دائماً ما يتشدق العرب بتاريخهم القديم، دائماً ما يقولون كنا وكنا، ويبدأون بمعايرة الغرب بأفضالهم عليهم وأنهم هم من كانوا في المقدمة واليوم تغير الحال، أصبحت الدول العربية مضرب الأمثال في التخلف بالأخص في مجالات النهوض والتنمية.
مشكلة المجتمعات العربية والبحرين تدخل ضمن السياق أن الأعمال اليوم تقاس وللأسف لا بمدى نجاحها أو نجاعتها؛ بل تقاس بمدى الزخم الإعلامي الذي تتحصل عليه، حتى لو كانت هذه الأعمال لا واقع متجسداً لها على الأرض يكفي أن تكون موجودة على ورق الصحافة أو أخبار التلفاز والراديو حتى تعتمد كواقع متحقق بالفعل.
لاختصار الكلام ومنعاً للدخول في دهاليز فلسفية، أقول بأن أهم أسباب تخلف مجتمعاتنا تحولها لظاهرة كلامية، ومع سطوة وسائل الإعلام سواء التقليدية أو الحديثة فإن هذه المجتمعات تحولت في أعمالها لمجرد صور وأخبار بعضها يتحدث عن مشاريع في العالم الافتراضي وآخر يتحدث عن إنجازات وهمية لا يتعدى مداها الخبر الذي يتحدث عنها أو تصريحات المسؤول الصادر بإدراك منه أنه لن يساءل عما يقول وأنه لن يتابعه أحد.
لأركز الموضوع أكثر على واقعنا، وهنا سأسأل القارئ الذكي بشأن كمية الأخبار اليومية التي تنشر في الصحف أو تتناولها وسائل الإعلام بالأخص الرسمية منها، ولأكون دقيقا أكثر أسأله عن تلك الأخبار الصادرة من أجهزة العلاقات العامة لمختلف القطاعات.
السؤال هو بشأن التصريحات الصادرة عن قطاعات أو مسؤولين بحجم الوزراء أو من يليهم في تراتبية الهياكل التنظيمية، كم عدد التصريحات التي تتحدث عن إنجازات غير مسبوقة؟! كم عدد التصريحات التي تتحدث عن تدشين مشاريع ضخمة أو مخططات رهيبة ستقفز بالبلد للواجهة؟! كم عدد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي توقع بالأخص مع جهات دولية وتوصف حينها بأنها تفاهمات ستعود على البلد بالخير اللامنقطع؟! بل كم عدد الأخبار التي تكشف مضامينها وصورها المرفقة عن نية واضحة لتلميع هذا المسؤول أو إبراز صورة هذا الوزير؟!
قد يجيب القارئ والمواطن البسيط بأن صحفنا وإعلامنا الرسمي -من واقع متابعته اليومية- يقدم صورة مفادها بأن هناك حراكاً يومياً يدار بحرفنة مبنية على خطط وضعتها عقول رهيبة، وأن الإنجازات تهطل علينا مثل حبات المطر بمستوى هطول المطر في دولة لا تعرف إلا فصل الشتاء على امتداد العام.
السؤال المحوري هنا؛ كم من هذه التصريحات والأخبار تعكس حقيقة الواقع الفعلي؟! كم منها صادق وكم منها يورد فقط كمساحيق تجميل تجمل فترة المسؤول وتلمعه؟!
لو قمنا بجرد سريع وبسيط لتصريحات عديد من المسؤولين بشأن الإنجازات والمشاريع والاتفاقيات الموقعة ومقارنتها بحقيقة تحققها على أرض الواقع لهالتنا النتيجة!
البعض أدرك قوة الإعلام، وظن خاطئا بأن وجود أخبار يومية لقطاعه وتصريحات يومية له مرفقة بصورته تعني إثباتاً للتطوير والإنتاجية، وهذه هي كارثتنا.
لو كل وزير ومسؤول تمت محاسبته بصرامة بشأن كل تصريح وخبر ينشره دون أن تكون مضامينه متحققة على أرض الواقع لوجدنا أجهزة العلاقات العامة بلا عمل إلا من رحم ربي.
الأوضاع في البحرين باتت لا تتحمل مزيداً من «التخدير الإعلامي» عبر تصريحات مسؤولين لا يتضح أن الهدف منها شيء يخالف رغبة التلميع والمفاخرة بحراك غير فاعل أو وعود وكشف عن مشاريع ليست موجودة إلا على الورق أو في خيالات البعض.
هنا أجدد المطالبة بوجود هيئة عليا للتخطيط الاستراتيجي ترسم ملامح العمل المؤسساتي على أسس علمية صحيحة، ويكون من مهامها ضمان نشر أخبار تعكس الواقع، وتحاسب كل مسؤول عن أي بروز إعلامي لا يعكس حقيقة الواقع.
لدينا مسؤولون محترفون في «بيع الكلام»، نسمع ما يقولون ونقرأ ما ينشرون فنظن أننا في مقدمة ركب الدول المتطورة، بينما الحقيقة أننا متقدمون عنهم بسنوات ضوئية في بيع «الوهم» وتسويقه على الناس.
تريدون أمثلة؟! سيطول بنا المقام، فالشقوق أكثر وأكبر من الرقع، خاصة وأن الرقع المستخدمة أيضاً مصنوعة من الكلام وليست قائمة على الأفعال.
{{ article.visit_count }}
مشكلة المجتمعات العربية والبحرين تدخل ضمن السياق أن الأعمال اليوم تقاس وللأسف لا بمدى نجاحها أو نجاعتها؛ بل تقاس بمدى الزخم الإعلامي الذي تتحصل عليه، حتى لو كانت هذه الأعمال لا واقع متجسداً لها على الأرض يكفي أن تكون موجودة على ورق الصحافة أو أخبار التلفاز والراديو حتى تعتمد كواقع متحقق بالفعل.
لاختصار الكلام ومنعاً للدخول في دهاليز فلسفية، أقول بأن أهم أسباب تخلف مجتمعاتنا تحولها لظاهرة كلامية، ومع سطوة وسائل الإعلام سواء التقليدية أو الحديثة فإن هذه المجتمعات تحولت في أعمالها لمجرد صور وأخبار بعضها يتحدث عن مشاريع في العالم الافتراضي وآخر يتحدث عن إنجازات وهمية لا يتعدى مداها الخبر الذي يتحدث عنها أو تصريحات المسؤول الصادر بإدراك منه أنه لن يساءل عما يقول وأنه لن يتابعه أحد.
لأركز الموضوع أكثر على واقعنا، وهنا سأسأل القارئ الذكي بشأن كمية الأخبار اليومية التي تنشر في الصحف أو تتناولها وسائل الإعلام بالأخص الرسمية منها، ولأكون دقيقا أكثر أسأله عن تلك الأخبار الصادرة من أجهزة العلاقات العامة لمختلف القطاعات.
السؤال هو بشأن التصريحات الصادرة عن قطاعات أو مسؤولين بحجم الوزراء أو من يليهم في تراتبية الهياكل التنظيمية، كم عدد التصريحات التي تتحدث عن إنجازات غير مسبوقة؟! كم عدد التصريحات التي تتحدث عن تدشين مشاريع ضخمة أو مخططات رهيبة ستقفز بالبلد للواجهة؟! كم عدد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي توقع بالأخص مع جهات دولية وتوصف حينها بأنها تفاهمات ستعود على البلد بالخير اللامنقطع؟! بل كم عدد الأخبار التي تكشف مضامينها وصورها المرفقة عن نية واضحة لتلميع هذا المسؤول أو إبراز صورة هذا الوزير؟!
قد يجيب القارئ والمواطن البسيط بأن صحفنا وإعلامنا الرسمي -من واقع متابعته اليومية- يقدم صورة مفادها بأن هناك حراكاً يومياً يدار بحرفنة مبنية على خطط وضعتها عقول رهيبة، وأن الإنجازات تهطل علينا مثل حبات المطر بمستوى هطول المطر في دولة لا تعرف إلا فصل الشتاء على امتداد العام.
السؤال المحوري هنا؛ كم من هذه التصريحات والأخبار تعكس حقيقة الواقع الفعلي؟! كم منها صادق وكم منها يورد فقط كمساحيق تجميل تجمل فترة المسؤول وتلمعه؟!
لو قمنا بجرد سريع وبسيط لتصريحات عديد من المسؤولين بشأن الإنجازات والمشاريع والاتفاقيات الموقعة ومقارنتها بحقيقة تحققها على أرض الواقع لهالتنا النتيجة!
البعض أدرك قوة الإعلام، وظن خاطئا بأن وجود أخبار يومية لقطاعه وتصريحات يومية له مرفقة بصورته تعني إثباتاً للتطوير والإنتاجية، وهذه هي كارثتنا.
لو كل وزير ومسؤول تمت محاسبته بصرامة بشأن كل تصريح وخبر ينشره دون أن تكون مضامينه متحققة على أرض الواقع لوجدنا أجهزة العلاقات العامة بلا عمل إلا من رحم ربي.
الأوضاع في البحرين باتت لا تتحمل مزيداً من «التخدير الإعلامي» عبر تصريحات مسؤولين لا يتضح أن الهدف منها شيء يخالف رغبة التلميع والمفاخرة بحراك غير فاعل أو وعود وكشف عن مشاريع ليست موجودة إلا على الورق أو في خيالات البعض.
هنا أجدد المطالبة بوجود هيئة عليا للتخطيط الاستراتيجي ترسم ملامح العمل المؤسساتي على أسس علمية صحيحة، ويكون من مهامها ضمان نشر أخبار تعكس الواقع، وتحاسب كل مسؤول عن أي بروز إعلامي لا يعكس حقيقة الواقع.
لدينا مسؤولون محترفون في «بيع الكلام»، نسمع ما يقولون ونقرأ ما ينشرون فنظن أننا في مقدمة ركب الدول المتطورة، بينما الحقيقة أننا متقدمون عنهم بسنوات ضوئية في بيع «الوهم» وتسويقه على الناس.
تريدون أمثلة؟! سيطول بنا المقام، فالشقوق أكثر وأكبر من الرقع، خاصة وأن الرقع المستخدمة أيضاً مصنوعة من الكلام وليست قائمة على الأفعال.