منذ أن توصلت تركيا إلى اتفاق مع حزب العمال الكردستاني يدعو إلى وقف الأعمال المسلحة من قبل الأكراد وانسحابهم إلى داخل أراضي كردستان العراق، ومن ثم انتخابهم قيادة جديدة تواكب المستجدات المنبثقة عن الاتفاق مع الحكومة التركية، منذ ذلك الحين والنظام الإيراني يعيش حالة تخوف من انعكاسات الاتفاق التركي - الكردي على حالة الأكراد في إقليم كردستان الإيراني. وما زاد في التخوف الإيراني هو إعلان أكراد سوريا عزمهم إجراء انتخابات لإدارة المناطق الواقعة تحت سيطرتهم (تحت عنوان الإدارة الذاتية)، وهذا بطبيعة الحال جرى وما زال يجري بتنسيق ومباركة من حكومة إقليم كردستان العراق بقيادة زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس الإقليم السيد مسعود بارزاني، الذي يرتبط بصداقة وثيقة مع تركيا، على العكس من منافسه رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني جلال الطالباني الذي تربطه علاقات متينة مع إيران، ويرتبط بتحالف استراتيجي مع الجماعات والأحزاب الشيعية العراقية الموالية لها.
إن ما تم بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني من اتفاق يحقق مكاسب حقيقية للأكراد مستقبلاً، وما يسعى له أكراد سورية من مكاسب في ظل غياب الحكومة المركزية، إلى جانب تزايد قوة حكومة إقليم كردستان العراق على الصعيد الإقليمي والدولي، جعل النظام الإيراني يفكر ملياً بانعكاسات هذه التطورات على وضع أكراد إيران، الذين ومنذ قرابة القرن وهم يخوضون نضالاً شرساً لانتزاع اعتراف رسمي من حكومة طهران المركزية بحقوقها القومية التي قدموا من أجلها تضحيات جسيمة في عهد نظام الشاه وعهد الجمهورية الخمينية. وكان أكراد إيران قد أقاموا أول جمهورية كردية عرفت باسم «جمهورية مهاباد»، ولكن تلك التجربة لم يكتب لها النجاح، حيث لم تعمر أكثر من سنة واحدة ثم تم إسقاطها بعد انسحاب الاتحاد السوفيتي من شمال وشمال غرب إيران عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية مباشرة، وذلك ضمن اتفاق أمريكي - بريطاني - سوفيتي.
منذ ذلك الحين والأكراد الإيرانيون يناضلون للحصول على حقوقهم الإنسانية والقومية والمذهبية تعرضوا خلالها إلى حملات قمع وإبادة شديدة، كانت أشدها خلال الأعوام الأولى من عمر الجمهورية الخمينية، حيث تم قصف المنتفضين الأكراد بقنابل النابالم المحرمة دولياً، وشهدت مدن وقرى كردية عديدة حملات إعدامات جماعية ذهب ضحيتها الآلاف من الأكراد.
كما تعرض العديد من القادة السياسيين والدينيين الأكراد في داخل إيران وخارجها إلى اغتيالات وتصفيات جسدية على يد جهاز المخابرات الإيرانية، كان من أبرزهم الزعيم الكردي البارز عبدالرحمن قاسملو وخليفته في زعامة الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني فاضل شرفكندي، كما جرى إعدام كل من الشيخ ناصر سبحاني مؤسس جمعية الدعوة والإصلاح، والشيح أحمد مفتي زاده والشيخ أحمد الربيعي من أبرز علماء الدين، إضافة إلى عشرات المثقفين والقادة الدينيين والسياسيين، ناهيك عن آلاف الأكراد الذين تم إعدامهم في السجون أو أثناء مطاردتهم في الجبال أو جراء قصف القرى والقصبات الكردية.
ورغم كل ما جرى لهم فقد بقي الأكراد مصرين على نيل حقوقهم، وقد زاد إصرارهم على مواصلة مطالبهم عقب تغيّر أوضاع أشقائهم الأكراد في العراق، وقد أصبحت آمالهم أكبر وإصرارهم يزداد أكثر بعد الانفتاح الذي حصل من قبل الحكومة التركية على مواطنيها الأكراد، وبعد أن أنجز أكراد سوريا حلم الإدارة الذاتية لمناطقهم. وهذا ما يجعل النظام الإيراني يعيش هاجس الرعب من احتمال قرب تغير الوضع في إقليم كردستان إيران، وهو إذا ما حصل، فإنه سوف لن يقف عند حدود الأكراد، بل من المؤكد أن هذه العدوى سوف تنتقل إلى كافة أقاليم ومناطق الشعوب والقوميات غير الفارسية، وعلى رأسها إقليم الأحواز العربي منبع الثروة الإيرانية، وعندها سوف يعيد التاريخ نفسه ليحل بجمهورية إيران الخمينية ما حل بإمبراطورية كسرى المجوسية.
{{ article.visit_count }}
إن ما تم بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني من اتفاق يحقق مكاسب حقيقية للأكراد مستقبلاً، وما يسعى له أكراد سورية من مكاسب في ظل غياب الحكومة المركزية، إلى جانب تزايد قوة حكومة إقليم كردستان العراق على الصعيد الإقليمي والدولي، جعل النظام الإيراني يفكر ملياً بانعكاسات هذه التطورات على وضع أكراد إيران، الذين ومنذ قرابة القرن وهم يخوضون نضالاً شرساً لانتزاع اعتراف رسمي من حكومة طهران المركزية بحقوقها القومية التي قدموا من أجلها تضحيات جسيمة في عهد نظام الشاه وعهد الجمهورية الخمينية. وكان أكراد إيران قد أقاموا أول جمهورية كردية عرفت باسم «جمهورية مهاباد»، ولكن تلك التجربة لم يكتب لها النجاح، حيث لم تعمر أكثر من سنة واحدة ثم تم إسقاطها بعد انسحاب الاتحاد السوفيتي من شمال وشمال غرب إيران عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية مباشرة، وذلك ضمن اتفاق أمريكي - بريطاني - سوفيتي.
منذ ذلك الحين والأكراد الإيرانيون يناضلون للحصول على حقوقهم الإنسانية والقومية والمذهبية تعرضوا خلالها إلى حملات قمع وإبادة شديدة، كانت أشدها خلال الأعوام الأولى من عمر الجمهورية الخمينية، حيث تم قصف المنتفضين الأكراد بقنابل النابالم المحرمة دولياً، وشهدت مدن وقرى كردية عديدة حملات إعدامات جماعية ذهب ضحيتها الآلاف من الأكراد.
كما تعرض العديد من القادة السياسيين والدينيين الأكراد في داخل إيران وخارجها إلى اغتيالات وتصفيات جسدية على يد جهاز المخابرات الإيرانية، كان من أبرزهم الزعيم الكردي البارز عبدالرحمن قاسملو وخليفته في زعامة الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني فاضل شرفكندي، كما جرى إعدام كل من الشيخ ناصر سبحاني مؤسس جمعية الدعوة والإصلاح، والشيح أحمد مفتي زاده والشيخ أحمد الربيعي من أبرز علماء الدين، إضافة إلى عشرات المثقفين والقادة الدينيين والسياسيين، ناهيك عن آلاف الأكراد الذين تم إعدامهم في السجون أو أثناء مطاردتهم في الجبال أو جراء قصف القرى والقصبات الكردية.
ورغم كل ما جرى لهم فقد بقي الأكراد مصرين على نيل حقوقهم، وقد زاد إصرارهم على مواصلة مطالبهم عقب تغيّر أوضاع أشقائهم الأكراد في العراق، وقد أصبحت آمالهم أكبر وإصرارهم يزداد أكثر بعد الانفتاح الذي حصل من قبل الحكومة التركية على مواطنيها الأكراد، وبعد أن أنجز أكراد سوريا حلم الإدارة الذاتية لمناطقهم. وهذا ما يجعل النظام الإيراني يعيش هاجس الرعب من احتمال قرب تغير الوضع في إقليم كردستان إيران، وهو إذا ما حصل، فإنه سوف لن يقف عند حدود الأكراد، بل من المؤكد أن هذه العدوى سوف تنتقل إلى كافة أقاليم ومناطق الشعوب والقوميات غير الفارسية، وعلى رأسها إقليم الأحواز العربي منبع الثروة الإيرانية، وعندها سوف يعيد التاريخ نفسه ليحل بجمهورية إيران الخمينية ما حل بإمبراطورية كسرى المجوسية.