بعد 10 سنوات عجاف على سقوط بغداد لم يتمكن العرب من نحت تسمية لتلك المأساة التاريخية كما فعلوا مع النكبة والنكسة، إنه زمن الاضطراب العربي في كل شيء حتى في التعبير عن المأساة، سقط العراق وكأن كارثة لم تحدث، وكأن قطراً عربياً عظيماً لم يخرج من المنظومة العربية!!
كشف احتلال العراق عن ظواهر خطيرة كانت كامنة فينا، واليوم تواجه حقيقتها القاسية كل دولة حسب ظروفها. القانون الذي ابتكره الغرب لتدمير الدول العربية بدءاً بالعراق العظيم هو ثالوث التفتيت «الطائفية، التشطير، التدخل الأجنبي»، والمسوغ الجاهز دائماً هو تأسيس الديمقراطية «المفقودة».
كان العراقيون، كغيرهم من العرب، يدركون أنهم مذاهب شتى وأعراق عديدة، وكانوا يظنون أن انتماءهم الوطني والقومي سيعلو فوق تفاصيل الهوية. واليوم بعد أن تعهدت أمريكا الدمى الحاكمة باسم الديمقراطية، وبعد أن نخرت إيران في الجسد العراقي وانسحب العرب من المشهد تماماً، فإن العراق جاهز للتقسيم، فهاهم الأكراد بعَلَمهم وبرلمانهم ينتظرون ساعة صفر تزفها إليهم أعاصير «الخريف العربي» ليعلنوا الاستقلال، وها هو الجنوب يبطن استقلالاً ما عن العراق وتابعيه غامضة لإيران، وها هم السنة قد خرجوا عن صمتهم وصبرهم وأعلنوا أن وحدة العراق ليست ضريبة دمهم وحدهم.
لقد نجح ثالوث التفتيت في العراق نجاحاً فائقاً، واليوم يطوف الثالوث بظله مهدداً باقي البلدان العربية، وأولها سوريا، فلا جدال في أن النظام السوري من أسوأ الأنظمة العربية وأحوجها للزوال، لكن إسقاط نظام بشار الأسد أصبح مثل إسقاط نظام صدام حسين، إسقاطاً للدولة وللهوية الموحدة. وعملاء الخارج جاهزون لتقديم الديمقراطية المعلبة على مقاسات «الناتو» وإسرائيل، ويمكن التفاوض مع إيران لتوسيع المقاسات، ولكن السوريين، وحدهم، سيجنون حرائق مصيرهم، ولا علاقة للعرب بما ستؤول إليه الأمور!!
مشاريع تقسيم سوريا التي تتداول عديدة، منها دولة علوية درزية على الساحل، وأخرى كردية ستلتحم مع كردستان العراق، وثالثة سنية ستلتحم مع الإقليم السني الذي يطالب بعض السنة بإعطائه حكماً إدارياً مستقلاً، إنه زمن «الإمارات الطائفية». إن حالة التفرد في الحكم وتغييب المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار السياسي أعاقت بناء الهوية الوطنية وخلقت مجتمعات مفتتة في أعماقها يسهل اختراقها من قبل أي عدو، ويسهل تصميم مؤامرة بسيطة لتحويل التفتت الكامن إلى تشطير جغرافي.
العبرة من المأساة العراقية والسورية ليست في المؤامرة، بل فيمن وطّأ الأرض للمؤامرة ولاختراق الأعداء، وليس ثمة دولة عربية مستثناة من خطر ثالوث التفتيت فجميع الدول العربية، بما فيها دول «الربيع العربي»، تعاني مشاكل الديمقراطية ذاتها، وترهن قرارها بالخارج، وتضبط سياساتها على إيقاع التوازنات الإقليمية التي تتبدل حسب مصالح الدول الفاعلة، ونبقى نحن ننتظر مصيرنا.
تطرح المأساة العراقية أسئلة قاسية علينا، فما هي طبيعة التشطير الكامن في مجتمعاتنا؟ وكيف يتم اختراقنا؟ ولماذا يجرب الغرب مشاريعه فينا بهذه الصورة الفجة؟ وكيف نحصن مجتمعاتنا؟ وإن لم نواجه أسئلتنا بشجاعة، ونبحث لها عن حلول حقيقية، فسنظل نجني المآسي حتى نستيقظ من غفلتنا.
كشف احتلال العراق عن ظواهر خطيرة كانت كامنة فينا، واليوم تواجه حقيقتها القاسية كل دولة حسب ظروفها. القانون الذي ابتكره الغرب لتدمير الدول العربية بدءاً بالعراق العظيم هو ثالوث التفتيت «الطائفية، التشطير، التدخل الأجنبي»، والمسوغ الجاهز دائماً هو تأسيس الديمقراطية «المفقودة».
كان العراقيون، كغيرهم من العرب، يدركون أنهم مذاهب شتى وأعراق عديدة، وكانوا يظنون أن انتماءهم الوطني والقومي سيعلو فوق تفاصيل الهوية. واليوم بعد أن تعهدت أمريكا الدمى الحاكمة باسم الديمقراطية، وبعد أن نخرت إيران في الجسد العراقي وانسحب العرب من المشهد تماماً، فإن العراق جاهز للتقسيم، فهاهم الأكراد بعَلَمهم وبرلمانهم ينتظرون ساعة صفر تزفها إليهم أعاصير «الخريف العربي» ليعلنوا الاستقلال، وها هو الجنوب يبطن استقلالاً ما عن العراق وتابعيه غامضة لإيران، وها هم السنة قد خرجوا عن صمتهم وصبرهم وأعلنوا أن وحدة العراق ليست ضريبة دمهم وحدهم.
لقد نجح ثالوث التفتيت في العراق نجاحاً فائقاً، واليوم يطوف الثالوث بظله مهدداً باقي البلدان العربية، وأولها سوريا، فلا جدال في أن النظام السوري من أسوأ الأنظمة العربية وأحوجها للزوال، لكن إسقاط نظام بشار الأسد أصبح مثل إسقاط نظام صدام حسين، إسقاطاً للدولة وللهوية الموحدة. وعملاء الخارج جاهزون لتقديم الديمقراطية المعلبة على مقاسات «الناتو» وإسرائيل، ويمكن التفاوض مع إيران لتوسيع المقاسات، ولكن السوريين، وحدهم، سيجنون حرائق مصيرهم، ولا علاقة للعرب بما ستؤول إليه الأمور!!
مشاريع تقسيم سوريا التي تتداول عديدة، منها دولة علوية درزية على الساحل، وأخرى كردية ستلتحم مع كردستان العراق، وثالثة سنية ستلتحم مع الإقليم السني الذي يطالب بعض السنة بإعطائه حكماً إدارياً مستقلاً، إنه زمن «الإمارات الطائفية». إن حالة التفرد في الحكم وتغييب المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار السياسي أعاقت بناء الهوية الوطنية وخلقت مجتمعات مفتتة في أعماقها يسهل اختراقها من قبل أي عدو، ويسهل تصميم مؤامرة بسيطة لتحويل التفتت الكامن إلى تشطير جغرافي.
العبرة من المأساة العراقية والسورية ليست في المؤامرة، بل فيمن وطّأ الأرض للمؤامرة ولاختراق الأعداء، وليس ثمة دولة عربية مستثناة من خطر ثالوث التفتيت فجميع الدول العربية، بما فيها دول «الربيع العربي»، تعاني مشاكل الديمقراطية ذاتها، وترهن قرارها بالخارج، وتضبط سياساتها على إيقاع التوازنات الإقليمية التي تتبدل حسب مصالح الدول الفاعلة، ونبقى نحن ننتظر مصيرنا.
تطرح المأساة العراقية أسئلة قاسية علينا، فما هي طبيعة التشطير الكامن في مجتمعاتنا؟ وكيف يتم اختراقنا؟ ولماذا يجرب الغرب مشاريعه فينا بهذه الصورة الفجة؟ وكيف نحصن مجتمعاتنا؟ وإن لم نواجه أسئلتنا بشجاعة، ونبحث لها عن حلول حقيقية، فسنظل نجني المآسي حتى نستيقظ من غفلتنا.