في حركة ملفتة ومليئة بالتحديق لأمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان بعد منع الداخلية لمسيرتين، كانت «المعارضة» قد قررت تنظيمهما يومي الجمعة والسبت الماضيين، «إن المعارضة ستنزل إلى الشوارع للتظاهر إذا أصرت الجهات الرسمية على منع التظاهرات حتى لو تطلب ذلك تلقي الرصاص».
وبغض النظر عن احتمالات أن التصريح جاء نتيجة توفر جو حماسي في لقائه مساء الجمعة الفائتة مع بعض أهالي مدينة حمد، أو أنه كان زلة لسان وكلاماً غير مقصود، بعيداً عن كل هذا يظل سلمان مسؤولاً عن هذا التصريح المليء بالتحدي والتحريض على الخروج إلى الشوارع «مهما كانت الظروف وأياً كانت قرارات الجهات المعنية بالأمن في البلاد»، والتي تستند في قراراتها عادة إلى ما يتوفر في القانون من بنود داعمة لموقفها.
سلمان أكد في ذلك اللقاء أيضاً أن «التظاهر والاعتصام حق تكفله الطبيعة البشرية وأن النزول إلى الشارع كوسيلة سلمية أقرته المواثيق الدولية»، وهو ما لا يختلف معه عليه أحد لو كان ذلك سيتم في الظروف العادية ولأسباب تستدعي الخروج في مسيرات، ومن دون أن تأخذ طابع التحدي وكسر إرادة الدولة.
أمين عام الوفاق «قرر» أن مسؤولية حدوث مواجهات بين المتظاهرين ورجال الأمن، لو خرجت المسيرات غصباً عن الحكومة، تقع على عاتق الحكومة نفسها التي منعت تلك المسيرات! وهو ما لا يقبله عقل ولا منطق، ذلك أنه كما إن من حق المواطنين الخروج في مسيرات، كذلك فإن من حق الحكومة أن تمنع بعض تلك المسيرات لو قدرت أن خروجها سيترتب عليه ما قد يتسبب في حدوث أضرار على المواطنين والممتلكات العامة والخاصة ويتسبب في تعطيل حياة الناس.
ليس منطقاً ما قاله أمين عام الوفاق وفيه مغامرة بحياة ومستقبل الكثيرين، وأتوقع أنه ردة فعل أو كلام «لزوم المناسبة» ليس إلا، ففي الأجواء كالتي وجد سلمان فيها نفسه في لقائه ببعض أهالي مدينة حمد يمكن «للقائد» أن يقول ما هو أشد مما قال ثم يوجد لنفسه بعد ذلك ما يشاء من مبررات وأعذار ليفلت!
التصريح كان سلبياً وغير مناسب للظروف التي تمر فيها البحرين، ويمكن تصنيفه في باب التحدي والتحريض ضد الدولة والدعوة للدخول في مرحلة جديدة من المواجهات والعصيان المدني، حيث الجمهور الذي يتحدى قرار الدولة ويدعوها للمواجهات أو العودة عن قراراتها جمهور لا يعترف بالدولة وليس أمامه سوى الدخول في مواجهة مباشرة مع السلطة.
تصريح أمين عام الوفاق جانب الصواب ولم يكن موفقاً لأنه تحريض على الفتنة ودعوة صريحة لمواجهة رجال الأمن، وهو يعني شعبياً «إما اتخلوني أسوي اللي أبي.. أو أحرق الديرة».
من حق الدولة أن تمنع المسيرات في أماكن معينة إن قدرت أنها قد تتسبب في وقوع ضرر على المواطنين والمقيمين الذين تتحمل مسؤوليتهم ومسؤولية حمايتهم وأمنهم، ومن حقها أيضاً أن تواجه التحدي والإصرار على التجاوز بما يتيحه لها القانون من أسباب للتعامل مع هذا التجاوز، وإلا لم تعد دولة ولم تعد سلطة ولم تعد نظاماً.
ربما كان مقبولاً لو صدر التصريح نفسه ممن هم أصغر من الأمين العام بجمعية الوفاق، لكن أن يصدر من الأمين العام المحسوب على أنه (معتدل)؛ فهذا يعني أن في الجو ما هو غير عادي.
الرد المنطقي على تصريحات أمين عام الوفاق وغيرها من تصريحات محرضة جاء على لسان سمو ولي العهد في زياراته الأخيرة لبعض المجالس الرمضانية، حيث قال «الطريق الأمثل للمرحلة المقبلة وقف أعمال العنف بكافة أشكاله وصوره والقبول بالتوافقات التي تحقق تطلعات جميع مكونات المجتمع».