تتغير سياسة الدول حين تواجه تغييرات من أعلى بالانقلابات، أو بتغييرات من أسفل بتمرد الشارع، أو تغييرات من الجانب بخنجر الغزو الأجنبي المباغت. لكن طهران لم يسجل فيها شيء من هذا القبيل مؤخراً؛ فلماذا انهالت برقيات التهنئة من العواصم الخليجية في استدعاء خاطئ لردة الفعل المطلوبة. مستبشرة بالتغيير وكأن رئيس مجلس العموم البريطاني جون بركاو، حامل مطرقة أعرق ديمقراطية، هو من فاز بالانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة وليس الشيخ الدكتور حسن روحاني.
لقد نجح روحاني لنجاح مخطط آية الله العظمى السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية حين نزل جليلي، وخليليان، ورضائي، وقاليباف، وولايتي، وقد ألصق على ظهورهم لافتة تحمل ختم حكومة نظام الملالي «الأصولي»، فيما سمح لممثله في مجمع تشخيص مصلحة النظام حسن روحاني بالنزول وعلى ظهره ختم بكلمة «إصلاحي» حتى يفوز روحاني فيخفف ضغط الشعب على نظام الملالي. ففي فوز الإصلاحي امتصاص للغضب الشعبي الداخلي وتخفيف لحدة الاحتقان في الشارع الإيراني، لقد تقدم روحاني بقوة تثير الريبة وتتعدى مسوغ حاجة الشعب للإصلاحيين، فمنذ متى ونظام الملالي يتساهل مع الإصلاحيين وبرامجهم! ألم يفتك النظام نفسه ليس بالإصلاحيين فحسب، بل وبمن صوت لهم عام 2009!
لتفادي الوقوع في شرك الديمقراطية بالنسخة الإيرانية التي أوصلت روحاني نحتاج إلى طرح عقلاني نتتبع فيه سيرة الرجل وظروف وصوله للسلطة، وقد لاحظنا أن لكل طرف في جهات العالم الأربع نبذة شخصية عن روحاني، وفي الخليج لدينا واحدة أيضاً؛ فمن هو روحاني من منظور خليجي؟
- إن الرئيس الإيراني المنتخب، حسن روحاني، هو صورة من صور العنجهية الإيرانية تجاه دول الخليج وحقوقها المغتصبة، فقد قال عام 1994: «إن إيران ستقطع اليد التي ستمتد إلى الجزر الثلاث»، فهو ابن النظام الوفي، حيث لا يمكننا تجاوز أنه عضو في مجلس تشخيص مصلحة النظام منذ عام 1991، ورئيس مركز البحوث الاستراتيجية، أحد الأجهزة الاستشارية العليا للمرشد الأعلى، وهو عضو المجلس الأعلى للأمن القومي منذ عام 1989، وقد شغل منصب مستشار الأمن القومي الإيراني لمدة ستة عشر عاماً خلال إداراتي رفسنجاني وخاتمي، لذا فقد كان يتعامل تعاملاً مباشراً مع كل القضايا ذات الطبيعة الحساسة، بما تشمله من طموح نووي وخلايا نائمة وشبكات تجسس ومفجرات عدم الاستقرار في منطقة الخليج العربي، فهذا دور مستشار الأمن القومي ليس في إيران فحسب بل في كل دول العالم.
- لقد ولد برنامج إيران النووي الحديث الذي قض مضاجعنا في الخليج خلال إداراتي رفسنجاني وخاتمي، وكان روحاني كبير المفاوضين فيه مع الاتحاد الأوروبي، وكان يعاونه في ذلك فريق ضم علي أكبر ولايتي وكمال خرازي. فكيف يريد تسويق فكرة أن حكومته في الملف النووي لن تكون «حكومة مغامرين» كحكومة نجاد، وهو الذي خلق هذه «المغامرة» في وقت كان فيه نجاد مديراً لبلدية طهران ومعرفته بتفاصيل التعامل بالذرة بقدر معرفته بعدد نجوم المجرة!
- إن اختيار روحاني الإصلاحي هو رهان على غيبوبة المراقبين عما يجري في إيران، فهذا «الإصلاحي» هو من تبنى موقفاً مناهضاً للإصلاح عام 1999 بإعلانه أن من ألقي القبض عليهم في مظاهرات طلابية خرجت مناهضة لإغلاق إحدى الصحف الإصلاحية سيواجهون عقوبة الإعدام. فصفة الإصلاح لهذا الرجل وتأهيله لهذا المنصب تحيط به تساؤلات عدة. فلأنه أول من أطلق وصف الإمام على مؤسس الجمهورية قبل اندلاع الثورة إبان تشييع مصطفى الخميني، النجل الأكبر للإمام الراحل سجنه السافاك ثم غادر لفرنسا، وحين عاد الإمام آية الله الخميني كافأه بمناصب عسكرية لا يحلم بها خريج أرقى كليات القيادة والأركان المشتركة. وإذا كنا نعرف أن عجز العراقيين عن الحسم العسكري المبكر في الحرب العراقية - الإيرانية كان مرده تدخلات صدام القاتلة الذي لم يدخل حتى مدرسة تدريب للأغرار.
فنحن نعرف الآن سبب القصور الإيراني رغم حرفية قادتهم، فقد كان روحاني يشغل مناصب عليا في المؤسسة العسكرية الإيرانية؛ فقد شغل منصب عضو في مجلس الدفاع الأعلى أثناء الحرب مع العراق، وتقلّد منصب نائب قائد الحرب 1983 – 1985، وقائد الدفاع الجوي الإيراني 1986 – 1991، ونائب القائد العام للقوات المسلحة 1988 – 1989، بل إنه قلد نتيجة تدخلاته غير المبررة «ميدالية الفتح» و»ميدالية النصر» تقديراً لجهوده في الحرب.
فهل يكفي أن نستنكر على المبحرين في عالم الروحانيات الجديد من الخليجيين كيف انقادوا لنصف سطر من روحاني لأنه قال «أولوية قصوى لتحسين العلاقات مع دول الجوار»، رغم أن تلك كلمات لا تتواءم مع الظروف الجيوسياسية المتغيرة التي تخلقها طهران في سوريا مثلاً، ولا مع القراءات التي شكلت معجم روحاني المهني والسياسي.
ثم كيف تراجع التفكير العقلاني على حساب الروحانيات، ونسوا أن محمود أحمدي نجاد فعل ماهو أكثر حميمية من هذه الكلمات، فقد زار دول الخليج وحضر قمة قادة دول مجلس التعاون في الدوحة 2004، ووقف إلى جانب خادم الحرمين مستقبلاً رؤساء بعثات الحج 2012. ومع ذلك كان هو الرئيس نجاد بمناوراته وتجسسه وبتدخلاته السافرة في شؤوننا. فلا مكان لحسن النية وكرامة الاجتهاد في استشراف مستقبل رجل نعرف ماضيه كحسن روحاني، ففوزه يعني امتداد الزمن التعبوي للأزمة بين طهران والخليج كجزء مما بينها وبين المجتمع الدولي.
لقد نجح روحاني لنجاح مخطط آية الله العظمى السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية حين نزل جليلي، وخليليان، ورضائي، وقاليباف، وولايتي، وقد ألصق على ظهورهم لافتة تحمل ختم حكومة نظام الملالي «الأصولي»، فيما سمح لممثله في مجمع تشخيص مصلحة النظام حسن روحاني بالنزول وعلى ظهره ختم بكلمة «إصلاحي» حتى يفوز روحاني فيخفف ضغط الشعب على نظام الملالي. ففي فوز الإصلاحي امتصاص للغضب الشعبي الداخلي وتخفيف لحدة الاحتقان في الشارع الإيراني، لقد تقدم روحاني بقوة تثير الريبة وتتعدى مسوغ حاجة الشعب للإصلاحيين، فمنذ متى ونظام الملالي يتساهل مع الإصلاحيين وبرامجهم! ألم يفتك النظام نفسه ليس بالإصلاحيين فحسب، بل وبمن صوت لهم عام 2009!
لتفادي الوقوع في شرك الديمقراطية بالنسخة الإيرانية التي أوصلت روحاني نحتاج إلى طرح عقلاني نتتبع فيه سيرة الرجل وظروف وصوله للسلطة، وقد لاحظنا أن لكل طرف في جهات العالم الأربع نبذة شخصية عن روحاني، وفي الخليج لدينا واحدة أيضاً؛ فمن هو روحاني من منظور خليجي؟
- إن الرئيس الإيراني المنتخب، حسن روحاني، هو صورة من صور العنجهية الإيرانية تجاه دول الخليج وحقوقها المغتصبة، فقد قال عام 1994: «إن إيران ستقطع اليد التي ستمتد إلى الجزر الثلاث»، فهو ابن النظام الوفي، حيث لا يمكننا تجاوز أنه عضو في مجلس تشخيص مصلحة النظام منذ عام 1991، ورئيس مركز البحوث الاستراتيجية، أحد الأجهزة الاستشارية العليا للمرشد الأعلى، وهو عضو المجلس الأعلى للأمن القومي منذ عام 1989، وقد شغل منصب مستشار الأمن القومي الإيراني لمدة ستة عشر عاماً خلال إداراتي رفسنجاني وخاتمي، لذا فقد كان يتعامل تعاملاً مباشراً مع كل القضايا ذات الطبيعة الحساسة، بما تشمله من طموح نووي وخلايا نائمة وشبكات تجسس ومفجرات عدم الاستقرار في منطقة الخليج العربي، فهذا دور مستشار الأمن القومي ليس في إيران فحسب بل في كل دول العالم.
- لقد ولد برنامج إيران النووي الحديث الذي قض مضاجعنا في الخليج خلال إداراتي رفسنجاني وخاتمي، وكان روحاني كبير المفاوضين فيه مع الاتحاد الأوروبي، وكان يعاونه في ذلك فريق ضم علي أكبر ولايتي وكمال خرازي. فكيف يريد تسويق فكرة أن حكومته في الملف النووي لن تكون «حكومة مغامرين» كحكومة نجاد، وهو الذي خلق هذه «المغامرة» في وقت كان فيه نجاد مديراً لبلدية طهران ومعرفته بتفاصيل التعامل بالذرة بقدر معرفته بعدد نجوم المجرة!
- إن اختيار روحاني الإصلاحي هو رهان على غيبوبة المراقبين عما يجري في إيران، فهذا «الإصلاحي» هو من تبنى موقفاً مناهضاً للإصلاح عام 1999 بإعلانه أن من ألقي القبض عليهم في مظاهرات طلابية خرجت مناهضة لإغلاق إحدى الصحف الإصلاحية سيواجهون عقوبة الإعدام. فصفة الإصلاح لهذا الرجل وتأهيله لهذا المنصب تحيط به تساؤلات عدة. فلأنه أول من أطلق وصف الإمام على مؤسس الجمهورية قبل اندلاع الثورة إبان تشييع مصطفى الخميني، النجل الأكبر للإمام الراحل سجنه السافاك ثم غادر لفرنسا، وحين عاد الإمام آية الله الخميني كافأه بمناصب عسكرية لا يحلم بها خريج أرقى كليات القيادة والأركان المشتركة. وإذا كنا نعرف أن عجز العراقيين عن الحسم العسكري المبكر في الحرب العراقية - الإيرانية كان مرده تدخلات صدام القاتلة الذي لم يدخل حتى مدرسة تدريب للأغرار.
فنحن نعرف الآن سبب القصور الإيراني رغم حرفية قادتهم، فقد كان روحاني يشغل مناصب عليا في المؤسسة العسكرية الإيرانية؛ فقد شغل منصب عضو في مجلس الدفاع الأعلى أثناء الحرب مع العراق، وتقلّد منصب نائب قائد الحرب 1983 – 1985، وقائد الدفاع الجوي الإيراني 1986 – 1991، ونائب القائد العام للقوات المسلحة 1988 – 1989، بل إنه قلد نتيجة تدخلاته غير المبررة «ميدالية الفتح» و»ميدالية النصر» تقديراً لجهوده في الحرب.
فهل يكفي أن نستنكر على المبحرين في عالم الروحانيات الجديد من الخليجيين كيف انقادوا لنصف سطر من روحاني لأنه قال «أولوية قصوى لتحسين العلاقات مع دول الجوار»، رغم أن تلك كلمات لا تتواءم مع الظروف الجيوسياسية المتغيرة التي تخلقها طهران في سوريا مثلاً، ولا مع القراءات التي شكلت معجم روحاني المهني والسياسي.
ثم كيف تراجع التفكير العقلاني على حساب الروحانيات، ونسوا أن محمود أحمدي نجاد فعل ماهو أكثر حميمية من هذه الكلمات، فقد زار دول الخليج وحضر قمة قادة دول مجلس التعاون في الدوحة 2004، ووقف إلى جانب خادم الحرمين مستقبلاً رؤساء بعثات الحج 2012. ومع ذلك كان هو الرئيس نجاد بمناوراته وتجسسه وبتدخلاته السافرة في شؤوننا. فلا مكان لحسن النية وكرامة الاجتهاد في استشراف مستقبل رجل نعرف ماضيه كحسن روحاني، ففوزه يعني امتداد الزمن التعبوي للأزمة بين طهران والخليج كجزء مما بينها وبين المجتمع الدولي.