيناريو يقوم على تراجع قبول دول مجلس التعاون الخليجي للنفوذ الأمريكي. سنحاول تقديم مجموعة من الأطروحات حول هذا السيناريو خلال الأيام المقبلة.