أوراق مزركشة لتغليف الهدايا، تتجمع بالعشرات فوق بعضها بعضاً، طبقةً تلو الطبقة، اجتمعت لتغليف هدية يفوز بها من ينزع ورقة التغليف الأخيرة، بعدما تمرر على مجموعة من الأشخاص يقوم كل منهم بنزع غلاف واحد فقط في كل دورة. كنا أطفال.. لعبناها مراراً وتكراراً.. وليتنا لم نكبر؛ فمثل الهدية التي نزعنا عنها عشرات الأغلفة مثل الحقيقة التي نتطلع لكشفها سوّية وإذا بنا في كل مرة نجد أننا لم نظفر بها كاملةً بعد، وأن ما تبقى من الأغلفة كثير. كانت هدية تبهجنا، فيما أن الحقيقة غالباً ما تكون مرّة.
مازلنا وإيّاك عزيزي القارئ في رحلة البحث عن حقيقة جماعة الإخوان المسلمين، متسلحين بأدوات البحث العلمي والتعمق في التفاصيل والرجوع إلى عدد من الدراسات بما يؤكد صحة ما توصلنا إليه من عدمه. ومن بين كم هائل من الكتب حول الإخوان، لفت انتباهي نزر يسير منها، ولعل أول ما أثار شهيتي للقراءة كتاب ثرّي للكاتب الصحافي «محمد الزمزمي» تحت عنوان: «الخميني والجماعة: أمريكا وصناعة الإسلام السياسي». فدعونا نبحر بمركب مجدافاه التفكر والتبصر؛ بحثاً عن الحقيقة، من أجل الحقيقة وحدها؛ ليس للنيل من أحدهم ولا لنصرة آخر.
«القصة الحقيقية لجماعة الإخوان المسلمين تعتبر في واقعها أكثر خيالاً من روايات الجاسوسية، فهي جماعة تقوم على المؤامرة وافتراض سوء النية في الجميع». هذا مما قدّم به «الزمزمي» كتابه المشتمل على عدد من القضايا الجوهرية التي لا يعرفها كثيرون، حتى ممن يظنون أنفسهم من جماعة الإخوان.!! فهلم معنا عزيزي القارئ لنزع أغلفة الهدايا واحداً تلو الآخر.
إن الباحث عن تاريخ تلك الجماعة، لابد أن تستوقفه محطات من الدهشة والحيرة والتأمل.. كيف لا إن علمنا أن الجماعة بدأت أولى خطوات تأسيسها بتمويل من شركة قناة السويس البريطانية - الفرنسية، الممثل الرسمي للاستعمار البريطاني في مصر، وهي من بنى أول مسجد للإخوان في الإسماعيلية. والذين ما لبثوا أن أسسوا شبكتهم إبان اندلاع الحرب العالمية الثانية تحت اسم «إخوان لندن». ومع تطور نشاطهم، لم يتورعوا عن إنشاء «الكتائب» والتي هي بمثابة فروع شبه عسكرية، فضلاً عن استخدام بعض المذابح الموجهة لتحقيق أهدافهم. من أبرزها حادثة تعرض لها ضباط كلية حلب العسكرية، أحيطت بالتكتيم وسرعان ما كشفتها وسائل إعلام عربية، وذلك بغية ثني الرئيس السوري حافظ الأسد -آنذاك- عن زيارته إلى بغداد من أجل إنهاء حالة العداء المتأصلة بين البلدين.
تتلخص تلك الحادثة في دعوة عدد من الضباط من وحدات متفرقة لاجتماع استثنائي لم يرد ذكره في جدولهم العسكري، وبعدما امتلأت القاعة تم إغلاق الأبواب، ووضع السلاسل، وإذا بشظايا الزجاج تتناثر من كل صوب، والقنابل اليدوية ترمى من زجاج النوافذ ولا مفر حيث الأبواب الموصدة. فضلاً عن هجوم فريق من المسلحين أطلقوا الرصاص بسخاء وفي كل اتجاه، لتسفر تلك المذبحة المقتضبة عن مقتل ستين ضابطاً وجرح أكثر من مائة. ومن هي الجهة المسؤولة؟ إنها جماعة الإخوان المسلمين المتغلغلة في العسكر وفي أجهزة الدولة الأخرى.!! والأمثلة في ذلك كثيرة.
غلاف الهدية الثاني.. يخفي لنا قصة أشهر مؤلف لكتب الإخوان المسلمين، وأحد رموزهم المقدسة، إنه السيد قطب، مؤلف الكتاب الإخواني الشهير «معالم على الطريق»، يقودنا البحث هنا لماسونية سيد قطب. نعم.. الماسونية عزيزي القارئ.!! ولك الحق أن تفزع، بل لنا الحق جميعاً.!! وأكتفي بما أورده كتاب «عبقري الإسلام سيد قطب» حول دفاعه عن الإباحية، وتصريحه أن لو وكل إليه تكوين الكون من جديد لم يجعله إلا حدائق ومنتزهات للتناجي والسهر اللطيف، لا ضجيج ولا اضطراب. فضلاً عن اعترافه بالمرور بمرحلة التيه في العقيدة الدينية لأكثر من مرة، وما خفي أدهى وأمر!! فإن كان رمز الإخوان وأشهر كتابهم للإباحية داعياً.. فكيف عساها تكون شيمة الجماعة؟!
غلاف الهدية الثالث، يؤكد علاقات الإخوان الممتدة وأنشطتهم السياسية المشبوهة لكونهم ممثلين سريين في 1977-1978، عملوا كزوايا ربط وتثبيت لأواصر علاقة ثلاثية قائمة بين كل من البيت الأبيض، ومجلس الأمن القومي، وميدان الثورة الخمينية على شاه إيران.!! ومن أجل ماذا؟!! ليتربع الخميني على عرش الحكم مقيماً دولته الإسلامية الشيعية المأمولة، وكلنا -بلا أدنى شك- قد عرفنا نتيجة تولي الخميني زمام الأمور، الأمر الذي مازلنا نتجرع مرارته حتى يومنا هذا.
غلاف الهدية الرابع، تتوارى خلفه قصة التقريب بين السنة والشيعة في المذاهب، والتهاون في الاختلافات بين المذهبين رغم جوهريتها، ولعل أقوال كبار زعماء الإخوان في هذا الشأن خير دليل عليهم، فحسن البنا يقول: «أما الخلاف فهو في أمور من الممكن التقريب بينها»، فيما صرّح عبدالكريم زيدان، من كبار إخوان العراق: «ليس بين الفقه الجعفري والمذاهب الأخرى -أي الأربعة- من الاختلافات أكثر من الاختلاف بين أي مذهب وآخر».!! أما يوسف ندا -مفوض العلاقات الدولية بجماعة الإخوان سابقاً- يقول بأنه لا يكفرهم مهما طعنوا في الدين، وسبوا الصحابة، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم جميعاً، وآخرون اعتبروا سب الصحابة ليس من عمل الإثم في شيء، فالصحابة من الإرث التاريخي الإسلامي وليسوا من العقيدة نفسها.!! بل وأكد آخر أن جامعة الأزهر أنشأت بغرض نشر المذهب الشيعي.!!
عزيزي القارئ.. هل وصلنا إلى الهدية؟!! إلى الحقيقة؟ طبعاً لا.. مازلنا نكشف الأغلفة وإياك واحداً تلو الآخر، وبعد الكشف في كل مرحلة نجدنا أقرب إليها، يثير ذلك شهيتنا جميعاً، ونترقب بتوجس وقلق ما عساها تكون تلك الحقيقة المفجعة؟!! فما استعرضناه لا يعدو على كونه لمحات من كتاب الزمزمي، الذي وجدت فيه من الأهمية وموضوعية الكاتب في عرض المعلومة ما يستحق تقليب صفحاته بين أناملكم، لاغتراف المزيد من منهله، وإنما هو دعوة للدخول في خضم التفاصيل من خلال قراءة متأنية للكتاب. ومع ذلك.. يبقى سؤال «من هم الإخوان المسلمون؟».
مازال في جعبة الكتاب كثير، قد تسبق قراءتكم له مقالي القادم الذي سيتناول السؤال الأخير بمزيد من التحليل الذاتي، والتفنيد والإسقاط على واقع الإخوان المسلمين في الخليج وخصوصاً البحرين. فإلى لقاء.
{{ article.visit_count }}
مازلنا وإيّاك عزيزي القارئ في رحلة البحث عن حقيقة جماعة الإخوان المسلمين، متسلحين بأدوات البحث العلمي والتعمق في التفاصيل والرجوع إلى عدد من الدراسات بما يؤكد صحة ما توصلنا إليه من عدمه. ومن بين كم هائل من الكتب حول الإخوان، لفت انتباهي نزر يسير منها، ولعل أول ما أثار شهيتي للقراءة كتاب ثرّي للكاتب الصحافي «محمد الزمزمي» تحت عنوان: «الخميني والجماعة: أمريكا وصناعة الإسلام السياسي». فدعونا نبحر بمركب مجدافاه التفكر والتبصر؛ بحثاً عن الحقيقة، من أجل الحقيقة وحدها؛ ليس للنيل من أحدهم ولا لنصرة آخر.
«القصة الحقيقية لجماعة الإخوان المسلمين تعتبر في واقعها أكثر خيالاً من روايات الجاسوسية، فهي جماعة تقوم على المؤامرة وافتراض سوء النية في الجميع». هذا مما قدّم به «الزمزمي» كتابه المشتمل على عدد من القضايا الجوهرية التي لا يعرفها كثيرون، حتى ممن يظنون أنفسهم من جماعة الإخوان.!! فهلم معنا عزيزي القارئ لنزع أغلفة الهدايا واحداً تلو الآخر.
إن الباحث عن تاريخ تلك الجماعة، لابد أن تستوقفه محطات من الدهشة والحيرة والتأمل.. كيف لا إن علمنا أن الجماعة بدأت أولى خطوات تأسيسها بتمويل من شركة قناة السويس البريطانية - الفرنسية، الممثل الرسمي للاستعمار البريطاني في مصر، وهي من بنى أول مسجد للإخوان في الإسماعيلية. والذين ما لبثوا أن أسسوا شبكتهم إبان اندلاع الحرب العالمية الثانية تحت اسم «إخوان لندن». ومع تطور نشاطهم، لم يتورعوا عن إنشاء «الكتائب» والتي هي بمثابة فروع شبه عسكرية، فضلاً عن استخدام بعض المذابح الموجهة لتحقيق أهدافهم. من أبرزها حادثة تعرض لها ضباط كلية حلب العسكرية، أحيطت بالتكتيم وسرعان ما كشفتها وسائل إعلام عربية، وذلك بغية ثني الرئيس السوري حافظ الأسد -آنذاك- عن زيارته إلى بغداد من أجل إنهاء حالة العداء المتأصلة بين البلدين.
تتلخص تلك الحادثة في دعوة عدد من الضباط من وحدات متفرقة لاجتماع استثنائي لم يرد ذكره في جدولهم العسكري، وبعدما امتلأت القاعة تم إغلاق الأبواب، ووضع السلاسل، وإذا بشظايا الزجاج تتناثر من كل صوب، والقنابل اليدوية ترمى من زجاج النوافذ ولا مفر حيث الأبواب الموصدة. فضلاً عن هجوم فريق من المسلحين أطلقوا الرصاص بسخاء وفي كل اتجاه، لتسفر تلك المذبحة المقتضبة عن مقتل ستين ضابطاً وجرح أكثر من مائة. ومن هي الجهة المسؤولة؟ إنها جماعة الإخوان المسلمين المتغلغلة في العسكر وفي أجهزة الدولة الأخرى.!! والأمثلة في ذلك كثيرة.
غلاف الهدية الثاني.. يخفي لنا قصة أشهر مؤلف لكتب الإخوان المسلمين، وأحد رموزهم المقدسة، إنه السيد قطب، مؤلف الكتاب الإخواني الشهير «معالم على الطريق»، يقودنا البحث هنا لماسونية سيد قطب. نعم.. الماسونية عزيزي القارئ.!! ولك الحق أن تفزع، بل لنا الحق جميعاً.!! وأكتفي بما أورده كتاب «عبقري الإسلام سيد قطب» حول دفاعه عن الإباحية، وتصريحه أن لو وكل إليه تكوين الكون من جديد لم يجعله إلا حدائق ومنتزهات للتناجي والسهر اللطيف، لا ضجيج ولا اضطراب. فضلاً عن اعترافه بالمرور بمرحلة التيه في العقيدة الدينية لأكثر من مرة، وما خفي أدهى وأمر!! فإن كان رمز الإخوان وأشهر كتابهم للإباحية داعياً.. فكيف عساها تكون شيمة الجماعة؟!
غلاف الهدية الثالث، يؤكد علاقات الإخوان الممتدة وأنشطتهم السياسية المشبوهة لكونهم ممثلين سريين في 1977-1978، عملوا كزوايا ربط وتثبيت لأواصر علاقة ثلاثية قائمة بين كل من البيت الأبيض، ومجلس الأمن القومي، وميدان الثورة الخمينية على شاه إيران.!! ومن أجل ماذا؟!! ليتربع الخميني على عرش الحكم مقيماً دولته الإسلامية الشيعية المأمولة، وكلنا -بلا أدنى شك- قد عرفنا نتيجة تولي الخميني زمام الأمور، الأمر الذي مازلنا نتجرع مرارته حتى يومنا هذا.
غلاف الهدية الرابع، تتوارى خلفه قصة التقريب بين السنة والشيعة في المذاهب، والتهاون في الاختلافات بين المذهبين رغم جوهريتها، ولعل أقوال كبار زعماء الإخوان في هذا الشأن خير دليل عليهم، فحسن البنا يقول: «أما الخلاف فهو في أمور من الممكن التقريب بينها»، فيما صرّح عبدالكريم زيدان، من كبار إخوان العراق: «ليس بين الفقه الجعفري والمذاهب الأخرى -أي الأربعة- من الاختلافات أكثر من الاختلاف بين أي مذهب وآخر».!! أما يوسف ندا -مفوض العلاقات الدولية بجماعة الإخوان سابقاً- يقول بأنه لا يكفرهم مهما طعنوا في الدين، وسبوا الصحابة، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم جميعاً، وآخرون اعتبروا سب الصحابة ليس من عمل الإثم في شيء، فالصحابة من الإرث التاريخي الإسلامي وليسوا من العقيدة نفسها.!! بل وأكد آخر أن جامعة الأزهر أنشأت بغرض نشر المذهب الشيعي.!!
عزيزي القارئ.. هل وصلنا إلى الهدية؟!! إلى الحقيقة؟ طبعاً لا.. مازلنا نكشف الأغلفة وإياك واحداً تلو الآخر، وبعد الكشف في كل مرحلة نجدنا أقرب إليها، يثير ذلك شهيتنا جميعاً، ونترقب بتوجس وقلق ما عساها تكون تلك الحقيقة المفجعة؟!! فما استعرضناه لا يعدو على كونه لمحات من كتاب الزمزمي، الذي وجدت فيه من الأهمية وموضوعية الكاتب في عرض المعلومة ما يستحق تقليب صفحاته بين أناملكم، لاغتراف المزيد من منهله، وإنما هو دعوة للدخول في خضم التفاصيل من خلال قراءة متأنية للكتاب. ومع ذلك.. يبقى سؤال «من هم الإخوان المسلمون؟».
مازال في جعبة الكتاب كثير، قد تسبق قراءتكم له مقالي القادم الذي سيتناول السؤال الأخير بمزيد من التحليل الذاتي، والتفنيد والإسقاط على واقع الإخوان المسلمين في الخليج وخصوصاً البحرين. فإلى لقاء.