قبل الإجابة على السؤال أعلاه؛ سأطرح بعض التساؤلات التي أعتقد أن إجاباتها ستقود للإجابة على السؤال وتلخص حقيقة الوضع في البحرين، وهي كالتالي؛ هل كان تفجير سيارة قرب مسجد في الرفاع مستغرباً أو مستبعداً؟! ألم تحدث تفجيرات مشابهة من قبل في أماكن أخرى؟ هل منطقة الرفاع أهم من غيرها؟ هل يمكن أن نتقبل تفجير سيارة في مدينة عيسى أو المحرق أو المنامة أو في قرى شارع البديع أو غيرها؟ هل كان للتوقيت دور كزيادة حالة التوتر والتأهب قبل 14 أغسطس؟ هل الهدف هو حصول ردة فعل أمنية كالقبض على المشتبه بهم أو صدامات تخلف إصابات وربما يسقط موتى، فيستغل كل ذلك للتجييش؟ هل لاستمرار أعمال التخريب في المملكة لأكثر من سنتين دور فيما حدث؟ هل تتحمل قيادات المعارضة الدينية والسياسية المسؤولية لأنها قادرة على إيقاف هذه الأعمال الإرهابية؟هذه الأسئلة مجتمعة وغيرها تقودنا الى إجابة السؤال الرئيس «لماذا حدث تفجير الرفاع؟»، بل وتقودنا إلى الواقع الأكثر أهمية، وهو؛ لماذا ما تزال البحرين تشهد أعمال تخريب وتفجيرات وقطع طرق واعتداء على البيوت وترويع الآمنين وإرهاباً للناس والتعدي على حقهم في عيش حياة آمنة؟تفجير الرفاع حدث لأننا سمحنا أن يكون التخريب والترهيب جزءاً من واقع الحياة اليومية في البحرين، لأن كل شوارع البحرين أصبحت مستباحة، لأن مشهد الأدخنة المتصاعدة في السماء والإطارات المشتعلة والوجوه الملثمة وزجاجات المولوتوف أصبح مشهداً يومياً معتاداً ومألوفاً يكاد البعض يمر عليه دون اكتراث، وكأنه بدأ يتقبل فكرة أن هذه الجرائم باتت أمراً مسلماً بها!! هذا بالتحديد ماحذرنا منه مراراً؛ حذرنا من خطورة التعود على حالة الفلتان الأمني، وأن يصبح من المقبول أن نرى الشوارع تقطع وتحرق والممتلكات العامة والخاصة مباحة للتخريب ومصالح الناس تعطل وحياتهم تعرض للخطر، ويكاد يكون كل ذلك من مسلمات الحياة اليومية!!إذ في بداية حدوث هذه الاعتداءات وعمليات التخريب كان الناس يستنكرونها بشدة ويرفضونها رفضاً قاطعاً، بل وكانت تثير الخوف في قلوبهم لأنهم لم يعتادوها، لكننا اليوم وصلنا لمرحلة نسأل فيها بعضاً عن أحوال الشوارع والطرقات قبل الخروج من البيت متوجهين إلى عملنا أو قضاء مصالحنا، فنجيب بكل بساطة «عادي مافي شيء جديد تحرق تواير ودخان أسود وزحمة ولويه، بس عادي الشرطة يات وشالو التواير ومشى السيد»، أليس هذا الكلام يدور يومياً بيننا والغريب أنه أصبح معتاداً ويكاد يكون مقبولاً، فتجد الطرف الآخر في المحادثة يجيب «بعد شنسوي تعودنا على هالأذية ولوعة الجبد الله ينتقم منهم، المهم وين بتروحون الليلة؟!»، ويستكمل الحديث وينتقل الى أمور أخرى، وكأن التخريب أصبح جزءاً مقبولاً في حياة البحرينيين.إن هذا خطير جداً؛ فمن البديهي أنه ومع استمراره سننتقل إلى مرحلة أخرى أسوأ ولا شك، هكذا تحدث الأمور وتتفاقم، فحتى المخربين أنفسهم بعد فترة سيجدون أن حرق الإطارات لم يعد كافياً ولم يعد يحقق أهدافه، وسيشجعهم عدم الحزم على الاستمرار والبحث عن طرق إجرامية أكبر وأكثر تأثيراً، وهو ماكان حينما تم تفجير سيارة قبل مدة أمام المرفأ المالي، وأخيراً ماحدث في الرفاع، مروراً بالاعتداء على منازل المواطنين!! إلى أن أصبحت سمة الانفلات الأمني مرتبطة بالبحرين، حتى أن أشقاءنا الخليجيين باتوا يسألون قبل المجيء إلى البلاد عن الأوضاع الأمنية، وكأن البحرين، بلد الأمن والأمان ودار الكرم التي تدخل السرور والراحة لنفوس زائريها، باتت كدولة أفريقية يخشى الناس زيارتها ويتأكدون من الوضع الأمني قبل المجيء إليها!! نعم قد يكون في هذا الكلام شيء من المبالغة، لكنه ممزوج أيضاً بقدر كبير من الواقع المر الذي دفع صديقاً لي من دولة خليجية ليقول «كانت البحرين مشهورة بالحلوى وعذاري وباب البحرين والمجمعات وطيبة الناس والفعاليات الثقافية، وألحين صارت مشهورة بحرق الشوارع والدخان الأسود إلي إذا ماجفناه كأنه ما زرنه البحرين!! لكن بعد نحبهه وما نرتاح الا فيهه، هالديرة فيهه شيء غير يجذبك ويخليك تعشقه».كم يوجع هذا الكلام قلب كل بحريني غيور على بلده؛ يرى ويؤمن أن هذا الحال وصل الى منتهاه ولا يجب أن يستمر أكثر، ويجد الأمل في التوجيهات الملكية الأخيرة بضرورة التصدي بحزم لكل الخارجين عن القانون، وأخيراً هل تعرفون لماذا حدث تفجير الرفاع؟ لأننا اعتدنا التخريب والأعمال الإجرامية فسمحنا باستمرارها وتطورها.شريط إخباري..نوجه كلامنا مباشرة للمعارضة التي كررت مراراً أن الحل الأمني ليس هو الحل النهائي للأزمة، لكنها مارست في الشارع ورقة الانفلات الأمني، ولم توقف أعمال التخريب وهي قادرة على ذلك، ونقول لها: نعم الحل الأمني لن يكون الحل النهائي، لكنه ضمانة أي حل وبدونه لن يكون هناك طريق لحل سياسي أو مخرج، فماذا لو أحدث هذا الانفجار مثلاً جرحى وموتى في صفوف المصلين، فحينها عن أي حل سياسي تتكلمون، إننا نحملكم حالة الانفلات الأمني هذه ومايترتب عليها حتى لايكون القادم أســوأ.