أكثر ما يتطلع له الإنسان في هذه الحياة الفانية هو الشعور بالتقدير لما يقدمه من خدمات لمجتمعه أياً كان مجالها، خصوصاً بعد أن تجبره ظروف الحياة على الابتعاد عن الأنظار وإفساح المجال لجيل آخر يكمل المشوار.
وأكثر ما يغلق الإنسان المنغمس في مجالات العمل التطوعي هو النسيان بمجرد الابتعاد عن مجال عمله لظروف صحية أو حياتية أو حتى عندما ينتقل إلى رحمة الله تعالى.
من هنا تبرز أهمية استذكار أولئك النفر الذين وضعوا اللبنات الأولى وسط ظروف قاسية واجهوها بعزيمة وإصرار من دافع الولاء والانتماء سواء للوطن أو للمنطقة أو للعمل نفسه.
هذا ما كنت ألمسه من خلال الحفلات واللقاءات التكريمية التي تقام هنا وهناك وألمح في وجوه المكرمين علامات السعادة بغض النظر عن نوع الهدية أو المكافأة التي تقدم لهم بهذه المناسبة.
على الصعيد الرياضي لاحظت ردود الأفعال الإيجابية لدى جموع الرياضيين الذين يحضرون التجمع الرمضاني السنوي بمجلس بن هندي العامر، وكنت قد استشعرتها قبل عامين في حفل التكريم الأولمبي بفندف سوفوتيل الزلاق.
المشهد تكرر قبل بضع ليالٍ في مقر نادي الحالة، حين نظم النادي أمسية وفاء لعدد من عمالقة الرياضة والفن من المنتسبين لهذا الصرح الرياضي الوطني الكبير.
القائمة شملت مدربين وحكاماً ولاعبين وفنانين التقوا جميعهم تحت سقف واحد هو ذات السقف الذي انطلقت من تحته شهرتهم ونجوميتهم. من منا في مملكة البحرين من أبناء الجيل الستيني والسبعيني لا يعرف الإداري المخضرم محمد جاسم حمادة، ومن منا لا يعرف الحكم الدولي العالمي إبراهيم الدوي ورفاقه المرحوم عبدالغفار العلوي ومحمد عبدالرضا ومحمد خلقون ويوسف شريف وعيسى بحرين وأحمد سيف والمرحوم عيسى بحر والحكم المونديالي الشاب نواف شكرالله. من منا لا يعرف زعيم المدربين البحرينيين خليفة الزياني صاحب الإنجازات، ومن منا لا يعرف المدرب الوطني صانع النجوم إبراهيم أحمد ومدرب السلة عبدالله عيسى ومدرب الطاولة عبدالله الختال. من من البحرين لا يعرف تمساح الحالة ونجمها الكروي إبراهيم زويد، ومن منا لا يعرف عملاق الطائرة المرحوم أحمد صالح المرباطي، ومن منا لا يعرف صانع بطولات الأثقال وكمال الأجسام المرحوم يوسف فاضل، ومن منا لم يستمتع بفن إبراهيم البنكي وعبدالله ملك. طابور من العمالقة الذين يفتخرون بانتمائهم إلى حالة إبي ماهر، قبل أن يفتخر بهم النادي البرتقالي احتشدوا جميعهم أو من ينوب عنهم مساء الخميس بديوانية النادي في أمسية وفاء حالاوية تشرفت أن أكون أحد المدعوين لها، إلى جانب لفيف من رجالات الحالة الأوفياء، يتقدمهم الوجيهان جاسم مراد وعبدالله بوهندي وربان القلعة البرتقالية الحالاوي المخلص الغيور جاسم رشدان، ليستعيدوا جميعا أحلى الذكريات ويؤكدوا ولاءهم وانتماءهم إلى هذا الصرح رغم تفرقهم الذي فرضته عليهم ظروف الحياة. قمة الوفاء والإخلاص وقمة التلاحم وصدق الانتماء الذي تجسد بصورة واضحة في مشهد تكريم الحارس الحالاوي السابق سعد سالم شافاه الله لمدربه القدير خليفة الزياني في لمسة وفاء قلما تحدث في زمن الماديات الذي نعيشه!
تحية تقدير وإجلال لنادي الحالة ولمنظمي هذه الأمسية وفي مقدمتهم الحالاوي الأصيل أحمد بوحمود مايسترو ودينامو الأمسية التي نتمنى أن تعم في أنديتنا الوطنية الأخرى التي يحفل تاريخها برجالات تستحق من يوفيها حقها من التكريم.