قبل أن ينهي أي سياسي من أي دولة في العالم كلامه عن إيران، يسارع من يهمه أمر هذه الدولة إلى تداوله وإبرازه ونشر الخبر بفرح غامر، والقول إن إيران بريئة من أية اتهامات وجهت لها بأنها تورطت في أحداث 2011، ولولا الخشية من التأويلات لبادر البعض إلى توزيع الحلويات على سائقي السيارات في الشوارع وهو يرقص منتشياً! ذلك أن قولاً مثل هذا القول يستحق ردة فعل كهذه وأكثر!
منذ أن أشار بسيوني في تقريره الشهير إلى أنه لم يثبت تورط إيران في أحداث البحرين لم يتوقف البعض عن ترديد هذا القول وكأن مشكلة البحرين منحصرة فقط في تبرئة إيران، أو كأن هذه الشهادة أو غيرها تعني أن إيران بريئة من أحداث البحرين براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
المدقق في تصريحات بسيوني وبعده آخرين وصولاً إلى وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمملكة المتحدة أليستر بيرت وما جاء على لسانه قبل أيام يتبين له ببساطة أنهم إنما يقولون إن ما توفر لهم من معلومات لا يمكن الاستناد عليها بشكل قاطع للقول إن إيران متورطة في أحداث البحرين، وهذا يعني أن معلومات أخرى لو توفرت يمكن أن تدفع هؤلاء إلى الابتعاد قليلاً عن الدبلوماسية والقول إن إيران متورطة بالفعل.
لكن هل تورط إيران في أحداث البحرين يحتاج إلى شهادات فلان أو علان؟ أليست الأمور واضحة وضوح الشمس وتفضحها؟ ألا يكفي الدعم الإعلامي غير المحدود عبر مجموعة قنواتها وعلى رأسها فضائية العالم «السوسة» والفضائيات اللبنانية والعراقية وغيرها من القنوات المحسوبة عليها والتي تتناول البحرين يومياً بالسوء؟
ألا تكفي التصريحات الاستفزازية التي يتشدق بها المسؤولون الإيرانيون بين الفينة والأخرى والتي لا يمكن لأي فطين إلا أن يعتبرها تدخلاً في شؤون البحرين؟
ثم هل موضوع تبرئة إيران من تورطها في أحداث البحرين يحسمه هذا أو ذاك من السياسيين الأجانب الذين يراعون في تصريحاتهم الكثير من الأمور، عدا أنهم قد يغيرونها بعد حين ويصرحون بنقيضها؟
ليس بيرت هو من يمكنه تبرئة إيران وليس بسيوني ولا غيرهما، والسبب هو أن كل الأمور باتت مكشوفة، ولولا أن البحرين تمتلك الأدلة على تورط إيران في تلك الأحداث لما سارعت بتوجيه الاتهام إليها، ذلك أن إيران جارة وتربطها بالبحرين وبدول مجلس التعاون علاقات تاريخية ومصالح لا يمكن المغامرة بها لمجرد القول إن إيران متورطة في أحداث 2011 حيث العلاقات بين الدول لا يفرط فيها إلا إن توفرت أدلة دامغة ومعلومات يقينية ووثائق تثبت مثل هذا الادعاء.
أبداً ليس صحيحاً القول إن البحرين فعلت ما فعلت وقالت ما قالت لتهرب من مشكلاتها الداخلية وإنها لم تجد أمامها سوى أن ترمي باللائمة على إيران واتهامها بأنها وراء ما جرى في فبراير 2011 خصوصاً وأن مخارج كثيرة كانت ولاتزال متاحة للخروج من المشكلة.
توجيه الاتهامات لإيران لم يكن عبثاً ولم يكن من غير دليل، وشهادة سين أو صاد من السياسيين والدبلوماسيين الأجانب لا تعني أن إيران بريئة بالفعل وأنها لم تتورط في الأحداث، لأن تدخل إيران ودورها واضح من قبل ومن بعد ولا يمكن تغطيته بغربال، ولأن السياسيين والدبلوماسيين يتحدثون دائماً بطريقة تخدم دولهم وتتيح لهم مجالاً للتراجع عما قالوه وتبريره، لذلك لن يكون مستغرباً تراجع بيرت بعد قليل عن قوله بعدم وجود ما يثبت تورط إيران في أحداث البحرين والتبرير لتصريحيه المتناقضين.
في كل الأحوال يظل السؤال عن أسباب فرحة البعض مع كل تصريح يقول إنه «لا يوجد دليل على تورط إيران في أحداث البحرين» قائماً. صحيح، لماذا يفرحون بذلك؟