المتابع لما ينشر من تغريدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وما يبث من تصريحات عبر الفضائيات التي سخرت قدراتها لخدمة «الثورة»، التي يفترض أنه لا علاقة لها بها، يلاحظ أنها تهتم كثيراً بعملية الشحن والتحريض ضد النظام السياسي في البلاد، وأنها «تتفنن» في عملها هذا، فتمارس أنواعاً من الشحن وألواناً من التحريض.
بعض هذا الشحن والتحريض يستغل أصحابه ما جرى على الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء؛ فيربط بين واقعة الطف قبل ألف وأربعمائة سنة وما يجري في البحرين اليوم من مواجهات بين رجال الأمن وفئة من المتظاهرين اعتمدوا اختطاف الشوارع وإشعال إطارات السيارات سبيلاً لتحقيق أهدافهم غير المنطقية والبعيدة عن الواقع.
من ذلك على سبيل المثال تغريدة منسوبة للسيد هادي المدرسي تقول «من كان مع الحسين (ع) لا يخاف من طاغوت دركاً ولا يخشى»، مقسماً بذلك المسلمين إلى فسطاطين؛ فسطاط الحسين وفسطاط يزيد.. طريق ضد الطاغوت وطريق مع الطاغوت.. مؤمنين وكافرين! فمن كان يرجو النجاة وضمان الجنة فعليه أن ينضم إلى هذه الفئة التي لا تتوانى عن إحداث الفوضى بغية الوصول إلى السلطة والثروة، وأما من يقف ضد هذه الفئة أو يقف على الحياد فجزاؤه جهنم يصلى فيها سعيرا!
أسلوب آخر من التحريض اعتمد الشحن عبر رسائل خاصة للزوجات وللأمهات وللأبناء وللأزواج وللشباب ولكبار السن، من ذلك على سبيل المثال رسالة تقول للزوجات «الجميع مسؤول عن مستقبل هذا الوطن، ما لم يشارك زوجك في صناعة المستقبل فلن تفخري بشيء»، ما يعني أن الأزواج يقعون بين كماشتي التحريض والشحن المباشر من المصدر، والتحريض والشحن عبر الزوجات، وملخص الرسالة أنك يا رجل لن تعتبرك زوجتك رجلاً إن لم تضحِ بنفسك وبزوجتك وبعيالك وبمستقبل أسرتك، فإن فعلت ما نريده منك اعتبرناك رجلاً وإلا فأنت لست كذلك.
أما الأطفال فدخلوا إليهم عبر أمهاتهم، تقول تغريدة موجهة للأمهات «أنتم شموع الدرب، لا تمنعوا أبناءكم من الخروج في التظاهرات، بل حفوهم بالدعوات دائماً، فبكم يصنع النصر». الرسالة تقول للأم أنه ليس مهماً أن تفقدي ابنك حتى لو كان وحيدك، فالمهم أن نحصل على الحكم والسلطة، لذا فإن دورك هو حثه على الخروج إلى «الميدان» لا منعه خوفاً عليه. وهكذا بالنسبة لبقية الرسائل التي يوجهها أولئك القابعون في نعيم الخارج إلى البسطاء في الداخل ليضحوا بأنفسهم وعيالهم من أجل أن يحققوا هم مآربهم.
ترى لو كان أولئك الذين يحرضون من الخارج ويشحنون العامة المتواجدين في الداخل، لو كانوا هم أنفسهم متواجدين في الداخل هل كانوا يدفعون بأطفالهم إلى الشوارع «للقتال»؟ وهل كانوا سيستجيبون لزوجاتهم كي يفخرن بهم؟ أم سيقبلون أن تصفهم نساؤهم بالوصف الآخر؟
الجواب الأكيد هو أنهم سيأتون بألف مبرر ومبرر ليمنعوا أطفالهم من الخروج من بيوتهم وسيأتون بألف مبرر ومبرر فوقها ليمنعوا أنفسهم من المشاركة، فهذا دور العامة من الناس!
ورغم أن البعض من هؤلاء»العامة» بدأ يدرك ما يدور من حوله وبات متيقناً من أنه إنما يراد له أن يكون كبش الفداء، فاتخذ موقفاً من المحرضين وإن لم يكن معلناً، إلا أن الأغلبية وللأسف الشديد لا يزالون يعيشون تحت تأثير المخدر الذي تم حقنهم به ولن ينتبهوا إلا بعد أن يروا أنفسهم وقد خسروا كل شيء.
درس آخر جديد في الشحن والتحريض من المقرر أن يتم الكشف عنه اليوم الجمعة التاسع عشر من يوليو، حيث سيتم الإعلان عن انطلاق ما سمي بـ «تمرد البحرين» الذي «سيقلب المعادلات»!