نعرف أن نعم الله لا تعد ولا تحصى، هي متوفرة كتوفر الهواء، والماء، والأشجار، والأنهار، والأمطار، ومن أهم النعم التي نراها ملموسة ومحسوسة، هي نعمة الصحة، نعمة اللقمة، نعمة الأمان الذي نشعر به ونحن في بيوتنا، نعمة وجود الوالدين والإخوة حولنا، نعمة وجود الأهل والجيران معنا، في الفترة التي نعيش، نعمة الفرح الطفولي ونحن نشرب الشاي مع الأصدقاء، فعلاً إنها نعم كثيرة لا تعد ولا تحصى. من هنا كان الامتنان والشكر والحمد لله، أحد الوسائل التي تزيد في رقعة هذه النعم، الشكر والامتنان يساهمان في توسيع المساحة ـ وهي واسعة جداً، بل الأكثر من هذا أنها تتوسع كما هي طبيعة الكون في التوسع.عندما تشكر ربك وتحمده على ما لديك من نعم فإن عملية الشكر هذه، كأنما هي زر تضغط عليه، لتحرك الأشياء من حولك، نعم تحرك الأشياء المادية، فأنت تضغط على ما يمكن أن يحرك كل ما حولك، وتعطيه الأمر، بالضبط كما تفعل مع الكمبيوتر، ليذهب إلى الجهة التي تريد.الحمد والشكر من أقوى العمليات الشعورية التي تستطيع أن تعمل على توجيه الذبذبات الكونية إلى الجهة التي تريد، فما إن تقول «الحمد لله» إلا وترى الكواكب والنجوم وأكبر المجرات وأصغر الجزيئات تردد معك في نفس الوقت «الحمد لله». الكون في لحظة تحميدك يتحول إلى سيمفونية لا تتوقف عن التسبيح للخالق، وما عليك إلا أن تفتح قلبك، ليعزف فيها ومعها.ولقد قرأت منذ فترة مقالة لرئيس تحرير في إحدى الجرائد، يقول فيها: «ذات يوم طلبت إحدى المعلمات من تلاميذ الفصل الذي تدرس له، وهو الصف الأول، أن يرسموا صورة لشيء يشعرون نحوه بالامتنان والشكر، وفكرت في كيف أن هؤلاء الأطفال الصغار الذين هم من المنطقة المجاورة الفقيرة سيشعرون بالامتنان نحو شيء ما.. ولكنها كانت تعرف أن معظمهم سوف يرسمون صوراً للديوك الرومي أو لمنضدة مليئة بالطعام ولفت نظر المعلمة تلك الصورة التي رسمها دوجـــــــــلاس وســـــــــــلمها إياهـــا وهــــي، يــد مرسومة بيــد طفولية بســـــــــيطة. ولكــــــن.. يــد من هذه؟! وانشـــــــــغل طــــلاب الفصل بهـــذه الصورة المجــــردة. قال أحدهم: «أعتقد أن هذه يد الله التــــــي تعطينا الطعام»، وقال طفل آخر: «يد أحد الفلاحين لأنه هو الذي يربي الديوك الرومي». وأخيراً عندما كان بقية الطلاب منهمكين في عملهم، انحنت المعلمة لتسأل دوجلاس عن حقيقة هذه اليد. فقال لها: «إنها يدك يا معلمتي».إذا أصابك أي عسر في حياتك اليومية لا تقنط ولا يصيبك الهم، إذا تعثرت حركة حياتك عن طبيعتها وشعرت بضآلة ما يصل إليك من الرزق، لا تتذمر وتشعر بالغبن، فإن كل شيء مؤقت وزائل.فكل ما تمر به من ارتباكات ما هو إلا امتحان لنجاحك الحياتي القادم. السؤال الآن هو: كم واحد منا تذكر يد المعلم الذي عمل على فتح بدايات الطريق للتعرف على الكتابة والحياة؟ كم واحد منا يحترم المعلم إن رآه في الطريق أو يسأل عنه إن كان موجوداً، ويترحم عليه إن غادر هذا العالم إلى بيته الأول؟نعمة الكتابة والقراءة والفهم أوصلها لنا المعلمون في كل مراحلنا الدراسية، لهم الشكر على ما أعطوه، ليس في يوم فقط، إنما لهم الشكر في كل يوم من أيامنا التي نعيشها.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90