حتى لا نقع في الجزئيات الملهية؛ نشير إلى أن العرب قد عرفوا وصول أفراد من أسرة واحدة للسلطة في بلدين مختلفين أكثر من مرة، ومن ذلك الأسرة الهاشمية في العراق والأردن والبوسعيد في عمان وزنجبار، والقواسم في الشارقة ورأس الخيمة، كما عرفته أوروبا؛ وكان من تبعاته حروب الوراثة الأوروبية.
وفي تاريخنا الحديث استقر جزء من قبيلة شمر في سوريا والعراق بعد خروجهم من نجد، وقد عرف بيت الرئاسة فيها لعائلة «الجربا» التي أخذت اسمها بسبب الكرم وسيلان دم الذبائح الذي تسبب في «انجراب الأرض»، وحين احتاجت الدولة العثمانية لخدمات «الجربا» منحته لقب «الياور»، ويعني شيخ شيوخ البادية.
ووصل غازي الياور لمنصب رئيس العراق منافساً الدكتور عدنان الباجه جي الذي رفع يده لمدة ثلاث سنوات حين كان وزيراً لخارجية العراق، فنجح في منع الكويت من دخول الأمم المتحدة حتى سقط عبد الكريم قاسم 1963م، لكن التصرف بدون مرجعية للقيم الاستراتيجية جعلنا نخسر الياور بنفس سرعة وصوله، لقد كان رئيساً مؤقتاً لمدة عام كامل، وقضى على كل الاختلافات والافتراقات في مؤسسة الحكم، بل إن الشارع العراقي لم يشهد مظاهرة واحدة في عهده الذي كان شعاره وحدة وعروبة وإسلام العراق، ومع أن الرئيس غازي سني المذهب إلا أن قبائل شمر الشيعية كانت تردد «نحن شمر الجربا».
الحساب الخطأ جعل العواصم الخليجية تسير في خطين متوازيين؛ أولهما المراهنة على الدكتور أياد علاوي، والخط الثاني هو الابتعاد بسبب سيارة مفخخة عن شوارع العراق، وكان خطأ مزدوجاً؛ حيث لم يكن لعلاوي جذور بنفس عمق جذور غازي الياور، فلماذا لم نشجع الياور ليكون رجل العراق وهو المدعوم من مكونات جبل سنجارة الشيعية والسنية على حد سواء؟ ولماذا وضعنا رهاننا على رجل كعلاوي لم يستطع الدفاع عن التاج الذي ربحه في الانتخابات وانتزعه منه المالكي؟ ولماذا تركنا العراق لطهران تتوسع فيه كما تشاء متحملة شظايا السيارات المفخخة التي أرعبتنا حين اعتقدنا أن الاحتفاظ بالمصالح الاستراتيجية هناك نزهة على دجلة وجناح في فندق الرشيد.
لقد تركناه رغم أن العراق كان تحت احتلال واشنطن التي هي حليفنا الاستراتيجي، وها نحن نحصد ثمار ذلك التقدير الاستراتيجي الخاطئ، فلو كان الياور رجل العراق لما جرى تداول التومان في شوارع كربلاء العربية، ولما لقي الأسد الدعم العراقي الحالي من حكومة المالكي.
لقد ارتفعت مؤخراً أصوات تتهم بعض دول خليجية بفرض مرشحها الشيخ أحمد عاصي الجربا رئيساً للمعارضة السورية، كما اتهمت من قبل بفرض الشيخ غازي الياور رئيساً للعراق، وبعيداً عن التحليل التحريضي نرى ضرورة التكفير عن خطيئة عدم الاستثمار الاستراتيجي الخليجي في الياور، والتي ستبقى بمثابة الخطيئة الأصلية التي ستلازم كل التفاتة نلتفتها لدجلة والفرات؛ حيث يصبح الاستثمار ودعم الجربا في سوريا مستحقاً حتى لا نراهن على «علاوي سوري»، فينتهي الأمر بوصول «مالكي سوري» لدمشق.
ولنا في سيدا والخطيب خير مثال؛ حيث تعمد بعض ثوار الفنادق تجاهل دور بعض دول الخليج، ومنها الكويت، التي كانت أول بلد في العالم يطرد سفيراً لنظام الأسد.
لقد تغيرت قواعد المعركة مع نظام الأسد عما كانت عليه حين بدء الثورة السورية، فالأسد باق لسنوات، كما تقول مصادر بريطانية، وهي مقاربة يمكن الجدل فيها وإقناع لندن بعدم التخلي عن خططها لتسليح المعارضة، بقي الأسد أو رحل. فتأمين السلاح للثوار ورد كأولوية في أجندة الشيخ الجربا، ودول الخليج بعلاقاتها الغربية العميقة وقدرتها المالية قادرة على تحقيق هذا البند في أجندة رئيس الائتلاف السوري، كما إن عليها الاستمرار في تجفيف منابع أقوى أنهار العنف الإيرانية في سوريا، وهو حزب الله اللبناني، الذي أدى دخوله الحرب لإعادة تعريف مجالات النفوذ الإيراني، إضافة إلى ضرورة تسليم السفارات السورية في دول الخليج لائتلاف المعارضة. حيث إن كل من ليس لديه خصومة مع البديهيات العقلية سيقول إننا في الخليج أولى من تركيا وإيران والعراق في الاستثمار الاستراتيجي في وصول رجل مثل الشيخ أحمد عاصي الجربا رئيساً للمعارضة السورية، فهو امتداد لمنظومة ثقافية واجتماعية لها جذور عميقة في بلادنا.
وفي تاريخنا الحديث استقر جزء من قبيلة شمر في سوريا والعراق بعد خروجهم من نجد، وقد عرف بيت الرئاسة فيها لعائلة «الجربا» التي أخذت اسمها بسبب الكرم وسيلان دم الذبائح الذي تسبب في «انجراب الأرض»، وحين احتاجت الدولة العثمانية لخدمات «الجربا» منحته لقب «الياور»، ويعني شيخ شيوخ البادية.
ووصل غازي الياور لمنصب رئيس العراق منافساً الدكتور عدنان الباجه جي الذي رفع يده لمدة ثلاث سنوات حين كان وزيراً لخارجية العراق، فنجح في منع الكويت من دخول الأمم المتحدة حتى سقط عبد الكريم قاسم 1963م، لكن التصرف بدون مرجعية للقيم الاستراتيجية جعلنا نخسر الياور بنفس سرعة وصوله، لقد كان رئيساً مؤقتاً لمدة عام كامل، وقضى على كل الاختلافات والافتراقات في مؤسسة الحكم، بل إن الشارع العراقي لم يشهد مظاهرة واحدة في عهده الذي كان شعاره وحدة وعروبة وإسلام العراق، ومع أن الرئيس غازي سني المذهب إلا أن قبائل شمر الشيعية كانت تردد «نحن شمر الجربا».
الحساب الخطأ جعل العواصم الخليجية تسير في خطين متوازيين؛ أولهما المراهنة على الدكتور أياد علاوي، والخط الثاني هو الابتعاد بسبب سيارة مفخخة عن شوارع العراق، وكان خطأ مزدوجاً؛ حيث لم يكن لعلاوي جذور بنفس عمق جذور غازي الياور، فلماذا لم نشجع الياور ليكون رجل العراق وهو المدعوم من مكونات جبل سنجارة الشيعية والسنية على حد سواء؟ ولماذا وضعنا رهاننا على رجل كعلاوي لم يستطع الدفاع عن التاج الذي ربحه في الانتخابات وانتزعه منه المالكي؟ ولماذا تركنا العراق لطهران تتوسع فيه كما تشاء متحملة شظايا السيارات المفخخة التي أرعبتنا حين اعتقدنا أن الاحتفاظ بالمصالح الاستراتيجية هناك نزهة على دجلة وجناح في فندق الرشيد.
لقد تركناه رغم أن العراق كان تحت احتلال واشنطن التي هي حليفنا الاستراتيجي، وها نحن نحصد ثمار ذلك التقدير الاستراتيجي الخاطئ، فلو كان الياور رجل العراق لما جرى تداول التومان في شوارع كربلاء العربية، ولما لقي الأسد الدعم العراقي الحالي من حكومة المالكي.
لقد ارتفعت مؤخراً أصوات تتهم بعض دول خليجية بفرض مرشحها الشيخ أحمد عاصي الجربا رئيساً للمعارضة السورية، كما اتهمت من قبل بفرض الشيخ غازي الياور رئيساً للعراق، وبعيداً عن التحليل التحريضي نرى ضرورة التكفير عن خطيئة عدم الاستثمار الاستراتيجي الخليجي في الياور، والتي ستبقى بمثابة الخطيئة الأصلية التي ستلازم كل التفاتة نلتفتها لدجلة والفرات؛ حيث يصبح الاستثمار ودعم الجربا في سوريا مستحقاً حتى لا نراهن على «علاوي سوري»، فينتهي الأمر بوصول «مالكي سوري» لدمشق.
ولنا في سيدا والخطيب خير مثال؛ حيث تعمد بعض ثوار الفنادق تجاهل دور بعض دول الخليج، ومنها الكويت، التي كانت أول بلد في العالم يطرد سفيراً لنظام الأسد.
لقد تغيرت قواعد المعركة مع نظام الأسد عما كانت عليه حين بدء الثورة السورية، فالأسد باق لسنوات، كما تقول مصادر بريطانية، وهي مقاربة يمكن الجدل فيها وإقناع لندن بعدم التخلي عن خططها لتسليح المعارضة، بقي الأسد أو رحل. فتأمين السلاح للثوار ورد كأولوية في أجندة الشيخ الجربا، ودول الخليج بعلاقاتها الغربية العميقة وقدرتها المالية قادرة على تحقيق هذا البند في أجندة رئيس الائتلاف السوري، كما إن عليها الاستمرار في تجفيف منابع أقوى أنهار العنف الإيرانية في سوريا، وهو حزب الله اللبناني، الذي أدى دخوله الحرب لإعادة تعريف مجالات النفوذ الإيراني، إضافة إلى ضرورة تسليم السفارات السورية في دول الخليج لائتلاف المعارضة. حيث إن كل من ليس لديه خصومة مع البديهيات العقلية سيقول إننا في الخليج أولى من تركيا وإيران والعراق في الاستثمار الاستراتيجي في وصول رجل مثل الشيخ أحمد عاصي الجربا رئيساً للمعارضة السورية، فهو امتداد لمنظومة ثقافية واجتماعية لها جذور عميقة في بلادنا.